نخبة بوست – هنالك برنامج تعرضه قناة محلية , يستضيف أثرياء البلد ..ويتحدثون عن قصص نجاحاتهم , وكيف كونوا الثروات ..وكيف اجتهدوا , وكيف قامت الشركة الواحدة بتفريخ عشرات الشركات , وكيف أن الإنسان هو من يصنع المال وليس العكس …طبعا البرنامج يصور في بيوت فخمة وفلل رائعة .
أنا أتابع البرنامج , واستمع للشهادات والروايات …ويعجبني التفاني في العمل , أحدهم مثلا في اليوم الثاني لزواجه , قرر الذهاب للشركة ..وأحدهم وجه نصيحة للشباب قال فيها : أهم شيء هو الإرادة …وأحدهم تحدث عن المال الذي يوزعه والطلبة الذين ينفق عليهم …عيوني ذرفت دمعة حرى …بالفعل وأنا لا أقولها في إطار السخرية أبدا , صاحب الثروة دائما متعب ..في كيفية جنيها وفي كيفية زيادة الرصيد وفي كيفية المحافظة على الاسم .
أغلبية من تحدثوا على البرنامج – باستثناء شخصية واحدة – ورثوا الثروة من الاباء , بمعنى أنهم لم يكونوها بل جاءت إليهم جاهزة , وجميعهم تحدثوا عن سجايا الاباء وخصالهم , وماذا تعلموا منهم ..وما هي الوصايا التي منحوها اياهم قبل الموت وكيف زرعوا فيهم الإصرار والتحدي .
كنت أتمنى أن يكون هناك برنامجا مماثلا عن (طفارى الوطن) …لنستضيف عوض مثلا , وليتحدث عن (التراكتور) التي ورثها من والده , وكيف قام ببيعها ..وكيف وفر ثمنها وأخذ قرضا ثم اشترى (بكم) …وتعرض لحادث فـ (شطب) البكم بعد ذلك دخل السجن ..عوض قصة تستحق التأمل .
ليتحدثوا معي عن أبي , فحين مات فتحت حقيبة كان يحتفظ فيها ويخفي الأشياء التي تخصه , وقد وجدت فيها مسدسه ..وشهادات المدرسة التي حصلت عليها من الصف الثاني الابتدائي وحتى الثالث الإعدادي , وبصور لي حين كنت طفلا , وأظن أن أثمن ما أورثني اياه …ذاك الخاتم الذي يرتديه وساعة (الجوفيال ) القديمة , أبي اورثني كتابة المقال …كان يحب اللغة أيضا ..والحمد لله ها أنا أكتب وقد زاد رصيدي من الحب في بنك الهوى ألف صخرة ومليون حفنة تراب , وأظن أن الجاري والمدين لدي يبلغ : 100 مليون قبلة …
ماذا مثلا في سلسة (طفارى الوطن) لو أجروا لقاء مع (جمعه) , وهو صديق لي من الجنوب الصابر , قرر أن يزيد دخله …فاشترى (عنزة شامية) ..والحمد لله بعد فترة أنجبت العنزة , قرر أن يستبدلها (بالبياض) ..والبياض في (فقه الرعيان) هو الغنم ..ومع الزمن وقيام العائلة بمساندة (جمعه) والرعي مع (الحلال) كثر القطيع حتى بلغ , مجموعه (32) رأس , بالطبع حين يكون لديك هذا العدد فأنت من الممكن أن تستدين العلف والنخالة ..وتسد الدين بالجميد والسمن البلدي ..
المهم قبل شهر , وحين كان الإبن الأصغر يريد أن يعبر (بالأغنام) إلى الجهة المقابلة مرت (شاحنة ) مسرعة , ودهست كامل القطيع …باستثناء الإبن الأصغر الذي ما زال واقفا بجانب الطريق الصحراوي ينتظر عبور الشاحنه …المهم جمعه الان مطلوب للتنفيذ القضائي وهو هارب , وقد تحدث معي قبل أيام وقالي لي : (دبرها يا أخو خضرة) .
ماذا مثلا لو أنتجنا برنامجا موازيا (لطفارى البلد) …خذ (أبو محمود) ..هو الاخر مطلوب للتنفيذ القضائي , وبصراحة لم يفصح لي عن السبب , لكنه أكد أن القضية ستحل وأن (رؤوس) كبيرة تدخلت , المشكلة أن القضية مرتبطة بدكانة لم يدفع من أجرتها للمالك منذ أن استأجرها , وكان ذلك قبل (9) سنوات …والدكانة لايوجد فيها غير الصابون وبعض المكسرات المنتهية الصلاحية ..الغريبأن أبو محمود طبع (بزنس كارد) كتب عليها اسمه وعبارة : تاجر جملة , استيراد وتصدير ..
لماذا وحدهم أثرياء الوطن الذين يجب أن يكونوا تحت الأضواء , أليس من حق الفقراء أن يحظوا ولو بشمعة …
أعجبتني في البرنامج جملة قال صاحبها : (بابا ئلي كلمة ما بنساها) …
كنت أتمنى لو كان لدي (بابا) وكان لدي (ماما) …وكان اسمي ( جوزيف) مثلا ..لكنها أقدارنا ….
للعلم الإبن الأصغر لجمعه , موجود الان في العقبة ومازال يبحث عن سائق الشاحنة .