نخبة بوست – كتب: هزاع البراري ( الكاتب والمحلل السياسي)
من المؤكد أن سقوط نظام الأسد في دمشق له تأثير حاسم في تغيير الخريطة السياسية اللبنانية، فمنذ دخول الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 بغطاء من جامعة الدول العربية لإخماد الحرب الأهلية التي بدأت قبل عام واحد من ذلك، والنظام السوري يحكم قبضته على لبنان سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا.

وقد تجاوز الجيش السوري المهام التي منحته شرعية الدخول إلى لبنان، حتى أصبح شريكًا أساسيًا في الحرب التي استمرت قرابة خمسة عشر عامًا؛ لكن الهيمنة السورية في لبنان لم تنتهِ مع توقيع اتفاق الطائف، بل اتخذت أشكالًا متعددة، وكانت واضحة بشكل سافر؛ فالجيش منتشر في بيروت وغيرها من المدن، وتمت مصادرة الدولة اللبنانية تمامًا، فقد أحكمت دمشق قبضتها على كل شيء تقريبًا، وقامت بتمكين حلفائها من القوى اللبنانية، فصار كل شيء يمر من دمشق، سواء انتخاب رئيس الجمهورية أو تكليف رئيس الوزراء وغيرها من المناصب السياسية والعسكرية والأمنية والمدنية، بالإضافة إلى مصادرة القرارات السيادية للبنان. وهذا كان له دور كبير وعلى مدى عقود في أزمة لبنان المزمنة أو ما يسمى بحالة الاستعصاء السياسي اللبناني.
الهيمنة السورية في لبنان لم تنتهِ مع توقيع اتفاق الطائف، بل اتخذت أشكالًا متعددة، وكانت واضحة بشكل سافر؛ فالجيش منتشر في بيروت وغيرها من المدن، وتمت مصادرة الدولة اللبنانية تمامًا
إذاً، ما هو لبنان القادم بعد زوال النظام السوري الذي دام أكثر قليلًا من نصف قرن؟ لا شك أن المعادلة تغيرت تمامًا، فنظام الأسد بثقله وحجم تأثيره وسلطة حلفائه لم تعد موجودة، كما أن حزب الله، الذراع الطولى للنظام السابق، أصابه الضعف الكبير، بل وازداد هذا الضعف بشكل أعمق أثرًا بعد سقوط نظام الأسد، ووجود قوى سياسية فاعلة في سوريا مناوئة لحزب الله ومن خلفه إيران.
ما هو لبنان القادم بعد زوال النظام السوري الذي دام أكثر قليلًا من نصف قرن؟ لا شك أن المعادلة تغيرت تمامًا، فنظام الأسد بثقله وحجم تأثيره وسلطة حلفائه لم تعد موجودة
وهذا كله، بالإضافة إلى الوضع الإقليمي العام والموقف الدولي الضاغط، بالتأكيد سيرسم ملامح لبنان الجديد، وسيتجلى ذلك قريبًا من خلال انتخاب رئيس جديد للبنان؛ وقد يكون قائد الجيش الأوفر حظًا، خاصة بعد أن أصبحت حظوظ سليمان فرنجية، رئيس تيار المردة، شبه مستحيلة، بعد أن كان يحظى بدعم حزب الله ومباركة نظام الأسد.
المشهد السياسي الحالي يظهر سمير جعجع ومن خلفه حزب القوات اللبنانية الأكثر تأثيرًا نظرًا لكونه يمتلك أكبر كتلة في البرلمان، في حين خسر التيار الوطني الحر حضوره المؤثر في البرلمان
المشهد السياسي الحالي يظهر سمير جعجع ومن خلفه حزب القوات اللبنانية الأكثر تأثيرًا نظرًا لكونه يمتلك أكبر كتلة في البرلمان، في حين خسر التيار الوطني الحر حضوره المؤثر في البرلمان؛ وهذا كله يهيئ للتحالفات الداخلية والتفاهمات الخارجية، التي قد ينتج عنها انتخابات برلمانية مبكرة تكون نتائجها مفاجئة وتسهم في تغيير المعادلة الكلاسيكية بشكل واضح.
الآن، الفرصة التاريخية سانحة ليبادر اللبنانيون إلى استعادة دولتهم وبناء لبنان جديد بعيد عن تجاذبات التيارات الخارجية والمحاور غير الوطنية. نعم، فرصة قد لا يجود الزمان بمثلها في وقت قريب إذا تم تفويتها.