نخبة بوست – عندما بدأ الربيع العربي في عام 2011، سارعت بعض الدول إلى إجراء إصلاحات سياسية استجابةً لمطالب الشعوب، فتجاوزت الغضب العربي بهدوء دون إراقة دماء، ونجحت بعض الأنظمة في هذا الاختبار. إلا أن أنظمة أخرى غلبتها العزة بالإثم، واعتقدت أنها محصّنة من التغيير، فتمادَت في التلكؤ والمماطلة، مما أدى إلى سقوطها بيد شعوبها. من بين هذه الأنظمة كان النظام السوري، الذي أتيحت له فرصة تاريخية استمرت ثلاثة عشر عامًا لإجراء إصلاحات سياسية ودستورية استجابةً لمطالب الشعب.
رغم النصائح التي قدمتها العديد من دول العالم، وعلى رأسها جلالة الملك عبد الله الثاني الذي أرسل مسؤولين لتقديم نصائح بضرورة الإصلاح والتصالح مع الشعب من خلال الانفتاح وفتح حوارات مع مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، إلا أن النظام السوري استمر في المماطلة والعناد. اعتقد أنه تجاوز مرحلة الثورة والغضب الشعبي، لكنه فوجئ بالتغيير بشكل أسرع مما توقع.
أما الحكومة الأردنية الحالية، فقد بدأت بنشاط ميداني واضح، وحازت على رضا الشعب الذي استبشر خيرًا بها. إلا أنه، وبعد حصولها على الثقة، بدت وكأنها استرخت، وبدأت بالمماطلة في إجراء تغييرات إدارية على مواقع قيادية شغلتها نفس الشخصيات لفترات طويلة. على سبيل المثال، هناك مسؤول شغل مواقع بين مدير عام وأمين عام في وزارات مختلفة لمدة تجاوزت 28 عامًا. فهل عجزت الدولة الأردنية عن إيجاد كفاءات جديدة تحل محل هذه الشخصيات؟ وهل افتقدت النشميات الأردنيات القدرة على تقديم قيادات مؤهلة؟
المياه الراكدة أصبحت آسنة، والحكومة تبدو واثقة من رضا الشعب، لكنها قد تخسر هذه الثقة إن لم يرَ المواطنون تغييرات حقيقية وتطويرًا في مستوى الخدمات المقدمة. الشعوب العربية اليوم باتت أكثر جرأة على الانتقاد والمطالبة بحقوقها. ولنا في حكومة الدكتور هاني الملقي مثال عملي على انقلاب الشارع الأردني عليها.
أمام الحكومة الحالية فرصة تاريخية للتجاوب مع مطالب الشعب الأردني، خاصة في ظل التوجيهات الملكية السامية التي أكدت في خطاب العرش السامي على أولوية التحديث الإداري. على الحكومة أن تتخلص من عقدة “الأيدي المرتجفة” وترحيل الملفات، وألّا تخشى التغيير بسبب الواسطة أو المحسوبية.
المنهج القائم اليوم: إذا لم تُغيّر فسوف تُغيَّر، وإن لم تتقدم فسوف تتقادم. المظلوم لن يهدأ حتى يستعيد حقه. فهل التقطت الحكومة الرسالة؟ نتمنى ذلك، وللحديث بقية.