نخبة بوست – ( المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)
دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، بوساطة أميركية، حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، لينهي نحو 14 شهراً من المواجهات بين الطرفين. وكان حزب الله بادر في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى فتح جبهة مواجهة محدودة لمساندة قطاع غزّة، حوّلتها إسرائيل إلى حرب مفتوحة بلغت ذروتها في 23 أيلول/ سبتمبر 2024، عندما أطلقت ما أسمته عملية “سهام الشمال”، بعدما رفضت قواعد الاشتباك وخيّرت الحزب بين وقف جبهة الإسناد والحرب، وتلا ذلك اجتياح برّي لجنوب لبنان في 30 من الشهر نفسه.
الخطوط العريضة للاتفاق
استند اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، ودعا إلى تطبيقه بالكامل، وصيغ الاتفاق بطريقة تفتح مجالاً واسعاً للتأويل؛ فقد أشار مثلاً إلى أن القرار 1701 يتضمّن التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة التي استند إليها، بما يشمل القرار 1559 من دون ذكره صراحة، الذي يدعو إلى نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة، وكذلك القرار 1680 الذي يدعو إلى ترسيم الحدود البرّية بين سورية ولبنان. وأكد الاتفاق أن للبنان وإسرائيل الحقّ في الدفاع عن النفس بما يتفق مع القانون الدولي، وقد رأى كثيرون أن هذا يتيح لإسرائيل مجالاً واسعاً لتضرب حزب الله بذريعة “الحقّ في الدفاع عن النفس”، في حين أن الحزب سوف يُحجم عن أيّ عمل ضدها خوفاً من الانزلاق مجدّداً إلى مواجهة مفتوحة معها. وأشار الاتفاق أيضاً إلى أنّ إسرائيل ستسحب قواتها تدريجيًا إلى جنوب الخط الأزرق في فترة لا تتجاوز 60 يوماً، بينما يسحب الحزب قواته إلى شمالي نهر الليطاني؛ ما سيمكّن المدنيين المهجّرين على جانبَي الحدود من العودة إلى مناطقهم.
وجاء في الاتفاق أن الجيش اللبناني، بالتوازي مع انسحاب الجيش الإسرائيلي، سينشر نحو 10 آلاف عنصر في جنوب الليطاني وسيباشر في تنفيذ التزاماته، بما في ذلك تفكيك المواقع والبنى التحتية (غير التابعة للدولة اللبنانية)، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها (في إشارة ضمنية إلى أسلحة حزب الله ومواقعه وأنفاقه). وستراقب القوات العسكرية والأمنية اللبنانية وصول مختلف أنواع الأسلحة إلى المنظمات غير التابعة للدولة اللبنانية وتمنعه، وفي الوقت نفسه تتولى الحكومة اللبنانية تنظيم إنتاج الأسلحة في لبنان ومراقبته. كانت هذه هي الشروط الإسرائيلية لوقف الحرب، وهي عمليّاً أهدافها المعلنة، وقد تضمّنها الاتفاق (ننشره في صيغة ملحق بورقة تقدير الموقف هذه، إضافة الى ورقة الضمانات الجانبية التي قدّمتها حكومة الولايات المتحدة إلى إسرائيل).
وذكر الاتفاق أن الولايات المتحدة وفرنسا ستعملان مع المجتمع الدولي على تقديم الدعم المناسب للقوات المسلحة اللبنانية، بما في ذلك تدريبها على تفكيك المواقع والبنى التحتية غير المصرّح بها، الموجودة فوق الأرض وتحتها، وتفتيشها؛ من أجل تمكين الدولة اللبنانية من القيام بمهمّاتها. وأكد أن مفاوضات غير مباشرة ستبدأ بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية؛ لترسيم الحدود البرية بينهما، وذلك بعد استكمال انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى جنوب الخط الأزرق، وفي إثر انتشار الجيش اللبناني في جنوب نهر الليطاني. وهكذا، دخلت الولايات المتحدة طرفاً ضامناً لتنفيذ الاتفاق لبنانيّاً؛ لأنّ إسرائيل ترى أن الحكومة اللبنانية لن تكون قادرة على تنفيذه من دون ذلك، ويمكن أن يكون مصيرُه مثل مصير القرار 1701.
