نخبة بوست – كتب: د. بشير الدعجة
تأتي حادثة الاعتداء على دورية الأمن العام في منطقة الرابية بالعاصمة عمان كحدث أمني بالغ الخطورة، خاصة في توقيته الحساس الذي يتزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية وزيادة الضغوط على المملكة في ملفات سياسية وأمنية عدة…
هذا التحليل يهدف إلى تفكيك أبعاد الحادثة، ودراسة دوافعها المحتملة، وربطها بالسياق الإقليمي والمحلي.
أولًا: تفاصيل الحادثة وإطارها الأمني
الهجوم على دورية أمن عام هو عمل مباشر يستهدف هيبة الدولة وأجهزتها الأمنية والنيل من سمعتها ، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول هوية المنفذ ودوافعه… والاحتمالات المتاحة تشمل ما يلي:
- ذئب منفرد مدفوع بأيديولوجية متطرفة:
الأردن، كجزء من منظومة دولية وإقليمية تحارب الإرهاب بكافة اشكاله ، يظل مستهدفًا من قبل التنظيمات المتطرفة… الذئاب المنفردة، التي تتحرك دون أوامر مباشرة من تنظيم أو جهة معينة، تمثل تحديًا خاصًا للأجهزة الامن بسبب صعوبة التنبؤ بأفعالها… هذه الحالات غالبًا ما تكون نتاج فكر متطرف متأثر بالأزمات الإقليمية، خاصة مع تصاعد أعمال العنف في غزة والضفة الغربية وما ينتج عنها من تعبئة عاطفية. - عضو في خلية إرهابية نائمة:
وجود خلايا نائمة داخل الأردن ليس مستبعدًا، خاصة مع تزايد الضغوط على التنظيمات الإرهابية في دول الجوار مثل سوريا والعراق… هذه التنظيمات قد تلجأ إلى تنفيذ عمليات محدودة بواسطة خلاياها للتأثير على استقرار الأردن وإظهار قدرتها على التحرك داخل دول آمنة نسبيًا. - دوافع جنائية بحتة:
لا يمكن استبعاد أن يكون الحادث مرتبطًا بالجريمة التقليدية، التي قد تستغل حالة التوتر الإقليمي لتوسيع نشاطها… فتجارة المخدرات والتهريب عبر الحدود من أكثر التحديات الأمنية التي تواجه المملكة، خاصة مع تصاعد أنشطة بعض الميليشيات المدعومة إقليميًا. - أجندة إقليمية مدفوعة:
في ظل مواقف الأردن الصريحة ضد مشاريع التهجير في فلسطين ودعمه لقطاع غزة، قد تكون الحادثة مدفوعة من جهات خارجية أو ميليشيات إقليمية تسعى للضغط على المملكة أو زعزعة استقرارها… فالأردن كان دائمًا هدفًا لمحاولات ترهيب وضغط بسبب أدواره السياسية الإقليمية، خاصة موقفه الرافض لأي حل للقضية الفلسطينية لا يضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
ثانيًا: السياق الإقليمي وأثره على الحادثة…
تصاعد الأزمات الإقليمية
الأردن يقع في قلب إقليم يعج بالأزمات، منها:
- تصعيد الأوضاع في غزة: مواقف الأردن الداعمة للفلسطينيين والرافضة لمخططات التهجير تضعه في مواجهة ضمنية مع بعض القوى الدولية والإقليمية التي ترى في المملكة حجر عثرة أمام مخططاتها ومشاريعها.
- الأزمة السورية: الحدود الشمالية للأردن تشهد تحديات متزايدة مع تنامي نفوذ الميليشيات المرتبطة بإيران وحزب الله وميليشيات عراقية ومحاولاتها تهريب الأسلحة والمخدرات وزعزعة استقرار وأمن الاردن..
- عدم استقرار العراق: التهديدات الإرهابية العائدة من العراق لا تزال قائمة، خاصة مع استمرار نشاط الجماعات المتطرفة التي تبحث عن ملاذات جديدة لها.
الأردن كصمام أمان إقليمي..
الأردن يلعب دورًا استراتيجيًا كحاجز أمني لدول الخليج ، لذا فإن استهداف أمنه يمثل محاولة لإحداث خلل في منظومة الأمن الإقليمي… فالقوى المناوئة قد ترى في زعزعة استقراره فرصة لتوسيع نفوذها أو الضغط لتحقيق مكاسب سياسية.
ثالثًا: الاستجابة الأمنية ودلالاتها:
سرعة استجابة الأجهزة الأمنية للحادثة تعكس عدة أمور:
- الجاهزية العالية: الأجهزة الأمنية الأردنية معروفة بكفاءتها وفاعليتها وقدرتها على التصدي للتهديدات بسرعة وحزم، مما يرسل رسالة واضحة بأن أي محاولة للإضرار بأمن المملكة ستواجه برد فوري وقوي.
- التنسيق الفعّال بين الأجهزة: سرعة التعامل مع الحادثة تشير إلى وجود منظومة أمنية متكاملة تعتمد على رصد دقيق وتحليل مستمر للتهديدات وتنسيق عالي بين الاجهزة الأمنية…
- الردع الاستباقي: التعامل مع الحادثة بحزم يهدف أيضًا إلى ردع أي جهات أخرى قد تفكر في استهداف الأردن، سواء داخليًا أو خارجيًا.
رابعًا: دلالات الحادثة وتحذيرات للأطراف المعادية..
رسالة واضحة للداخل والخارج
الحادثة تؤكد أن الأردن مستهدف كجزء من ضغوط إقليمية ودولية، لكن الرد السريع يظهر أن المملكة لن تتهاون مع أي تهديد لأمنها.
- الداخل الأردني: الحادثة تبرز أهمية الوحدة الوطنية ودعم الأجهزة الأمنية في مواجهة التحديات والتهديدات .
- الخارج الإقليمي: الحادثة تُظهر أن محاولات زعزعة استقرار الأردن ستبوء بالفشل بفضل قوة مؤسساته الأمنية.
تحذير للقوى الإقليمية
محاولات الضغط على الأردن من خلال أدوات داخلية أو خلايا نائمة لن تنجح… فالمملكة كانت دائمًا قادرة على الصمود أمام هذه التحديات، سواء من خلال التعاون مع الحلفاء الدوليين أو عبر تعزيز أمنها الداخلي.
وللحديث بقية..