نخبة بوست – لم يسبق أن محكمة الجنايات الدولية ألقت القبض، أو الاحتجاز، على أي متهم من الرؤساء الذين سبق وصدرت مذكرات توقيف بحقهم ، لا الرئيس الروسي بوتن، ولا الرئيس السوداني عمر البشير، فالإجراء يتعلق بالبلدان الأعضاء من الموقعين على عضوية محكمة الجنايات وهم 124 دولة، لأن الرؤساء لا يذهبون إلا إلى بلدان صديقة لهم، وبالتالي لن يغدروا بضيفهم، وهم يزورون بلدانا متأكدين من موقفهم المتمثل بعدم تنفيذ تعليمات المحكمة.
ولذلك ليس متوقعاً توقيف أو احتجاز أو إلقاء القبض على نتنياهو.
الرئيس الروسي والرئيس السوداني لم يجدا من يقف معهما ولهذا كانت تحركاتهما محدودة متحفظة، على عكس نتنياهو الذي وجد الرئيس الأميركي ترامب وفريقه، يقفون معه، وهددوا باتخاذ إجراءات عقابية رادعة، للمدعي العام ولقضاة المحكمة، وهذا ما يُفسر تلكؤ المحكمة في إصدار مذكرة التوقيف، ولكن والحق يُقال، رغم التهديدات، والإشاعات، ومحاولات الإيذاء، والمس بسمعتهم، اتخذت المحكمة القرار بحق نتنياهو، والسؤال هل ستواصل المحكمة إجراءاتها بالمحاكمة غيابياً إذا أصر ورفض نتنياهو المثول أمام المحكمة؟؟
عدد من البلدان الأوروبية أعلنت الالتزام بتنفيذ قرار التوقيف وهذا استدلال هام، وتطور إيجابي يعكس موقف هؤلاء من الحرج الذي يسبببه نتنياهو لهم عبر مواصلة المذابح والقتل الجماعي والتطهير العرقي، وتدمير كافة المؤسسات المدنية في قطاع غزة: المدارس، المستشفيات، الجامعات، المساجد، الكنائس، بل ومساكن وبيوت المدنيين، بدون أي رادع أو تردد، عن مواصلة جرائم المستعمرة في ممارسة القتل الجماعي والتطهير العرقي، لإنهاء وتصفية الوجود البشري العربي الفلسطيني في وطنهم وعلى أرضهم ، أو تقليص عددهم.
وبصرف النظر عن تنفيذ أمر الاعتقال، أو عدمه، فقد حقق الشعب الفلسطيني إنجازاً جديداً لصالح مستقبله، ووقوع المستعمرة وقياداتها تحت سقف التعرية والعزلة والانكفاء، والمطاردة، على الطريق الطويل، طريق حرية فلسطين بشكل تدريجي متعدد الخطوات والإجراءات التراكمية، حيث لم ولن يتمكن الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية المكافحة تحقيق الانتصار بضربة قاضية يوجهها للمستعمرة، بل سيواصل الإنجاز التراكمي لصالح مستقبله في الحرية والاستقلال والعودة.
ولا شك أيضاً أن سلسلة الإنجازات الدولية التراكمية لصالح فلسطين ضد المستعمرة سيكون لها الأثر المباشر الإيجابي، بزيادة الدعم والتأييد والتضامن مع عدالة القضية الفلسطينية وشرعية نضال شعبها وحركته الكفاحية، وسيزيد من عزلة المستعمرة وتراجع مكانتها وانكشاف حقيقتها كمشروع استعماري توسعي احتلالي عنصري فاشي.