نخبة بوست – جاء خطاب العرش السامي مؤكداً على التمسك بمواقف الأردن الثابتة في نصرة الفلسطينيين وحماية مقدساتهم وتراث الوصاية الهاشمية، كما أكد الخطاب على أهمية تحسين حياة الأردنيين من خلال تنفيذ خطة التحديث الاقتصادي وتطوير القطاع العام.
وفي رسالة اعتبرها الأهم محليا قال جلالة الملك ” نحن دولة راسخة الهوية، ولا نغامر في مستقبلنا”، وتهدف هذه الرسالة في فهمي إلى طمأنة البعض أن مواقف الدولة، خاصة الخارجية، مبنية على أسس مدروسة وليست نتيجة فكر مغامر! ،ولعل هذه الرسالة تساهم في تهدئة النفوس المذعورة من عدم تقدير الدولة لمواقفها على الساحة الدولية ، ذلك الرعب الذي قد يؤدي إلى بلبلة داخلية نحن في غنى عنها.
كما أكد الخطاب على المضي قدماً في التحديث السياسي نحو مجلس نواب قائم على أحزاب برامجية تركز على المرأة والشباب ، و يعكس ذلك إرادة جلالة الملك في تطوير المشاركة السياسية للمواطن على أساس رابطة المواطنة والأحزاب البرامجية وتفعيل دور مجلس النواب في رقابة الحكومة ومؤسسات القطاع العام الكفؤة.
على صعيد آخر فاز حزب الميثاق برئاسة مجلس النواب بأغلبية 98 صوتًا، ورأى بعض المراقبين أنها كتلة لعزل الإخوان وتأييد الحكومة.وحصل الأستاذ العرموطي مرشح كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي الذي نال نحو 30 ألف صوت في الانتخابات الأخيرة، على ستة أصوات خارج كتلته في البرلمان، مما قد يؤشر إلى بعض الدعم غير المتوقع للجبهة من خارج كتلتها في البرلمان،
وقد استوقفني في خطاب الأستاذ العرموطي لتهنئة الرئيس الفائز إعلانه عن هدنة بين حزب الجبهة والرئيس المنتخب، والأهم من ذلك بين الجبهة والحكومة. كما أعلن أن حزب الجبهة يمد ذراعيه للتعاون مع الحكومة، داعيًا إياها إلى مبادلة الجبهة بذات التوجه.
يبقى السؤال: هل هذه الهدنة تعبير وإقرار بهزيمة وعزلة كتلة جبهة العمل الإسلامي، والتي ظهرت بوضوح في التصويت على انتخاب الرئيس؟ أم انها استراتيجية جديدة تقدمها الجبهة ضمن تقييمها لمعطيات الوضع الجيوسياسي الذي يحيط بالأردن وخاصة بعد فوز ترامب؟
تدعو جبهة العمل الإسلامي بوضوحٍ لإجراء حوار وطني، كما تدعو علنا وضمنا إلى “التوافق” على خطة عملٍ مستقبلي ، ولكن سلوك الجبهة ومواقفها في الشارع، وفي الحياة العامة والاجتماعية والثقافية يجعل هذه الدعوة من الجبهة وكأنها تقول: تعالوا نتحاور لتتخذوا مواقف مطابقة لمواقفنا، تفضلوا – بقراركم الحر- وانضووا تحت لوائنا، مستغلة إلى حد بعيد شعار تأييد المقاومة، والذي -بالمناسبة- لا تحتكره وحدها؛ فالأردنيون جميعهم تقريبا يؤيدون المقاومة باعتبارها الطريق الوحيد لتصدي للمشروع الصهيوني الذي يستهدف فلسطين والأردن.
بين الجبهة وكثير من مكونات المجتمع السياسي والاجتماعي والثقافي كثير من عدم الثقة، مما يعوق فهم مواقفها ويخلق جدراناً بينها وبين قطاعات مهمة من المواطنين والدولة.لذا يجب على الجبهة والطرف الآخر العمل المستمر على مشروع للفهم المتبادل والتواصل، ليس شرطًا الاتفاق على كل القرارات، بل المهم هو توافق على القيم العليا ومبادئ العمل السياسي ، و خدمة الوطن والدستور وتقبل الاخر وهو ما يعتبر عنصرًا مهمًا للنماء السياسي والحزبي.
آمل ألا يتمسك مجلس النواب باستراتيجية عزل الجبهة كما ظهر في انتخاب رئيس المجلس، وأرجو أن يتفق النواب على انسجام سلوكهم وتصويتهم في البرلمان مع مصلحة الوطن وجودا وعدما ..
أفضل مكان لبدء حوار وطني مستحق وضروري بين جميع الأطراف هو أروقة البرلمان، خاصة في ظل تحديات وجودية تواجه الأردن، مما يتطلب أداء حكومياً وبرلمانياً مختلفاً. . فإننا جميعا بحاجة إلى بدء حوار وطني اليوم اليوم وليس غدا جنابك.