نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
شكل الموقف الأردني حيال مشـروع “صفقـة القـرن” حالة فريدة في القـدرة علـى الصمود والمنعة ورفـض سياسـات حليف تقليدي وسـط بيئـة إقليمية غيـر مواتية وسلسلة مـن الضغـوط السياسية والاقتصادية التي مورست على المملكة؛ ورفض الأردن السياسـات التي تضـر بمصالحه الوطنية وحقوق الشـعب الفلسطيني.
اتبع الملك عبد الله الثاني سلسلة مـن الاستراتيجيات والأساليب لحماية الموقف الأردني المسـتقل ومواجهة الضغـوط علـى المملكة، منهـا:
- المبادأة السياسية والوضوح الاسـتراتيجي، إذ عبـر الملك عـن رفـض الأردن للصفقـة منـذ بـدأت التسريبات عنهـا؛ وأكد أن أي حل لا يضمن الحقوق الفلسـطينية وفق قرارات الشرعية الدولية يناقض المصالح الوطنية الأردنية.
- وحدة الأردنيـيـن والتفافهـم حـول موقف الملك وإصراره على الرفـض؛ فقد كان الخطاب السياسي الأردني مشـبعاً بالوطنيـة، وحـرص الملك علـى إطـلاق رسائل سياسية تؤكد قوة الدولة الأردنية ووحدة الأردنيـيـن.
وقبــل شهر مـن ذلـك التمرين، زار الملك وولي العهد منطقـة الغمر جنـوب غـرب المملكة بعـد حوالي أسـبوع علـى انتهاء صلاحيـة التصرف بها مـن إسرائيل بموجـب ملحق خـاص في معاهدة السلام.
- توسـيع الخيارات الاسـتراتيجية؛ سـواء في التحالفـات الإقليمية أو مـن خـلال فتـح الأبـواب علـى المسـتوى الدولي، وزيادة مسـتويات التنسـيق مـع الأوروبييـن ودول فاعلة بالمنطقـة.
الظروف السابقة أجبـرت الأردن علـى حمايـة مصاحله الإقليمية بالانتقال إلى نمط جديـد من النديـة الاسـتراتيجية ومن تـحـرر القــرار السياسي والاسـتراتيجي في لحظات فارقة من تاريخ المنطقة؛ وانسحب هـذا الـدور علـى السـلوك السياسـي الأردني في مواجهـة الأزمات الإقليمبة الأخـرى.
يقول الكاتـب اللبنانـي غسـان شربل: “كان علـى ملـك الأردن أن يختـرع لبـلاده دوراً يفــوق حجمهــا الســكاني، ويفــوق بأضعـاف حجمهـا الاقتصادي؛ وكان الــدور حيويـاً ومصيريـاً ليتمكــن الكيــان مــن الدفـاع عــن وجــوده؛ خصوصاً حين راحــت تتــردد عبـارات “الوطن البديـل” وحاولـت جهات إسـرائيلية حـل المشـكلة مـع الفلسـطينيين بإلحـاق ظلـم جديـد بالأردنيين“.