دوافع قبول إسرائيل الاتفاق
تتوافر أسباب عديدة تجعل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يطيل أمد الحرب مع حزب الله، وفي مقدّمتها سعيه إلى إيقاع أكبر الخسائر بالحزب وجمهوره وبلبنان، ونزولًا عند مطالب حلفائه في اليمين الفاشي في ائتلافه الحكومي، واستجابة لضغوط رؤساء المستوطنات اليهودية المحاذية للحدود اللبنانية. وفي الحقيقة، دفعت عوامل أخرى نتنياهو إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار، حدّد بعضها في خطاب وجّهه إلى الإسرائيليين عشيّة موافقة مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) عليه، وأهمها:
(1): موافقة حزب الله على فكّ الارتباط بين التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان وفي قطاع غزة. ويؤدي ذلك، في رأي نتنياهو، إلى عزل حماس وإضعافها، ودفعها إلى القبول بعقد صفقة لتبادل الأسرى بشروط مريحة لإسرائيل، ومن دون أن يؤدّي ذلك بالضرورة إلى إنهاء الحرب على القطاع.
(2): موقف المؤسّسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية التي أوصت بإنهاء الحرب مع حزب الله والتوصل إلى اتفاق سياسي مع الدولة اللبنانية. وجاء هذا الموقف نتيجة إرهاق الجيش الإسرائيلي وقوات الاحتياط، في ضوء استمرار الحرب أكثر من سنة في قطاع غزّة ولبنان، والخسائر التي تكبّدها، خاصة في صفوف قوات النخبة مثل لواء غولاني، فضلاً عن عزوف نسبة عالية من قوات الاحتياط عن الاستجابة لاستدعائها للخدمة في الجيش، وخشية قيادته من أن تزداد هذه الظاهرة، إذا ما استمرّت الحرب. أضف إلى ذلك، خشية المؤسّسة العسكرية، استناداً إلى خبراتها وتجاربها السابقة في لبنان، من التورّط في حرب استنزاف مع حزب الله، سواء إذا احتلت مناطق جديدة في جنوب لبنان أو ظلت في مواقعها المحاذية للحدود داخل الأراضي اللبنانية.
(3): يمكّن هذا الاتفاق إسرائيل من الإعلان عن تحقيق هدفها الرئيس من حربها على لبنان، الذي أعلنته في أيلول/ سبتمبر 2024، وهو إعادة المهجّرين الإسرائيليين إلى مناطقهم في شمال إسرائيل. فإلى جانب تدمير الجيش الإسرائيلي العديد من التحصينات وشبكة الأنفاق ومخازن الأسلحة في شريط الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود الإسرائيلية، يضمن اتفاق وقف إطلاق النار إبعاد قوات حزب الله وأسلحته إلى شمال نهر الليطاني، ودخول عشرة آلاف من قوات الجيش اللبناني إلى جنوب النهر، حيث تشمل مهماتها، وفق الاتفاق، منع عودة قوات الحزب إلى المنطقة واستكمال تفكيك مواقعه العسكرية وبنيته التحتية في جنوب الليطاني.
(4): ضغط الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، وإدارة الرئيس، جو بايدن، على نتنياهو ليقبل اتفاق وقف إطلاق النار. إلى جانب ذلك، خشي نتنياهو من أن تقدم إدارة بايدن على اتخاذ خطوات ضد إسرائيل في الفترة المتبقية لحكمها، إذا رفض قبول الاتفاق، من قبيل تمرير قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار، وإبطاء تزويدها بالسلاح. فقد حجبت إدارة بايدن صفقة ذخائر عن إسرائيل بقيمة 693 مليون دولار؛ ما أثّر في الفاعلية العسكرية للجيش الإسرائيلي؛ في سبيل إقناع نتنياهو بالموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان، ولم تلبث أن أقرّت الصفقة فور قبوله بذلك.
