“نخبة بوست” تقترح تكملة لإعفاء السيارات غير المرخصة من الغرامات

• مجاهد: المقترح جيد شرط حصره بـ “السيارات الكهربائية” بسبب تكلفتها التشغيلية القليلة مقارنة بالسيارات التقليدية، كما أن رسوم ترخيصها السنوية منخفضة جدًا

• الدعجة: مقترح “إبداعي” سيحفز السوق المحلي ويعزز قطاع السيارات؛ لكنه يحتاج لدراسة “متأنية” لضمان توازن الفوائد مع التحديات

• قندح: “فكرة جيدة” للحكومة، على أن يتم تحديد استبدال السيارات بسيارات كهربائية، لما تحققه هذه السيارات من فوائد بيئية وتوفير مالي للمواطنين

نخبة بوست – رولا أبو رمان

حظي قرار الحكومة الذي صدر مؤخرا والمتمثل في إعفاء جميع السيارات التي انتهت تراخيصها من الغرامات والرسوم المترتبة عليها، بالإضافة إلى رسوم التسجيل للسنوات السابقة، بترحيب واسع من المواطنين، إذ يُعتبر هذا القرار بمثابة تخفيف لعبء المواطن غير المرخص لسيارته “بعض الشيء”.

ومع ذلك، إذا نظرنا إلى المسألة من منظور أعمق، نجد أن أسباب عزوف البعض عن ترخيص سياراتهم تتعلق بعدم قدرتهم على تحمل التكاليف التشغيلية، بما في ذلك التصليح والتأمين وغيرها من المصاريف.

إذن، المعضلة ليست في رسوم التسجيل أو الغرامات فقط، بل تكمن في التكاليف الأخرى المرتبطة بامتلاك السيارة، وفي عجز المواطن عن تحمل هذه التكاليف في ظل الوضع الاقتصادي المتردي.

أسباب عزوف المواطنين عن ترخيص سياراتهم

من هنا، قدمت “ نخبة بوست” مقترحًا يقضي بالسماح لأصحاب السيارات التي تجاوزت أعمارها عشر سنوات بشطب مركباتهم القديمة واستبدالها بسيارات جديدة، مع منحهم إعفاءً جمركيًا بشرط أن تكون السيارة الجديدة بنفس السعة اللترية (السي سي).

يهدف هذا الاقتراح إلى تقليل التكاليف التشغيلية الإضافية التي تم الحديث عنها، بالإضافة إلى الإعفاء من الغرامات ورسوم الترخيص المترتبة على عدم تجديد التراخيص التي أقرّتها الحكومة؛ وعليه، تم طرح هذا الاقتراح على خبراء ومختصين لإبداء آرائهم حوله.

مجاهد: المقترح جيد شرط حصره بـ “السيارات الكهربائية”

من جانبه؛ أكد وزير النقل الأسبق المهندس جميل مجاهد لـ “نخبة بوست” على أهمية المقترح القاضي باستبدال السيارات القديمة التي تجاوز عمرها عشر سنوات بسيارات جديدة، لكنه شدد على ضرورة أن تكون السيارات الجديدة “سيارات كهربائية” فقط، وذلك نظرًا لما تحققه السيارات الكهربائية من توازن بين مصلحة المواطن، البيئة، والاقتصاد.

وتابع مجاهد بأن السيارات الكهربائية، على سبيل المثال، أقل تكلفة تشغيلية مقارنة بالسيارات التقليدية، كما أن رسوم ترخيصها السنوية منخفضة جدًا.

مجاهد: إذا كنا جادين في معالجة أسباب عدم ترخيص السيارات، يجب أن نركز على تقليل التكاليف التشغيلية ورسوم الترخيص السنوية، وهذا قد يتحقق من خلال استبدال السيارات القديمة بسيارات كهربائية

وزير النقل المهندس جميل مجاهد

وأضاف مجاهد بأن تشجيع استخدام النقل العام قد يكون جزءًا من الحل، إذا عملت الحكومة على تحسينه وتوفير بدائل مريحة للمواطنين، خاصة أن الأسر الأردنية تنفق حوالي 25% من دخلها السنوي على تكاليف النقل.

أما فيما يتعلق بالمآخذ على المقترح، لفت مجاهد إلى أنه حال استبدال المواطن سيارته بسيارة جديدة، سيتحسن الوضع بشكل جزئي من حيث السلامة المرورية، لكن التكاليف التشغيلية لا تزال مرتفعة.

الدعجة: مقترح “إبداعي”؛ ويحتاج لدراسة ” متأنية”

وفي سياق تعليقه على مقترح القرار وتداعياته، أشار الخبير الأمني والاستراتيجي د. بشير الدعجة إلى أن هذا المقترح “إبداعي” لما يوفره من تحديث لأسطول المركبات؛ إذ يساعد في التخلص من السيارات القديمة ذات الانبعاثات المرتفعة والتكاليف التشغيلية العالية، مما يسهم في تحسين جودة الهواء وتقليل استهلاك الوقود.

كما أضاف الدعجة أن هذا المقترح سيحفز السوق المحلي ويعزز قطاع السيارات، بما يفتح آفاقًا جديدة للتجارة والاستثمار في المركبات الموفرة للطاقة أو الكهربائية؛ وهو ما سيؤدي أيضًا إلى تحسين السلامة المرورية، نظرًا لأن السيارات الحديثة مزودة بأنظمة أمان متطورة، مما يقلل من احتمالية الحوادث مقارنة بالسيارات القديمة.

