نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
خلال جلسة نقاشية نظمها معهد السياسة والمجتمع بعنوان “نتنياهو وترامب والسيناريوهات القادمة”، سلط عضو الكنيست السابق ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، الضوء على رهانات إسرائيل على التهجير كوسيلة لتغيير قواعد اللعبة في المنطقة.
وتناول أبو شحادة التحولات الديمغرافية العميقة التي يشهدها المجتمع الإسرائيلي، مشيراً إلى رهانات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتحديات الإقليمية الكبرى التي تواجه إسرائيل، بما في ذلك قضايا التهجير والتوسع الاستيطاني.
وشارك في الجلسة نخبة من الخبراء والسياسيين والصحفيين، حيث ناقشوا التحولات الكبرى في العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل سياسات إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
كما ركزت الجلسة على استشراف السيناريوهات القادمة على المستويين الداخلي والإقليمي، وأثرها على مستقبل القضية الفلسطينية، في ظل صعود التيارات اليمينية المتطرفة إلى مراكز القرار داخل إسرائيل.
أبو شحادة: أجندة ترامب تتجه نحو تصفية القضية الفلسطينية
وقال سامي أبو شحادة، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قارئًا دقيقًا للوضع السياسي عندما راهن على الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قبل شهرين من الانتخابات الأمريكية.
وأكد أن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن قدمت لإسرائيل كل ما طلبته وزيادة، مشيرًا إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الأمريكي كانا في تواصل دائم مع إسرائيل خلال الفترة الماضية.
وأضاف أبو شحادة أن هناك نقاشًا جديًا داخل إسرائيل بين النخب العسكرية واليسار واليمين. وأوضح أن اليسار الإسرائيلي يرى ضرورة الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، في حين يعتقد اليمين الشعبوي أن إدارة ترامب كانت ستقدم المزيد لإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بتصفية القضية الفلسطينية.
وتطرق إلى أن القرار المصري بمنع التهجير وضع إسرائيل في مأزق استراتيجي، خصوصًا في ظل إعلانها أن الحل لغزة هو التهجير؛ مشدداً على أن إعلان الأردن أن التهجير خط أحمر زاد من تعقيد الموقف الإسرائيلي.
وأشار أبو شحادة أن التحدي الأساسي لإسرائيل يتمثل في التحدي الديمغرافي، حيث أصبحت الأغلبية السكانية الفلسطينية على أرض فلسطين التاريخية تشكل تهديدًا وجوديًا للمشروع الصهيوني؛ مضيفاً بأن إسرائيل كانت تراهن على أزمات إقليمية لفرض التهجير، لكنها اصطدمت بمواقف عربية حازمة.
مشروع بن غفير وسموتريتش
وشدد أبو شحادة على خطورة السياسات التي يقودها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، واصفًا الأخير بـ”الإرهابي” وفق القانون الإسرائيلي السابق.
وأوضح أن سموتريتش يرى أن لدى الفلسطينيين خيارات محدودة: “إما قبول الواقع والتخلي عن فكرة المقاومة، أو القتل، أو السجن، أو التهجير”.
وأشار إلى أن سموتريتش صرح بأن “الأردن جزء من مشروعه المستقبلي”، ما يثير قلقًا حقيقيًا بشأن الأجندات التوسعية لليمين الإسرائيلي.
الوضع السياسي في إسرائيل
وفيما يتعلق بالوضع السياسي في إسرائيل، قال أبو شحادة إن الخارطة السياسية الإسرائيلية تعاني من انقسام حاد، حيث تشكل الأغلبية الحالية ائتلافًا يمينيًا هشًا بقيادة نتنياهو؛ مؤكداً أن أي انتخابات مبكرة قد تسفر عن تغييرات كبيرة، خصوصًا إذا دخل لاعبين جدد مثل نفتالي بينيت الذي بدأ يُنظر إليه على أنه “يمين مسؤول” بالمقارنة مع اليمين المتطرف الحالي.
وأضاف أن لجنة الانتخابات الإسرائيلية أصبحت أداة سياسية وليست مهنية، حيث يسمح القانون الإسرائيلي الجديد للجنة بمنع أي مرشح عربي إذا اعتُبر تصريحه داعمًا للإرهاب.
تأثير التغيرات الديمغرافية
وأكد أبو شحادة أن إسرائيل تشهد تغييرات ديمغرافية كبيرة، حيث أصبحت من بين أعلى الدول في معدلات الإنجاب، خاصة بين التيارات الدينية المتشددة مثل الحريديم والصهيونية الدينية.
وأشار أبو شحادة إلى أن الفلسطينيين في الداخل يواجهون حالة غير مسبوقة من القمع والخوف، حيث أصبحت الاعتقالات والملاحقات الأمنية تطال حتى الأنشطة البسيطة.
وتطرق بأن الخوف من التعبير عن الرأي أصبح يشمل كافة الفئات، بما في ذلك المحامين والناشطين؛ موضحاً بأن نسبة التصويت بين الفلسطينيين في الداخل قد ترتفع في الانتخابات المقبلة إذا تم التعامل مع الملف بمسؤولية.
غياب المشروع العربي والفلسطيني
وانتقد أبو شحادة غياب مشروع عربي موحد لمواجهة التحديات الإسرائيلية، مؤكداً أن هذا الغياب يعكس أيضًا أزمة في المشروع الوطني الفلسطيني.
وأضاف أن الرواية الصهيونية التي تقوم عليها إسرائيل مليئة بالتناقضات، مما يتيح للفلسطينيين فرصة لإعادة صياغة مشروعهم الوطني استنادًا إلى العدالة والمساواة.
العلاقة مع الأردن والدول العربية
وحول العلاقات مع الأردن، أوضح أبو شحادة أن الموقف الأردني من التهجير والضغط المستمر على إسرائيل كان له تأثير كبير على سياساتها.
وأكد أن إسرائيل لم تعد الدولة التي وقّعت اتفاقية وادي عربة، حيث تحولت إلى دولة يمينية متطرفة بقيادة مستوطنين يحملون أجندات توسعية.
واختتم أبو شحادة تصريحاته بالتأكيد على أن الحل الوحيد للصراع هو تقديم مشروع سياسي يعترف بحقوق الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ضمن إطار ديمقراطي وإنساني؛ قائلاً بأن غياب الحلول السياسية يعمق الصراع ويزيده تعقيدًا؛ وعلينا أن نمتلك الشجاعة لطرح برامج سياسية تقدم حلاً للطرفين، لأن بقاء الصراع دون أفق سيستمر في تهديد المنطقة بأكملها.