(5): يسهّل قبول الاتفاق وإنهاء الحرب ضد لبنان على الائتلاف الحكومي سنّ قانون يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، يطالب به حزبا شاس ويهدوت هتوراه، بما يضمن استقرار الائتلاف. ومن المتوقع أن تقلّ نسبيًا المعارضة في الكنيست وفي الرأي العام الإسرائيلي، وحتى داخل المؤسّسة العسكرية، لسنّ هذا القانون بعد انتهاء حرب إسرائيل على حزب الله.
(6): حققت إسرائيل في هذه الحرب الجزء الأكبر من أهدافها؛ إذ إنها تمكّنت من إضعاف قدرات حزب الله العسكرية وتحجيمها إلى حد بعيد وإبعاده عن الحدود، بحيث أنه لم يعد يشكّل تهديداً كبيراً لها كما كان في السابق؛ ما يُطلق يدها في العمل ضد إيران، إذا اختارت ذلك، إضافةً إلى فكّ ارتباط سلاح الحزب بفلسطين، وتوجّهه عمومًا نحو العمل السياسي في لبنان في إطار اتفاق الطائف.
دوافع قبول حزب الله الاتفاق
تتمثل دوافع قبول حزب الله اتفاقَ وقف إطلاق النار، وفق الشروط التي سبق ذكرها، والتي كان يرفضها، والموافقة على فصل مسار الحرب في لبنان عن مسارها في غزّة، في الخسائر الكبيرة التي تكبّدها خاصة في الشهور الأخيرة، وتحديدًا منذ أن اغتالت إسرائيل القائد العسكري للحزب فؤاد شكر في غارة جوية شنّتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، في 30 تموز/ يوليو 2024. ووجهت له ضربات مؤلمة بدأت بتفجير أجهزة البيجر واللاسلكي (توكي ووكي)، يومَي 17 و18 أيلول/ سبتمبر، ثم اغتيال قادة وحدة الرضوان في غارة جوية شنّتها في 20 من الشهر نفسه، قبل أن تطلق العنان لغاراتٍ جويةٍ واسعة بلغت ذروتها باغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية، يوم 27 من الشهر نفسه، ثم تصفية القسم الأعظم من قيادات الصف الأول السياسية والعسكرية، وقطاع واسع من كوادره، وتدمير قسم كبير من ترسانة صواريخه الدقيقة البعيدة والمتوسّطة المدى، فضلاً عن استهداف شبكة خدماته المالية والصحية والاجتماعية، والقصف الهمجي الذي شمل حاضنته الاجتماعية، بما في ذلك تدمير قرى بأكملها في جنوب لبنان، وأكثر من 400 بناية سكنية في الضاحية الجنوبية، وصولًا إلى البقاع، حيث يتركز أيضاً جزءٌ مهمّ من بيئة الحزب الاجتماعية. دفع ذلك كله حزب الله، الذي صار وجوده مهدّداً ليس فقط بصفته قوة عسكرية لها امتدادات ونشاطات إقليمية، بل أيضاً ضمن المعادلة الداخلية اللبنانية، باعتباره التنظيم السياسي والعسكري الأبرز، إلى القبول بوقف إطلاق النار وفق الشروط التي فُرضت عليه.
