* النسور: مجلس النواب أمام مسؤوليات كبيرة مع بدء دورته العادية
* الكيلاني: خلل تشريعي؛ وقرارات تضاعف معاناة المواطن
* عويدات: تدخُل الحكومة وسحب لائحة الأجور الجديدة؛ هو الحل الوحيد لحماية المواطن
نخبة بوست – شذى العودات
في خضم أزمة لائحة الأجور الطبية الجديدة، برزت تساؤلات عديدة حول دور الجهات المدافعة عن حقوق المواطنين ومدى تمثيلها لمصالحهم؛ فاللائحة التي وصفتها جهات عدة بأنها “تسعيرة مجحفة” تزيد من أعباء المواطن، فتحت الباب أمام انتقادات واسعة للجهات المشاركة في صياغتها.
وبينما تُظهر جهات كجمعية حماية المستهلك نفسها كحائط صد ضد هذه القرارات، برزت تساؤلات حول حيادية اللجنة التي ظهرت كممثل آخر لصوت المواطن “لجنة دافعي الفاتورة الطبية”، خاصة مع ارتباطها المباشر بشركات التأمين، الطرف الآخر في هذا النزاع.
في المقابل، يلقي الخبراء باللوم على خلل تشريعي أتاح لنقابة الأطباء صلاحيات منفردة لتحديد الأجور، في ظل غياب دور رقابي فعّال من وزارة الصحة.
ومع استمرار هذه الأزمة، يواجه المواطن الأردني تحديات يومية تتمثل في ارتفاع التكاليف الصحية بشكل كبير؛ ما يثقل كاهله في ظل أوضاع اقتصادية خانقة.
ووسط الجدل الراهن، يظل السؤال مفتوحًا: من يمثل صوت المواطن حقًا؟ وهل تستطيع الجهات المدافعة عن حقوق المواطن إعادة التوازن لمنظومة الرعاية الصحية بما يضمن العدالة للجميع؟
“حماية المستهلك” .. هل هي حصن المواطن في وجه تجاوزات قطاع التأمين الصحي؟
وفي هذا التطور الجديد لأزمة تسعيرة الأجور الطبية في الأردن، أصدرت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك بيانًا مشتركًا بالتعاون مع الاتحاد الأردني لشركات التأمين والجمعية الأردنية للتأمينات الصحية، أعربت فيه عن رفضها القاطع للتسعيرة الجديدة التي تم نشرها في الجريدة الرسمية بقرار من وزارة الصحة.
وأكد البيان أن هذه التسعيرة التي أعدتها نقابة الأطباء بموجب الصلاحيات الممنوحة لها بنظام الأجور الطبية تُعتبر “تسعيرة إذعان” تمثل عبئًا كبيرًا على المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد.
وأوضح البيان أن هذا القرار جاء نتيجة تنازل وزارة الصحة عن مسؤولياتها الدستورية والتشريعية في تحديد الأجور الطبية منذ نهاية الثمانينات، مما أفسح المجال لنقابة الأطباء للانفراد بوضع نظام أجور اعتبره الموقعون نظامًا احتكاريًا ينتهك حقوق المستهلكين. وجاء في البيان:
“نعبر نحن الموقعين أدناه من دافعي الفاتورة العلاجية عن رفضنا المطلق للتسعيرة المجحفة للأجور الطبية التي تم نشرها مؤخرًا في الجريدة الرسمية بقرار من وزارة الصحة والتي تم إعدادها من قبل نقابة الأطباء بموجب الصلاحيات الممنوحة لها. في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن، والتي يتعرض فيها المواطن لضغوط اقتصادية قاسية لا تمكنه حتى من تلبية احتياجاته الأساسية وعلى رأسها الخدمات الصحية، نؤكد أن هذا القرار يهدد استمرارية حياة المواطن ويثقل كاهله بعبء إضافي لا يمكن تحمله.”
وأشار البيان إلى أن التسعيرة الجديدة لا تراعي القدرات الاقتصادية للمواطنين، وتتناقض مع قوانين منع الاحتكار والمنافسة، بالإضافة إلى مخالفتها للمبادئ التوجيهية للمستهلك الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، والتي تعطي للمستهلك الحق في المشاركة بالقرارات التي تمس حياته اليومية، بما في ذلك الخدمات الصحية.
يُذكر أن هذه الأزمة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الأردنية، حيث تتزايد المطالبات بضرورة التوصل إلى حلول عاجلة تحمي حقوق المواطنين وتعيد التوازن إلى المنظومة الصحية.
لجنة دافعي الفاتورة الطبية .. تساؤلات حول تشكيلها وعلاقتها بشركات التأمين
وفي سياق الجدل الدائر حول لائحة الأجور الطبية الجديدة، نَشرت “نخبة بوست” خبرا أمس تناول تساؤلات جدية حول لجنة “دافعي الفاتورة الطبية”، التي برز اسمها في أعقاب تصاعد النقاشات حول التسعيرة.
