نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
يشكل سقوط نظام الأسد في سوريا منعطفًا حاسمًا في رسم خارطة النفوذ الإقليمي، خاصة بالنسبة لإيران التي جعلت من سوريا حجر الزاوية في استراتيجيتها الإقليمية منذ عقود.
إذ يُنظر إلى سوريا على أنها الامتداد الطبيعي لنفوذ إيران في المنطقة، وممرًا حيويًا يربطها بوكلائها في لبنان وفلسطين؛ ومع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، تواجه إيران تحديات غير مسبوقة تهدد بإعادة صياغة مكانتها الإقليمية وتقويض حضورها الاستراتيجي؛ ولعل السؤال الأبرز اليوم ماهو مصير النفوذ الإيراني وهل بات يبحث عن مخرج لأزماته المتتالية !؟
وفي هذا الصدد، قال د. نبيل العتوم المختص في الشأن الإيراني: “لا شك أن إيران قد خسرت عمقها الإستراتيجي، خاصة مع الخسارات المتكررة التي مُنيت بها سواء على صعيد وكلائها أو أذرعها الموجودين عبر ما أسماه “الحريق الإقليمي” وبالتالي، تمثل خسارة حماس والجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى حزب الله اللبناني وخسارة النظام السوري، أكبر ضربة أو نكسة أو نكبة بالنسبة للنظام الإيراني”.

وأضاف العتوم في تصريح خاص لـ “نخبة بوست” أن النظام الإيراني بدأ يتحدث عن خيارات عديدة، خصوصًا في ظل هذه التغيرات المتسارعة التي أصابت إيران؛ حيث تسعى إيران، في البداية، إلى نقل ما يسمى بـ“الثقل الاستراتيجي” بعد خسارة حزب الله اللبناني إلى سوريا.
هذه الخسارة الإستراتيجية بدأ يعبر عنها عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين، الذين يرون أن خسارة الأحواز أو خوزستان أقل بكثير من خسارة سوريا لما تمثله من أهمية باعتبارها “رأس الحربة” في المجال الحيوي الإيراني.
وفي ما يتعلق بخيارات إيران، أوضح العتوم أن هناك خيارات عديدة أمامها؛ إما المصالحة مع النظام السوري الجديد أو المعارضة السورية، أو انتظار التطورات التي قد تنبثق عن مواقف هذه المعارضة فيما يتعلق بثلاث مسائل أساسية:
- المصالح السياسية والجيوإستراتيجية لإيران في سوريا.
- موضوع الديون المترتبة على النظام السابق والتي تبلغ حوالي 131 مليار دولار.
- التفكير بآلية جديدة لما يسمى بـ”حماية الأضرحة والمقامات”.
ولفت العتوم إلى أن خيارات إيران ضمن هذا المجال إما التكيف مع النظام الجديد والتأقلم معه، أو البحث عن رؤية أخرى عنوانها نشر الفوضى في سوريا؛ حيث سبق أن تعهد قائد الحرس الثوري الإيراني بأن الأوضاع لن تستمر على حالها في سوريا بل سوف تتغير؛ كما أشار نائبه العميد علي فدوي إلى استعداد إيران للانتقال إلى الخطة “ب” و”قلب الطاولة” على الجميع إذا ما تعرضت مصالحها للتهديد.
الحرس الثوري الإيراني تعهد بـ “قلب الطاولة” إذا تعرضت مصالحه للتهديد
العتوم
وحول تداعيات ما جرى في سوريا، أوضح العتوم أن الإيرانيين يستعدون لمواجهة ضربة عسكرية محتملة من جانب إسرائيل، خاصة بعد استهداف الدفاعات الجوية الإيرانية التي تمت في 26 أكتوبر من هذا العام؛ هذا التطور جعل الطريق معبدًا وسالكًا أمام سلاح الجو الإسرائيلي لتوجيه ضربات جديدة.
ويرى العتوم أن الأمور مرشحة للتصعيد خلال الفترة القادمة، لا سيما بعد الخسارة الإستراتيجية التي مُنيت بها إيران.
الإيرانيون يستعدون لمواجهة ضربة عسكرية محتملة من جانب إسرائيل، خاصة بعد استهداف الدفاعات الجوية الإيرانية التي تمت في 26 أكتوبر من هذا العام
العتوم
وأشار العتوم أيضًا إلى وجود خيارات عديدة أمام المعارضة السورية، ومنها محاولة تقليص النفوذ الإيراني إلى أقصى درجة ممكنة، وإقامة علاقات دبلوماسية حذرة مع النظام الإيراني؛ هذا يشكل تهديدًا للأمن السوري من ناحية، كما يؤثر من ناحية أخرى على علاقات سوريا الإقليمية والدولية.
وربما، وفقًا للعتوم، هناك تعهدات بمحاولة جلب إيران إلى ” الحضن العربي”، ومحاولة بناء علاقات تطبيع مع الدول الغربية على حساب العلاقة مع إيران.
واختتم العتوم بقوله “صانع القرار السياسي والأمني الإيراني يدرك ذلك جيدًا ويدرك تبعاته، وربما يلجأ إلى خيارات عديدة منها بث الفوضى، أو إعادة بعث “داعش” و”القاعدة” من جديد لإجبار الدول الغربية والحكومة السورية الجديدة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والقبول بحل توافقي مع الدولة الإيرانية”.