الدعجة : تقليص عدد السيارات غير المرخصة على الطرقات سيسهم في تعزيز النظام الأمني، ويسهل تتبع المركبات ومراقبتها

الخبير الأمني والاستراتيجي د. بشير الدعجة

وحول التحديات المحتملة التي قد تواجه هذا المقترح، أشار الدعجة إلى أن التكاليف المالية التي يتطلبها قد تكون تحديًا، خاصة وأن تقديم حوافز مالية سخية قد يزيد الضغط على الموازنة العامة.

وأضاف بقوله “إن الإقبال قد يكون محدودًا، نظرًا لأن بعض أصحاب المركبات القديمة قد لا يتمكنون من تحمل تكلفة استبدال سياراتهم، حتى مع الإعفاء الجمركي”، مشيرا إلى صعوبة قد تواجهها الحكومة في اختيار المعايير وتحديد الفئات المستفيدة، وضمان عدم إساءة استخدام الإعفاءات.

ونوه الدعجة إلى أن تطبيق المقترح يحتاج إلى دراسة “متأنية” لضمان توازن الفوائد مع التحديات، كما أن نجاح هذه المبادرة يعتمد على وضع آليات واضحة لتحديد المستفيدين، وتوفير حلول تمويلية مثل القروض الميسرة أو الشراكات مع شركات السيارات؛ علما بأنه يمكن تعزيز الجدوى الاقتصادية من خلال تحفيز استيراد السيارات الكهربائية والهجينة التي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

الدعجة : تطبيق المقترح يحتاج إلى دراسة “متأنية” لضمان توازن الفوائد مع التحديات، كما أن نجاح هذه المبادرة يعتمد على وضع آليات واضحة لتحديد المستفيدين

الخبير الأمني والاستراتيجي د. بشير الدعجة

قندح : “فكرة جيدة”.. ولكن !؟

من جانبه؛ أشار الخبير الاقتصادي د. عدلي قندح إلى أن المقترح يعد “فكرة جيدة” للحكومة، على أن يتم تحديد استبدال السيارات بسيارات كهربائية، لما تحققه هذه السيارات من فوائد بيئية وتوفير مالي للمواطنين من جهة ثانية.

كما أضاف قندح أن الإجراء المقترح سيساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) التي وضعتها الأمم المتحدة، وسيعزز من استخدام السيارات الكهربائية؛ وأشار إلى أن المقترح سيجعل أسعار السيارات الكهربائية أكثر معقولية، رغم ارتفاعها في الوقت الحالي.

يُذكر أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اعتمدت أهداف التنمية المستدامة (SDGs) في عام 2015، التي تُعرف أيضًا بالأهداف العالمية، باعتبارها دعوة عالمية للعمل من أجل إنهاء الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030.

من ناحية أخرى، إذا كان الأمر يتعلق بالسيارات الهجينة أو التي تعمل بالبنزين، فيرى قندح أنه من الأفضل الحفاظ على العقوبات الحالية على المواطن لتشجيعه على التحول إلى السيارات الكهربائية أو الهجينة.

قندح:  يجب أن نحث المواطنين على استبدال سياراتهم بسيارات كهربائية، لأن هذه السيارات تتميز بتكاليف تشغيلية أقل، كما أن رسوم الترخيص السنوية لها منخفضة مقارنة بالسيارات التي تعمل بالبنزين

الخبير الاقتصادي د. عدلي قندح

ومن الناحية البيئية، تتمتع هذه السيارات بكفاءة أعلى وأقل تلويثًا، مما يفيد الاقتصاد الوطني ويساهم في استدامة البيئة؛ إلا أنه أشار إلى إمكانية تراجع أو القضاء على سوق السيارات التي تعمل بالبنزين أو الهجينة في حال تم التحول الواسع إلى السيارات الكهربائية.

خطوة إيجابية .. “مشروطة”

بالرغم من اتفاق الخبراء على أهمية المقترح الذي قدمته “نخبة بوست” ضمن هذا التقرير إلا أنهم أجمعو على ضرورة إجراء دراسة دقيقة ومتأنية لهذا المشروع لضمان تحقيق الفوائد المرجوة منه..

إذ يُعتبر القرار الحكومي بإعفاء السيارات التي انتهت تراخيصها من الغرامات والرسوم خطوة إيجابية في تخفيف العبء المالي عن المواطنين، إلا أن معالجة القضية بشكل أعمق تتطلب التركيز على التكاليف التشغيلية المرتفعة المرتبطة بامتلاك السيارة.

وإن كانت الاقتراحات المطروحة مثل استبدال السيارات القديمة بسيارات كهربائية تمثل خطوة نحو الحلول المستدامة بيئيًا واقتصاديًا، إلا أن تنفيذها يتطلب دراسة دقيقة لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد والتحديات المالية والاجتماعية.

وفي ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، تبقى الحاجة إلى تقديم حلول تمويلية مرنة وتعزيز النقل العام جزءًا لا يتجزأ من معالجة هذه المشكلة بشكل شامل.