ووفقا لما نشرت “نخبة بوست” فإن تشكيل اللجنة وهويتها يحيط بهما الغموض، حيث لم يُعلن عن الجهة التي قامت بتأسيسها أو الصفة الرسمية التي تخولها تمثيل المواطن الأردني في هذا الملف الحساس، كما ان هذه اللجنة ترتبط بشكل مباشر بشركات التأمين، التي تُعد طرفاً أساسياً في النزاع حول لائحة الأجور الطبية.
هذه العلاقة أثارت استغراب العديد من الأطراف، خصوصاً أن اللجنة تقدمت بمطالب تعكس مصالح شركات التأمين، مما يطرح تساؤلات حول مدى حياديتها وقدرتها على تمثيل مصلحة المستهلكين بشكل فعلي؛ ولقراءة الخبر كاملا انقر هنا
النسور: مجلس النواب أمام مسؤوليات كبيرة مع بدء دورته العادية
وفي هذا الصدد، أكد المحامي الدكتور حازم النسور، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، أن مجلس النواب الجديد أمامه مسؤوليات كبيرة تستوجب العمل الجاد لخدمة قضايا المواطن.
وأضاف النسور أن هناك ملفات ساخنة تنتظر معالجة فورية، وعلى رأسها ملف الأجور الذي بات يمثل أولوية قصوى في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
وأوضح بأن لجنة العمل النيابية يجب أن تتحرك سريعاً بعد اختيار أعضائها لبحث هذا الملف ووضع حلول حقيقية.
وأشار النسور إلى ضعف دور جمعية حماية المستهلك، مشيراً إلى أن الجمعية لم يعد لها وجود مؤثر، ولم يرَ لها أي تحرك ملموس منذ سنوات.
وشدد النسور على أهمية الدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تتطلب جهداً مضاعفاً لمواجهة التحديات.
وبيّن بأن الحل لمهذه المشكلة تحتاج إلى مجلس نواب، وبأن يكون صوت المواطن الحقيقي، مجلس يضع مصلحة المواطن فوق أي اعتبار.
كما لفت النسور إلى أن ملفات أخرى بحاجة إلى اهتمام عاجل من المجلس، مثل الصحة والتعليم وقضايا العمل.
وتطرق إلى أن الوقت ليس في صالح أي مواطن، وعلى المجلس أن يبدأ العمل بشكل فوري مع انطلاق الدورة العادية لتلبية متطلبات المواطنين وحل القضايا العالقة.
وأكد أن مجلس النواب يجب أن يثبت جديته في التعامل مع القضايا التي تمس المواطن بشكل مباشر.
واختتم النسور حديثه بالدعوة إلى تحرك سريع وفعّال من المجلس قائلاً: “المسؤولية كبيرة، والملفات كثيرة. نأمل أن نرى خطوات ملموسة تخدم المصلحة العامة وتعزز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة”.
الكيلاني: خلل تشريعي؛ وقرارات تضاعف معاناة المواطن
وفي نفس السياق ، أكد رئيس اللجنة الصحية في جمعية حماية المستهلك، الدكتور عبد الفتاح الكيلاني،في تصريح خاص لـ“نخبة بوست“، وجود خلل تشريعي أساسي يمنح أحد أطراف العملية الصحية صلاحيات واسعة تؤدي إلى تحميل المواطن أعباءً إضافية.
وأضاف الكيلاني أن هذا الخلل التشريعي تتحمل مسؤوليته الجهات التي صاغت التشريعات الحالية، والتي لا تزال تسمح بهذا الوضع. وشدد على أن بقاء الصلاحية بيد نقابة الأطباء يفتح المجال أمام تحقيق مصالح فردية بدلاً من مراعاة مصالح المواطنين، حيث تميل أي جهة تمتلك القوة والصلاحية للانحياز إلى نفسها.
و أوضح أن الضرر الأساسي يقع على عاتق المواطن الذي يدفع ثمن ارتفاع تكاليف العلاج؛ مشيراً إلى أن شركات التأمين ليست سوى وسيط ينقل الكلفة إلى المواطن بعد إضافة أرباحها، مما يجعلها جزءاً من المشكلة، لكن ليس السبب الرئيسي.
وتابع الكيلاني قائلاً إن تسعيرة العلاج الحالية مبالغ فيها منذ البداية، والمواطن يدفع أكثر مما يجب منذ سنوات طويلة.
وأكمل بأن ارتفاع التكاليف بنسبة كبيرة يزيد من معاناة المواطنين الذين يعانون أصلاً من تراجع الدخول، خاصة بعد جائحة كورونا التي أدت إلى فقدان العديد من الوظائف أو تخفيض الرواتب.
