نخبة بوست – كتب : سلامة الدرعاوي ( وكاتب وخبير اقتصادي)
أحد أبرز الأهداف الرئيسة لمشروع قانون موازنة 2025 هو الاستمرار في سياسة الدعم لسلع وخدمات إستراتيجية في الدولة، خاصة فيما يتعلق بأسطوانة الغاز والخبز. الحكومة رصدت 180 مليون دينار لدعم المواد التموينية، وهي بالتحديد القمح والأعلاف، و63 مليون دينار لأسطوانة الغاز، وهذه المبالغ مرتبطة بتوقعات بقاء أسعار القمح والنفط والغاز على حالها، في حين تشير بعض التوقعات إلى أن أسعار الغذاء والنفط قد ترتفع في حال تصاعد وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية، وعندها ستتضاعف المخصصات. مشروع قانون موازنة 2025 واصل دعم المؤسسات الحكومية بمبلغ 32 مليون دينار، وهو أعلى مما أعيد تقديره في موازنة 2024، التي بلغت 29 مليون دينار. والحكومة رصدت ما يقارب 222 مليون دينار كإعانات للمؤسسات العامة، كما خصصت 280 مليون دينار لصندوق المعونة الوطنية، بزيادة تُقدَّر بحوالي 20 مليون دينار عمّا كان عليه الحال في العام الحالي.
اللافت في بند الإعانات الحكومية هو الزيادة الكبيرة في بند إعفاءات المعالجات الطبية، التي ارتفعت من 23 مليون دينار في العام الحالي إلى 60 مليون دينار، وقد يتساءل البعض: هل أخذت الحكومة بعين الاعتبار مطالبات النواب المستقبلية المتعلقة بالحصول على هذه الإعفاءات؟ الحكومة رصدت مبلغ 75 مليون دينار لتسديد التزامات سابقة. بالطبع، هذا المبلغ لا يشمل المتأخرات التي قد تناهز 1.6 مليار دينار، والتي ورثتها الحكومة الحالية عن سابقتها.
والسؤال الذي يُطرح في هذا الجانب: كيف ستتعامل الحكومة مع بند المتأخرات، خاصة لشركات الأدوية والمصفاة، خارج إطار قانون الموازنة العامة؟ في مشروع قانون موازنة 2025، تم تخصيص 242 مليون دينار لمشاريع خطة التحديث الاقتصادي، وهو مبلغ أعلى مما كان عليه فعلياً في موازنة 2024، ويعود ذلك إلى قرار مجلس الوزراء العام الماضي في شهر حزيران بتخفيض مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي بمبلغ 119 مليون دينار، إضافة إلى تخفيض مشاريع الرؤية ضمن موازنات الوحدات المستقلة بمبلغ 59 مليون دينار، وهذا التخفيض كان ناتجاً عن قرار الحكومة السابقة بضبط النفقات والعجز المالي.
كما أوضحنا في هذه الزاوية قبل أيام أن الدعم في الموازنة هو أولوية حكومية يجب الاستمرار فيه، خاصة مع تنامي الضغوط المعيشية على المواطنين من الطبقتين المتوسطة والفقيرة. لكن الأمر يتطلب إدارة ملف الدعم بحصافة وترشيد، لضمان إيصال الدعم لمستحقيه بدلاً من توزيعه بشكل عشوائي على السلع، فجميع من يسكن على أرض المملكة يحصل على الدعم الحكومي، بغض النظر عن وضعه المعيشي أو مستوى دخله أو جنسيته، وهذا الأمر لا يوجد إلا في الأردن، حتى الدول الغنية لا تتعامل بهذا الشكل من أشكال الدعم المفتوح للجميع. فعلى سبيل المثال، أسعار التعرفة الكهربائية في دول الخليج الغنية تختلف بين المواطن والمقيم، كما أن هناك العديد من السلع التي يتم التفريق في أسعارها بين المقيم والمواطن، وهذا حق للدولة في كيفية دعم مواطنيها، أما أن يتم دعم الجميع، فهذا أمر يقتصر على الأردن فقط، لذا، فإن الأمر يحتاج إلى دراسة وجرأة في تقييم ملف الدعم الحكومي.