نخبة بوست – خالد العجارمة
علمت “الرأي” أن هناك خمسة قضايا كبرى تنظرها المحاكم المتخصصة بقضايا الفساد بحق خمس نقابات متهمة بالعديد من التهم بالاختلاسات التي تبلغ ملايين الدنانير.
وحذر نقيب عمالي سابق من خطورة بقاء هذه النقابات بدون رقابة ديوان المحاسبة ووزارة العمل، وتغيير التشريعات لتكون دورة أو دورتين أسوة بالنقابات المهنية، موضحًا بأن هذه التهم الموجهة لرئيس الاتحاد العام وبقية النقابات العمالية المتهمة الأخرى هي في غاية الخطورة في حال بقيت النقابات على حالها، والتي تحول البعض منها إلى نقابات عائلية ورئاستها لعشرات السنين دون تغيير أو محاسبة.
وعلمت “الرأي” أن قضية كبرى تتعلق بنقابة مقاولين سابقة محولة إلى مدعي عام الفساد، والتي يبلغ عدد ملفاتها قرابة 50 ملفًا، وفيها تسعة متهمين بما فيهم النقيب ونائبه وسبعة أعضاء، والتي انتخبت عام 2018.
وتسود هذه النقابة العديد من الشكاوى والاختلالات الإدارية والمالية والاستقالات الفجائية، سواء في النقابات السابقة أو النقابة الحالية منذ سنوات، حيث كان التقرير السنوي لنقابة سابقة يحتوي على العديد من المطالبات المالية والاختلالات الإدارية والمالية، وعليها مطالبات مالية كبيرة من شركات مقاولات وموظفين بأكثر من 180 ألف دينار.
وكان نقيب سابق متهم قد تم توقيفه في قضية إحدى العطاءات، إلا أن القضاء قد حكم عليه بعدم المسؤولية.
وبحسب ما علمت “الرأي” أن مخالفات بالجملة إدارية ومالية ارتكبها المجلس المتهم بمبالغ مالية كبيرة، حيث من المنتظر حال انتهاء التحقيق أن يتم تحويل الملف أو عدم تحويله في حال انتهى تحقيق المدعي العام للقضية التي يبذل جهودًا جبارة لتحقيق عدالة التحقيق فيها قانونيًا.
وفي سياق متصل، ويتعلق بإحدى النقابات، فقد علمت “الرأي” من مصادر موثوقة بالحجز على أموال نقيب “عمالي تعليمي خاص” المنقولة وغير المنقولة، وبصورة عاجلة.
وبينت المعلومات أن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد تنظر في قضية فساد بحق النقيب المتهم، حيث تم الحجز على منزله ومزارعه وأملاكه وأمواله الخاصة، ومنعه من السفر في قضية تتعلق بالفساد، حيث أن النقيب الحالي يشغل هذه النقابة منذ قرابة 30 عامًا.
وتنظر المحاكم المتخصصة بالفساد في خمسة قضايا تتعلق بالنقابات، ومنها نقابة العاملين في البلديات، حيث تم توقيف النقيب وثلاثة عاملين في النقابة منذ أشهر ولغاية الآن وهم متهمون بأكثر من 17 تهمة موجهة لهم، إضافة إلى نقابة العاملين في المدارس الخاصة وتوقيف النقيب المسؤول عنها، ومنعه من السفر، والحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، ونقابة أصحاب المدارس العمالية والتعليمية “الخاصة”، ونقابة المقاولين، ورئيس الاتحاد العام للعمال في الأردن.
قضايا الفساد الكبرى في خمس نقابات عمالية والاتهامات الخطيرة أخذت تثير العديد من التساؤلات حول احتكار النقابات لأشخاص محددين ولعشرات السنين دون تغيير، وغياب الرقابة المالية والإدارية، لنسمع عن قضايا فساد بالملايين بعد عشرات السنين، وتوريث المناصب والنقابات، حتى تحولت بعض النقابات إلى نقابات عائلية، بحسب نقيب عمالي سابق الدكتور هشام المصري.
وقال المصري، وهو رئيس لنقابة العاملين في الطباعة والتصوير الورقي سابقًا، وتعقيبًا على تحويل هذه النقابات الخمسة للفساد، إن هناك تكلسًا في الإدارات النقابية العمالية التي تأسست عام 1954، والتي يبلغ عددها 17 نقابة عمالية، والتي تأسست قبل 70 عامًا، مبينًا أن هذه النقابات الممثلة للعمال تعمل وفق نظام خاص يتعلق بكل نقابة، وكلها تابعه تعمل تحت مظلة الاتحاد العام للنقابات العمالية.
وأضاف المصري أن سبب الفساد الأول في النقابات المتهمة بالفساد والمحولة للقضاء يعود إلى غياب ديوان المحاسبة عن هذه النقابات، والتي يجب إشراكه فورًا قبل ضياع الملايين من أموال النقابات، وغياب الرقابة الإدارية والمالية، وعدم تغيير التشريعات العقيمة التي أبقت كل رؤساء النقابات العمالية على رأس عملهم منذ عشرات السنوات دون تغيير، حتى تحوّل البعض منها إلى نقابات عائلية وتوريثية.
