نخبة بوست – ما يحدث اليوم في سوريا ليس مستغربا ولا مفاجئا للقوى الدولية المتشابكة على الارض السورية ، وانما تاخر التنفيذ لاختيار الوقت المناسب .. لقد كان الامر متوقعا منذ اكثر من ١٤ سنه منذ انطلقت الاحتجاجات في عدة مدن سورية كانت في بداياتها تطالب النظام بالاصلاح ، ولم ينجح النظام السوري في احتواء تلك الاحتجاجات وراهن على الصمت و على مرور الزمن ، معتقدا مبداء ان لا بديل للنظام للحفاظ على الدور السوري في المنطقة وتبريد ازماتها ومواجهة المنظمات المتطرفة السنية بدعم مباشر من ايران وحزب الله .
نتيجة ذلك ترسخ على ارض سوريا نفوذ الصراعات الاقليمية والدولية في المنطقة خلال الاربعة عشر عاما الماضية ، واصبحت كل هذه القوى تبحث عن تعزيز نفوذها بانشاء ودعم وتسليح تنظيمات لتكون ذراعها المنفذ لارادتها ومصالحها على الاراضي السورية وفي المنطقة وأجندات دولية أخرى .

قرار اعادة بناء توازن القوى في الشرق الاوسط وبدعم دولي يتمثل بوجود دور لدولة قوية من دول الاقليم لمواجهة ايران وامتدادها ونفوذها في سوريا ولبنان ، وهذا كان يشكل هاجسا للغرب وإسرائيل عجل بكشف مخاطره هجوم حماس على إسرائيل في ٧/ اكتوبر ٢٣.

العامل الاستراتيجي المتفق عليه دوليا والذي يحرك توازنات القوى في الشرق الأوسط ويغيرها هو امن إسرائيل وبقائها وتعزيز نفوذها، ومصير الشعب الفلسطيني .

تمدد النفوذ الايراني من طهران مرورا ببغداد ثم ال سوريا ولبنان ثم النفوذ الايراني على حماس في غزه، عمق من المخاوف التي تثير القلق على منطقة الشرق الأوسط والمصالح الدولية فيها بشكل عام واسرائيل بشكل خاص ، لان ايران الثورة و اطماعها تسير الى ابعد من سوريا و حزب الله وحماس في الشرق الاوسط وتمتد الى كافة دول الشرق العربي .

بالمعايير الاستراتيجية لا تستطيع اي دولة من الشرق الاوسط توقيف النفوذ الإيراني لاسباب جيو سياسيه عربية ، و تركيا السنيه المسانده بحلف الاطلسي ذات مصلحة كبيرة بوقف التمدد الايراني وتوسيع النفوذ التركي للوقوف امام التمدد الإيراني وحصره مرحليا في حدود العراق بعيدا عن تهديد امن اسرائيل .

توازن القوى و النفوذ بين ايران وتركيا اصبح يقوم على التقاسم ، نفوذ ايراني في العراق . وتركي على سوريا بسيطرة منظمات سنية مرحليا تحت توجيه ونفوذ تركي قوي على قراراتها .

هذا التوزان بالتقاسم هو الذي يحقق امن إسرائيل متمثلا بانكفاء ايران الى العراق وتحييد حزب الله في لبنان وسيطرة النفوذ التركي في سوريا، حيث علاقات قوية وحميده بين تركيا واسرائيل وحلف الاطلسي بعكس ماهو الحال مع ايران .

النفوذ التركي المرتقب في سوريا لا يهدد امن ووجود اسرائيل، لا بل يعطي افق جديد لصفقة من نوع ماء في الشرق الاوسط مع استلام الرئيس الامريكي المنتخب ترامب ،
وهذه التوازنات والتوافقات بين القوى ذات النفوذ تحضى برضاء دولي بغض النظر عن دعم او التخلي عن دعم نظام عائلة الاسد الحاكمة في دمشق منذ اكثر من نصف قرن ، ويحذر الرئيس السوري في تصريحات واضحة من خطورة النفوذ العثماني اشاره الى الاطماع التركيه العثمانية في سوريا …في الوقت الذي تحذر فيه دول عربية اخرى من اطماع الفارسي الايراني في العراق والخليج.

التطورات العسكرية الدراماتيكية في الصراع الشكلي الحالي في سوريا هو خطوة قوية وسريعه لاعادة وتغيير وجه المنطقة بما يتوافق مع المصالح الدولية .و تبرير المخرجات الاستراتيجية لهذا الصراع و التى ستخلق وتكرس توزان القوى المحلية والاقليمية والدولية في المنطقة.

الشي المهم الذي يحكم اغلاق ملف سوريا حاليا هو مصير النظام وكيف يمكن ايجاد مخرج مناسب له امام الراي العام المحلي والعربي والدولى .

التنظيمات المسلحة التي باتت تسيطر تدريجيا وسريعا في سوريا لن يسمح لها مستقبلا بان تحكم سوريا بأيدلوجيتها المعلنة، وهي تنتصر اليوم دون مواجهات حقيقية مع الجيش السوري الذي ينسحب بهدوء يثير كثيرا من التساؤلات امام تلك التنظيمات ، والتي لن تخرج باي حال عن سياسات انقره، ولن تشكل تهديدا خطيرا على نظام دول الشرق الأوسط .

السيناريو الأكثر احتمالا لاغلاق الملف الحالي في سوريا هو مجلس عسكري سوري بدعم دولي يرتبط بانقرة يخلف النظام الحالي وبداية مرحلة جديدة في الشرق الاوسط .

شاركها.
Exit mobile version