ومن الخطأ الفادح الاستنتاج أن نتائج هذه الحرب تؤذن بنهاية حزب الله. لقد ضعُف الحزب في السياق الإقليمي، وفي سياق المواجهة مع إسرائيل وتراجعت هيبتُه في لبنان نفسه، ولكنه ما زال قوة سياسية منظمّة ومسلحة ذات قواعد شعبية، يجدر أن يحسب لها حساب في الحياة السياسية اللبنانية، وسوف يظهر ذلك في تشييع أمينه العام السابق حسن نصر الله، وفي مناسبات أخرى. ويواجه الحزب تحدّيات كبرى متعلقة بإعادة الإعمار ومعالجة آثار الحرب على جمهوره وكوادره، وإعادة الاعتبار لنفسه. وهذه مهمّاتٌ عينية سيكون عليه أن يثبت استمراريته من خلالها، ولا تُجيب عنها إعلانات الانتصار. لقد صمد الحزب واسترجع أنفاسه في قتال الأسابيع الأخيرة على نحو خاص، ولكنه لم ينتصر في هذه الحرب بأي تفسير للانتصار.
تحدّيات تواجه تطبيق الاتفاق
تعتزم إسرائيل العمل على تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 بحذافيره، كما يصرّ على ذلك قادتها السياسيون والعسكريون. وتؤكد أنها ستستخدم القوة العسكرية، وخصوصاً سلاح الجو، في ضرب أيّ هدف لحزب الله ترى فيه مخالفة لاتفاق وقف إطلاق النار، وفق فهمها له. وتعتقد أن بإمكانها فعل ذلك من دون أيّ عواقب، استناداً إلى ورقة التفاهمات التي توصلت إليها مع الإدارة الأميركية، وتكفل لها ذلك.
ويؤدّي بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي التي يحتلّها في جنوب لبنان، 60 يوماً، بحسب بنود الاتفاق، إلى انتهاكاتٍ عديدة في حقّ المدنيين اللبنانيين الذين يحاولون العودة إلى بلداتهم وبيوتهم في جنوب لبنان. ويثير إصرار إسرائيل على منع حزب الله من استعادة قوته العسكرية أيضاً مخاوف من أن تتخذ ذلك ذريعة لاستباحة الأراضي اللبنانية، كما تفعل في سورية، حيث توجّه ضربات جوية أو صاروخية أو مدفعية، على نحو روتيني، وحتى شبه يومي، ضد ما تقول إنه أهداف أو شحنات أسلحة موجّهة إلى الحزب. وتُطرح أسئلة جدية حول كيفية قيام الجيش اللبناني بتفكيك البنية العسكرية للحزب والسيطرة على منشآت إنتاج السلاح والذخيرة التي يمتلكها في لبنان؛ فكيف سيتصرف عمليّاً إزاء نقل الأسلحة إلى الحزب من الأراضي السورية؟ وماذا عن الدور الأميركي الذي يشرف على تنفيذ الاتفاق؟ ترى إسرائيل ذلك جزءاً من الاتفاق، وقد بدأت في عملية ما تعدّه تطبيقاً لبنوده من خلال قصف المواقع التي تشتبه بوجود سلاح فيها.
يضاف إلى ذلك الخلاف في مسألة ترسيم الحدود؛ إذ يُستبعد أن تستجيب إسرائيل في المفاوضات غير المباشرة مع لبنان، والمزمع إجراؤها في الشهور المقبلة، إلى مطلب الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها منذ فترة طويلة، وتشمل مزارع شبعا وجزءاً من قرية الغجر، فضلًا عن 13 نقطة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية تصل مساحتها إلى نحو 4850 دونماً، من ضمنها نقطة الحدود الغربية الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسّط عند رأس الناقورة ذات الأهمية الاستراتيجية.
