نخبة بوست – كتب د. حازم الناصر (وزير المياه والري ووزير الزراعة الاسبق)
اختتمت في العاصمة الأذرية باكو قبل أيام أعمال مؤتمر المناخ COP29 بعد أسبوعين من النقاشات الحادة والطويلة بين الدول النامية المتأثرة بالتغير المناخي والدول المتقدمة المتسببة بانبعاثات الغازات والتلوث، وبالتالي الاحتباس الحراري والتغير المناخي.
ما مصير الدول النامية؟
إذ تشكو الدول النامية من التأثير الكبير عليها نتيجة التغير المناخي مثل الجفاف والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة وغيرها وتطالب الدول الغنية بإصلاح الأضرار من خلال زيادة مخصصات صندوق المناخ البالغة حاليا 100مليار دولار سنويا لتصبح 1,3 تريليون دولار سنويا بحلول العام ،2035 بدلا من الـ 300مليار دولار التي تم الاتفاق عليها في نهاية المؤتمر.
ما يقلق الدول النامية أن هذا المبلغ المتفق عليه غير كافي لتبني اجراءات ومشاريع التكيف والتخفيف المتعلقة بالطاقة والنقل والزراعة والصناعة والسياحة، وامدادات المياه، والتخطيط الحضري وغيرها، كما وأن هذا المبلغ سيكون خليط من المنح والقروض الميسرة والتي لا تستطيع الكثير من الدول النامية تحمل أعباءه من خلال ديوان جديدة، لاسيما وأنها ليست شريكا بأعمال التلوث البيئي لا بل متلقي للأضرار والكوارث حاليا ومستقبلا.
ويبدو ان التوترات والاستقطاب السياسي وعدم اليقين الجيوسياسي العالمي الحالي قد ساعد في زيادة حدة الانقسامات الى درجة ان احدى الدول النامية الكبيرة قد وصفت الوثيقة النهائية للمؤتمر “بالوهم البصري”، في حين ان الأمين العام للأمم المتحدة السيد غوتيريش لم يكن راضيا عن النتائج، اذ اعتبر الاتفاق “أساساً لمواصلة البناء علية”.
التداول بأرصدة الكربون: بين الفرص الاقتصادية وتحديات الغسل الأخضر
احدى القرارات الهامة التي انبثقت عن المؤتمر ما يتعلق بالتداول بأرصدة الكربون للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، اذ يسمح الاتفاق للدول الغنية تحقيق أهدافها للحياد الكربوني من خلال تمويل مشاريع خضراء في دول افريقيا واسيا، بدلا من تقليص وخفض انبعاثاتها من هذه الغازات، الا أن هنالك اراء مختلفة حول هذا الاتفاق من حيث ان بعض الدول النامية ترحب بتمويل مشاريع خضراء لديها من قبل هذه الدول الصناعية طمعا بنمو اقتصادي وخلق فرص عمل، ويقول الراي الاخر بان هذه الدول الصناعية ستستمر بالمقابل بنشاطاتها الصناعية وما ينتج عنها من تلوث وبالتالي فنيا” وعمليا” ستقوم بما يسمى “بالغسل الأخضر”.
التفكير في تمويل المشاريع الوطنية أردنية وربطها بالتغير المناخي
مع نهاية اعمال الملتقى العالمي اضطر العالم النامي، ونحن الأردن جزء من هذا العالم، إلى قبول نتائج المؤتمر وهم على يقين بأنهم لن يحصلوا على صفقة أفضل، الا أن هذا الاتفاق بصيغته الجديدة يحتم علينا في الاردن إعادة النظر في كيفية تمويل الكثير من مشاريعنا الوطنية والحاجة الملحة الى ربطها بالتغير المناخي واللجوء وإجراءات ومشاريع التكيف والتخفيف، لاسيما وان تخوف الدول النامية بشكل عام يتأتئ من ان تتحول أموال الصناديق العالمية التقليدية الى مشاريع تدعم مكافحة التغير المناخي دون ان يكون هنالك بالضرورة أموال جديدة على الطاولة.