وبين المصري أن من هذه النقابات تفتقر لخبرة إدارة المال وغياب الخبراء المحاسبين والرقابة، وأسس الصرف الدقيق بالتفاصيل، وهذا غير موجود للأسف. بل إن هناك من لا يزال يعمل محاسبًا دفتريًا، مما يعرض الأموال للضياع، عوضًا عن إيجاد آلية محاسبية إلكترونية أسوة بالدوائر الحكومية، وتعيين رقيب مالي داخلي وممثل عن ديوان المحاسبة.
وأضاف أنه على وزارة العمل تغيير التشريعات أسوة بالنقابات المهنية، وأن يكون المجلس فقط لدورة واحدة أو دورتين على أبعد تقدير، حتى يتم تجديد الحياة والدماء والرقابة والطموح العمالي المهني في النقابة.
وأضاف أيضًا: “أن كل الانتخابات التي تجري حاليًا في غالبية النقابات العمالية والاتحاد العام هي الفوز بالتزكية من خلال العلاقات والمصالح الخاصة، للأسف، وهذا ما رسخ بقاء النقباء والمجالس لعشرات السنين. ولولا الصدف والشكاوى الداخلية، وقوة ونزاهة هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في ملاحقة هذه المخالفات الجسيمة والشكاوى، لبقي الفساد لسنين طويلة، والتي شكلت مخالفات مؤسفة بحق هذه النقابات.
وبين المصري أن غياب ديوان المحاسبة عن النقابات قد تسبب في هدر أموال النقابات، إما لجهل الرؤساء بالأمور المالية والإدارية، أو ارتكابهم متعمدًا لهذه المخالفات، موضحًا أن هناك أعضاء في النقابات العمالية لا تمت لهم صلة بالنقابة التي يمثلونها.
وأضاف المصري أنه منذ 72 عامًا لم يُسمح بتشكيل أي نقابة عمالية أو غير عمالية، بالرغم من أن الدستور يسمح بتشكيل النقابات والجمعيات والأحزاب، ليأتي رد الاتحاد العام بأن هذه الأحزاب كافية وتغطي كافة قطاعات العمال في الأردن، مبينًا أنه منذ عام 2010 ظهرت العديد من الأعمال التي تتطلب إنشاء نقابات عمالية، مثل العاملين الفنيين في المختبرات وعددهم عشرات الآلاف، والعاملين في تنمية الموارد البشرية وغيرها من القطاعات الأخرى التي يجب السماح لهم بفتح نقابات عمالية جديدة.
وبين المصري أن قرار مدعي عام النزاهة ومكافحة الفساد كف يد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن عن إدارة الاتحاد، إضافة إلى كف يده كرئيس للنقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص، والحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، ومنعه من السفر. والاتهامات الكبرى هي كارثة عمالية غير مسبوقة، إضافة إلى قرار توقيف رئيس النقابة العامة للعاملين في البلديات “نجل رئيس الاتحاد” وأمين الصندوق فيها كونهم المفوضين بالصرف، إضافة إلى توقيف اثنين من ضباط الارتباط اللذين أفرزتهما أمانة عمان الكبرى ليكونا من ضمن لجنة إدارة صندوق الخدمات الاجتماعية التابع لنقابة البلديات، والحجز على أموالهم ومنعهم من السفر. هذه القضايا تتطلب من كل الجهات الحكومية المعنية، فورًا، اتخاذ إجراءات تشريعية ورقابية جديدة لا يمكن تأجيلها أو السكوت عنها.
وفي تفاصيل القضيتين، بين الموقع الإلكتروني لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد أن القضية التي سبق أن أحالتها الهيئة إلى النيابة العامة في وقت سابق بعد انتدابها مدقق حسابات لهذه الغاية “أن هناك تجاوزات مالية بلغت أربعة ملايين و282 ألف دينار، بالإضافة إلى تجاوزات إدارية وقانونية استدعت إحالتها إلى القضاء. وتبين أيضًا أن التحقيقات أثبتت أن الموقوفين، ورئيس لجنة الخدمات الاجتماعية /رئيس الاتحاد، أنفقوا المبلغ المشار إليه أعلاه دون وجه حق ولغايات لا تتوافق مع أهداف وغايات صندوق الخدمات الاجتماعية، وإنما تم الاستيلاء عليها لحساباتهم الشخصية.
مدعي عام النزاهة ومكافحة الفساد وجه للموقوفين تهم جناية استثمار الوظيفة، وجناية الاختلاس، وجناية الاختلاس بالتزوير، وجناية تزوير انتخابات الهيئة الإدارية لنقابة البلديات، وجناية تزوير محاضر الهيئة الإدارية، فيما لم يتخذ قرارًا بتوقيف رئيس الاتحاد نظرًا لكبر سنه ومرضه حسب تقارير طبية معتمدة قدمت للادعاء العام.”