خاتمة
تسعى إسرائيل من خلال استثمار ما حققته في حربها على حزب الله، ومنعه من إعادة التسلّح وإبعاده عن الحدود والعمل، بالتعاون مع الولايات المتحدة وقوى إقليمية ومحلية لبنانية أخرى، إلى إخراجه من معادلة الصراع مع إسرائيل، وإنهاء دوره الإقليمي، وتحويله إلى حزبٍ محلّي كغيره من الأحزاب اللبنانية، ينصبّ تركيزه على قضايا لبنان الداخلية، والاهتمام بشؤون قواعده الاجتماعية ونصيبها من الدولة اللبنانية في إطار النظام السياسي الطائفي. ومن المتوقع أن تتفرغ إسرائيل بعد ذلك لتتعامل مع مسألة الملف النووي الإيراني، لا سيما بعد أن يتولى دونالد ترامب الرئاسة، وأن تستمرّ في الضغط على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لفرض مزيدٍ من العقوبات الاقتصادية ضد إيران وصولاً إلى اتفاق مقبول إسرائيليًا، و/ أو تهيئة الرأي العام العالمي ليتقبّل فكرة قيام إسرائيل (منفردة، أو بالتنسيق مع الولايات المتحدة) بضرب المنشآت النووية الإيرانية، خصوصًا بعد أن خسر حزب الله معظم قوّته العسكرية في الحرب الأخيرة، وهي التي كانت تعدّها إيران أحد مكونات قوة ردع إسرائيل عن مهاجمة مشروعها النووي.
ملحق (1)
إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بشأن تعزيز الترتيبات الأمنية وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701
بعد المناقشات مع حكومتَي الجمهورية اللبنانية (المشار إليها فيما يلي باسم “لبنان” (و”دولة إسرائيل”) والمشار إليها فيما يلي باسم “إسرائيل”)، تتفهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا أن لبنان و”إسرائيل” يسعيان إلى وضع حد مستدام للتصعيد الحالي للأعمال العدائية عبر الخط الأزرق، وأن كلًا منهما مستعد لاتخاذ خطوات لتعزيز الظروف المؤدية إلى حل دائم وشامل.
تعكس هذه التفاهمات الخطوات التي تلتزم بها “إسرائيل” ولبنان من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 بالكامل، مع الاعتراف بأن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 يدعو أيضًا إلى التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة له، بما في ذلك “نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان”، بحيث تكون القوات الوحيدة المسموح لها بحمل الأسلحة في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية (LAF)، وقوى الأمن الداخلي، والمديرية العامة للأمن العام، والمديرية العامة لأمن الدولة، والجمارك اللبنانية، والشرطة البلدية (المشار إليها في ما يلي باسم “القوات العسكرية والأمنية الرسمية في لبنان”).
وتحقيقاً لهذه الغاية، تتفهم الولايات المتحدة وفرنسا ما يلي:
ستنفذ “إسرائيل” ولبنان وقف الأعمال العدائية اعتبارًا من الساعة الرابعة صباحًا يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 وفقًا للالتزامات المفصلة أدناه.
اعتبارًا من الساعة الرابعة صباحًا من يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 فصاعداً، ستمنع حكومة لبنان حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية من تنفيذ أي عمليات ضد “إسرائيل”، ولن تنفذ “إسرائيل” أي عمليات عسكرية هجومية ضد أهداف لبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسكرية أو أهداف الدولة الأخرى، في الأراضي اللبنانية عن طريق البر أو الجو أو البحر.
تدرك “إسرائيل” ولبنان أهمية قرار مجلس الأمن رقم 1701 لتحقيق السلام والأمن الدائمَين ويلتزمان باتخاذ الخطوات اللازمة نحو تنفيذه بالكامل، من دون انتهاك.
ولا تمنع هذه الالتزامات “إسرائيل” أو لبنان من ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس، بما يتفق مع القانون الدولي.
ودون المساس بقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) ومسؤولياتها، أو بالالتزامات الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 1701 والقرارات السابقة له، فإن القوات العسكرية والأمنية اللبنانية الرسمية والبنية الأساسية والأسلحة ستكون المجموعات المسلحة والأسلحة والمواد ذات الصلة الوحيدة المنتشرة في منطقة جنوب الليطاني المبينة في خطة انتشار القوات المسلحة اللبنانية المرفقة (المشار إليها فيما يلي باسم “منطقة جنوب الليطاني”).
وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701 والقرارات السابقة له، وبهدف منع إعادة تأسيس وإعادة تسليح الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة في لبنان، فإن أي مبيعات أو توريد للأسلحة والمواد ذات الصلة إلى لبنان سوف يتم تنظيمها ومراقبتها من قبل حكومة لبنان. بالإضافة إلى ذلك، سوف يتم تنظيم ومراقبة جميع إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة داخل لبنان من قبل حكومة لبنان.
ومن أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، وعند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًا للفقرة الأولى، ستوفر حكومة لبنان جميع السلطات اللازمة، بما في ذلك حرية التنقل، للقوات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية، وتوجهها، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 والقرارات السابقة له، إلى:
أ. مراقبة وإنفاذ أي دخول غير مصرّح به للأسلحة والمواد ذات الصلة إلى لبنان وفي جميع أنحائه، بما في ذلك من خلال جميع المعابر الحدودية، وضد الإنتاج غير المصرح به للأسلحة والمواد داخل لبنان.
ب. بدءاً من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك كل المنشآت غير المرخصة القائمة، والتي تعمل في إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة، ومنع إنشاء مثل هذه المنشآت في المستقبل.
ج. بدءًا من منطقة جنوب الليطاني، تفكيك كافة البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة كل الأسلحة غير المرخص بها والتي تتعارض مع هذه الالتزامات.
تعتزم الولايات المتحدة وفرنسا العمل ضمن اللجنة الفنية العسكرية للبنان (MTC4L) لتمكين وتحقيق نشر إجمالي للقوات المسلحة اللبنانية يبلغ 10 آلاف جندي في جنوب لبنان في أقرب وقت ممكن. وعلاوة على ذلك، تعتزم الولايات المتحدة وفرنسا العمل مع المجتمع الدولي لدعم القوات المسلحة اللبنانية بالشكل المناسب لتحقيق مثل هذه الزيادة في مستويات انتشارها في لبنان، وتحسين قدراتها.
عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقاً للفقرة الأولى، ودون المساس بقوة اليونيفيل واختصاصاتها ومسؤولياتها المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 1701 والقرارات السابقة له، تقرر إسرائيل ولبنان، بالتنسيق مع قوة اليونيفيل، إعادة صياغة وتعزيز الآلية الثلاثية (المشار إليها فيما يلي باسم “الآلية”). وستتولى الآلية المعاد صياغتها وتعزيزها، التي تستضيفها قوة اليونيفيل برئاسة الولايات المتحدة، بما في ذلك فرنسا، مراقبة هذه الالتزامات والتحقق منها والمساعدة في ضمان تنفيذها.
أ. ستتعاون “إسرائيل” ولبنان مع الآلية ويسهلان عملها ويضمنان سلامتها.
ب. ستعمل الآلية مع لجنة التدريب العسكرية اللبنانية لتعزيز قدرات وتدريب القوات المسلحة اللبنانية على تفتيش وتفكيك المواقع والبنية التحتية غير المصرح بها، فوق الأرض وتحتها، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، ومنع وجود الجماعات المسلحة غير المصرح بها.
ج. إلى جانب عمل الآلية، سيستمر عمل اليونيفيل بموجب ولايتها، بما في ذلك الجهود التي تدعمها اليونيفيل من خلال دورها في الدعوة إلى عقد اجتماعات بهدف تعزيز فعالية الآلية.
ستبلّغ “إسرائيل” ولبنان عن أي انتهاكات مزعومة إلى الآلية وقوات اليونيفيل دون المساس بحقوقهما في الاتصال مباشرة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وستضع الآلية الإجراءات المناسبة للتشاور والتفتيش وجمع المعلومات والمساعدة في ضمان إنفاذ هذه الالتزامات.
عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًا للفقرة الأولى، ينشر لبنان قواته العسكرية والأمنية الرسمية على جميع الحدود، وعلى جميع المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية المنظمة وغير المنظمة. بالإضافة إلى ذلك، ينشر الجيش اللبناني قواته ويقيم حواجز ونقاط تفتيش على جميع الطرق والجسور على طول الخط الذي يحدد منطقة جنوب الليطاني.
عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًا للفقرة الأولى، سوف تسحب إسرائيل قواتها على مراحل إلى الجنوب من الخط الأزرق، وبالتوازي مع ذلك سوف تنتشر القوات المسلحة اللبنانية في المواقع في منطقة جنوب الليطاني المبينة في خطة انتشار القوات المسلحة اللبنانية المرفقة، وسوف تبدأ في تنفيذ التزاماتها بموجب هذه الالتزامات، بما في ذلك تفكيك المواقع والبنية الأساسية غير المصرح بها ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها والمواد ذات الصلة. وسوف تنسق الآلية تنفيذ قوات الدفاع الإسرائيلية والقوات المسلحة اللبنانية للخطة المحددة والمفصلة للانسحاب والانتشار التدريجي في هذه المناطق، والتي لا ينبغي أن تتجاوز 60 يوماً.
تطلب “إسرائيل” ولبنان من الولايات المتحدة – بالشراكة مع الأمم المتحدة – تسهيل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان بهدف حل النقاط المتنازع عليها المتبقية على طول الخط الأزرق، بما يتفق مع القرار 1701.
وتدرك الولايات المتحدة وفرنسا أن إسرائيل ولبنان سوف يقبلان الالتزامات المذكورة أعلاه بالتزامن مع هذا الإعلان.
وتسعى هذه الالتزامات إلى تمكين المدنيين على جانبَي الخط الأزرق من العودة بأمان إلى أراضيهم ومنازلهم. وتعتزم الولايات المتحدة وفرنسا كذلك قيادة الجهود الدولية لدعم بناء القدرات والتنمية الاقتصادية في مختلف أنحاء لبنان لتعزيز الاستقرار والازدهار في هذه المنطقة.
ملحق (2)
· تعتزم إسرائيل والولايات المتحدة تبادل معلومات استخباراتية حسّاسة تتعلق بانتهاكات، بما في ذلك أي اختراق من حزب الله داخل الجيش اللبناني.
· يحقّ للولايات المتحدة مشاركة المعلومات التي تقدّمها إسرائيل مع أطراف ثالثة متّفق عليها (الحكومة اللبنانية و/ أو اللجنة) لتمكينها من التعامل مع الانتهاكات.
· تلتزم الولايات المتحدة بالتعاون مع إسرائيل لكبح أنشطة إيران المزعزعة في لبنان، بما في ذلك منع نقل الأسلحة أو أي دعم إيراني.
· تعترف الولايات المتحدة بحقّ إسرائيل في الرد على التهديدات القادمة من الأراضي اللبنانية وفقاً للقانون الدولي.
· في المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقّها في التحرك في أي وقتٍ ضد أي انتهاك للالتزامات.
· خارج المنطقة الجنوبية، تحتفظ إسرائيل بحقها في التحرك ضد تطور التهديدات الموجهة إليها إذا لم يستطع لبنان، أو لم يرغب في إحباط هذه التهديدات، بما في ذلك إدخال أسلحة غير قانونية إلى البلاد عبر الحدود والمعابر.
· إذا قرّرت إسرائيل اتخاذ مثل هذه الخطوات، ستبلغ الولايات المتحدة بذلك في كل حالة ممكنة.
· ستُنفَّذ الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لأغراض الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع فقط، وستكون غير مرئية بالعين المجردة قدر الإمكان، ولن تكسر حاجز الصوت.
· ستراقب أقمار صناعية تابعة للولايات المتحدة كل ما يجري في جنوب لبنان.