نخبة بوست – دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة جديدة من التصعيد الخطير بعد أن قامت أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى حصلت عليها من الولايات المتحدة وبريطانيا لضرب أهداف داخل العمق الروسي.
وفي المقابل، أعلنت موسكو عن تعديل عقيدتها النووية، مما يمنحها المجال لاستخدام ترسانتها النووية في حالة وقوع هجوم كبير بأسلحة تقليدية على أراضيها.
وفي ظل تصاعد التوترات، أغلقت الولايات المتحدة الأربعاء سفارتها في العاصمة الأوكرانية كييف، مطالبة جميع العاملين فيها باللجوء إلى الملاجئ فور سماع صافرات الإنذار.
أتى هذا الإجراء في ظل مخاوف من هجوم روسي كبير قد يستهدف العاصمة الأوكرانية، أو مبانٍ أميركية كرد فعل على قرار واشنطن بالسماح لكييف باستخدام صواريخ “أتاكمز” لضرب أهداف روسية.
تحليل أميركي: قرار بايدن في نهاية رئاسته يهدد بتصعيد الحرب
وفي تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنتريست الأميركية، أبدى دانيال إل. ديفيز، الخبير العسكري والزميل في مؤسسة أولويات الدفاع، استغرابه من توقيت القرار الأميركي بالسماح باستخدام صواريخ بعيدة المدى.
وأشار إلى أن هذا الإجراء، الذي يأتي في مرحلة متأخرة من الحرب وفي نهاية فترة رئاسة بايدن، يحمل مخاطر جسيمة لتصعيد الصراع، معتبراً أن القرار يمثل خطراً غير ضروري على الولايات المتحدة ويزيد من احتمالات هزيمة أوكرانيا بدلاً من مساعدتها على تحقيق أي تقدم عسكري ملموس.
وأضاف ديفيز أن هذا القرار يعكس تجاهلاً للحقائق العسكرية الواضحة، التي تشير إلى أن أوكرانيا لا تملك فرصة حقيقية لتحقيق انتصار ميداني حاسم.
وأوضح أن استمرار تقديم دعم عسكري متقدم لكييف يعرض الجنود الأوكرانيين لمزيد من الخسائر البشرية دون فائدة استراتيجية تذكر.
وعلى الجانب الآخر، أشادت شخصيات بارزة في واشنطن بقرار بايدن. فقد أعرب الجنرالات السابقون جاك كين، باري ماكافري، وويسلي كلارك عن دعمهم لتزويد أوكرانيا بصواريخ “أتاكمز”، منتقدين ما وصفوه بالقيود المفرطة التي فرضتها الولايات المتحدة على استخدام هذه الصواريخ.
وفي المقابل، رأى ديفيز أن هؤلاء الجنرالات قدموا نصائح وصفها بـ”الكارثية” على مدار الحرب، محذرين الحكومات الغربية من التراجع، في حين كانت الحقائق الميدانية تشير إلى فشل الهجمات الأوكرانية.
وأشار ديفيز إلى أن الجنرال ديفيد بترايوس كان قد ادعى في سبتمبر الماضي أن القوات الأوكرانية قادرة على تحقيق “انهيار” في الدفاعات الروسية، إلا أن ديفيز أكد، بناءً على تحليلاته العسكرية، أن هذه التوقعات كانت غير واقعية، معتبراً أن الهجوم الأوكراني في صيف 2023 قد فشل بشكل واضح.
وفي يوليو 2023، دعا ديفيز في مقال نُشر له إلى تسوية تفاوضية تضمن أكبر قدر ممكن من الحرية والأراضي لأوكرانيا، معتبراً أن إنهاء الحرب في تلك المرحلة كان سيمنع استمرار الخسائر البشرية الضخمة.
وأضاف أن تجاهل الدعوات للتفاوض أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الجنود الأوكرانيين، الذين كان يمكن أن يساهموا في إعادة بناء بلادهم بعد انتهاء الحرب.
وأوضح أن دعم الجنرالات الأميركيين لاستمرار القتال يعكس تجاهلاً للحقائق العسكرية، ما يزيد من الكلفة البشرية والاقتصادية لهذه الحرب، محذراً من أن منح أوكرانيا المزيد من الأسلحة المتقدمة لن يغير من ديناميكية المعركة.
مخاطر التصعيد الدولي
وحذرت روسيا من أن إدخال صواريخ أميركية أو غربية بعيدة المدى في الحرب يمثل تدخلاً مباشراً للغرب ضدها، ما يدفعها للرد بشكل حاسم. وأشارت تقارير إخبارية إلى أن استخدام صواريخ “أتاكمز” الأميركية بالفعل قد يكون سبباً وراء قرار الولايات المتحدة إخلاء سفارتها في كييف أمس، خوفاً من تنفيذ روسيا تهديداتها واستهداف مصالح أميركية.
وأكد ديفيز أن استخدام أوكرانيا للصواريخ الأميركية يمثل مجازفة كبيرة قد تجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع روسيا، مما يزيد من احتمالية توسع الحرب لتشمل أطرافاً دولية أخرى.
ورغم أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب فاز في الانتخابات الأخيرة بفضل وعوده بإنهاء الحرب، فإن هذه القرارات الأخيرة لإدارة بايدن قد تعقد أي جهود مستقبلية لتحقيق السلام.
نهاية غامضة.. بين الواقع العسكري والمخاطر السياسية
خلص ديفيز إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية قد وصلت إلى مرحلة حرجة، حيث لم يعد الدعم العسكري الغربي قادراً على تغيير مسارها بشكل جوهري.
وبدلاً من تحقيق أي تقدم ميداني، يزيد هذا الدعم من احتمالات التصعيد الدولي وارتفاع الكلفة البشرية. وبينما يرى أن الحل الوحيد يكمن في السعي إلى تسوية تفاوضية، فإن تجاهل الحقائق الحالية قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على أوكرانيا والغرب على حد سواء.