وشدد الكيلاني على ضرورة أن تستعيد الدولة دورها في إدارة العلاقة بين مقدمي الخدمات الصحية ومتلقيها. وأكد أن ترك الصلاحية بيد النقابة يعمق المشكلات.
وأكد الكيلاني أن الحل يكمن في إعادة الصلاحيات للدولة ضمن إطار رقابي يضم كافة الأطراف ذات العلاقة.
وأشار إلى أن استمرار الوضع الحالي سيبقي المشكلة قائمة، حيث تتكرر الأزمات كلما قررت جهة زيادة الأسعار دون دراسة أو إشراك جميع الأطراف في صنع القرار.
و انتقد الكيلاني القرار الأخير برفع تكاليف العلاج بنسبة كبيرة، معتبراً أنه قرار يفتقر للعدالة؛ موضحاً بأن رفع التكاليف بنسبة 20% يتجاوز قدرة المواطن، ويضاعف من الأعباء التي يتحملها في ظل عدم وجود أي تعويض عن التضخم أو تحسين في مستوى الدخل.
وختم الكيلاني تصريحاته بتأكيد الحاجة إلى حلول عادلة ومدروسة توازن بين حقوق مقدمي الخدمات واحتياجات المواطنين، مع ضرورة تدخل الدولة لضمان تحقيق العدالة ومنع تفاقم الأزمات.
عويدات: تدخل الحكومة وسحب لائحة الأجور الجديدة؛ هو الحل الوحيد لحماية المواطن
وفي الإطار ذاته، أكد المحامي رائد عويدات ، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، أن حماية المواطن الأردني في ظل أزمة الأجور الطبية الجديدة تعتمد بشكل أساسي على تدخل وزير الصحة بسحب النظام الحالي وإعادة دراسته بشكل عاجل.
وأوضح أن حماية المستهلك وفقًا للقانون تشمل كل من يتلقى خدمة، مشددًا على أن العلاقة بين الطبيب والمواطن هي علاقة مقدم خدمة بمستهلك، مما يجعل المواطن يستحق حماية قانونية تضمن حقوقه في تلقي الخدمة بشكل عادل ومنصف.
واستكمل بأن شركات التأمين لديها أرصدة، والمواطن الذي اشترك ودفع اشتراكاته لا يتحمل مسؤولية هذه الفجوة، لكن النقابة الآن دفعت هذه الشركات للجوء إلى جيب المواطن لتغطية الفارق.
وأشار إلى أن شركات التأمين قد ترفض التعامل مع لائحة الأجور الجديدة وتتمسك بالعقود المبرمة وفق التسعيرات السابقة.
وأضاف بأن شركات التأمين قد تلجأ إلى التعاقد مع أطباء خارج مظلة التعاقدات الحالية إذا رفض الأطباء الالتزام باللائحة الجديدة.
وتطرق إلى أن المواطن سيكون الضحية الأولى لهذه التحولات، حيث قد يجد نفسه أمام خيارات محدودة وأطباء أقل كفاءة نتيجة لهذه السياسات؛ مشيراً إلى أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر دون تدخل مباشر من الحكومة، والحل الوحيد يكمن في تدخل رئيس الوزراء، كما حدث في مواقف سابقة، لسحب لائحة الأجور المنشورة في الجريدة الرسمية.
وتابع عويدات بأن الحل يتمثل في إعادة تقييم اللائحة بالتنسيق مع البنك المركزي ودراسة معدلات التضخم في البلاد لتحديد أسعار جديدة تتوافق مع الوضع الاقتصادي الحالي.
واختتم عويدات تصريحه بالتأكيد على ضرورة التحرك الفوري لضمان عدم تعميق الأزمة، مشددًا على أن مسؤولية الحكومة هي حماية المواطن وضمان حصوله على خدمات صحية تتناسب مع قدراته الاقتصادية ودون المساس بجودة الخدمات المقدمة.
الأجور الطبية الجديدة؛ معركة مفتوحة بين المواطن ومصالح الأطراف المتنازعة
تُظهر أزمة الأجور الطبية الجديدة تعقيد المشهد الصحي في الأردن، حيث تتشابك مصالح الجهات المختلفة بين شركات التأمين، النقابات المهنية، والمستهلكين؛ ومع استمرار غياب التشريعات التي تحقق التوازن بين هذه الأطراف، يظل المواطن هو المتضرر الأكبر.
ومع دعوات متزايدة لإعادة النظر في التشريعات وتنظيم الأدوار؛ تبقى الحاجة ملحة لتحرك فوري يضع مصلحة المواطن في صلب عملية الإصلاح لضمان منظومة صحية أكثر عدالة واستدامة.