نخبة بوست – كتب: عصام المساعيد (ئيس جمعية فرسان التغيير للتنمية السياسية وتطوير المجتمع المدني)
القضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع سياسي أو إقليمي بل هي مسألة إنسانية وأخلاقية تمس جوهر العدالة والكرامة الإنسانية وهي في صميم القضايا المركزية التي لطالما شكّلت وجدان الأمة العربية والإسلامية، ولعل المملكة الأردنية الهاشمية بقيادتها وشعبها كانت ولا تزال على رأس المدافعين عن هذه القضية العادلة.
إن الدور الأردني تجاه القضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة بل هو امتداد تاريخي لرسالة الثورة العربية الكبرى وللشرعية الدينية والسياسية التي تتمتع بها القيادة الهاشمية في الدفاع عن مقدسات الأمة وقضاياها العادلة.
أولاً: الدور السياسي والاستراتيجي للأردن
يقف الأردن في قلب الصراع العربي الإسرائيلي ليس فقط بحكم الجغرافيا وإنما بحكم التاريخ والموقف الثابت الذي يرتكز على مبادئ واضحة، فمنذ عام 1948 وحتى اليوم قدم الأردن دعمًا استراتيجيًا لفلسطين بدءًا من استضافة اللاجئين الفلسطينيين وتوفير الحماية لهم وصولًا إلى التصدي لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية.
سياسيًا، تبنّى الأردن موقفًا متقدمًا على الساحة الدولية حيث حرص على استثمار وجوده في المحافل العالمية سواء في الأمم المتحدة أو منظمات حقوق الإنسان وذلك للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولعل آخر هذه الجهود هو تحذير المملكة المستمر من خطورة السياسات الإسرائيلية التوسعية ومن محاولات تهويد القدس وطمس هويتها الإسلامية والمسيحية.
حيث أن الملك عبدالله الثاني كان دائمًا الصوت العربي القوي في الدفاع عن حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد الذي يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هذه المواقف الأردنية تأتي انطلاقًا من إدراك استراتيجي بأن استمرار الصراع دون حل عادل سيُبقي المنطقة بأسرها في حالة عدم استقرار وسيهدد الأمن الإقليمي والدولي.
ثانياً: الوصاية الهاشمية على المقدسات (مسؤولية دينية وتاريخية)
منذ عام 1924 حمل الهاشميون مسؤولية الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وهو دور يحمل دلالات دينية وسياسية عميقة، الوصاية الهاشمية ليست مجرد التزام سياسي بل هي واجب ديني تستمده القيادة الأردنية من مكانتها كذرية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ففي ظل الهجمات الإسرائيلية المستمرة على المسجد الأقصى ومحاولات تهويد القدس كان الأردن دائمًا في خط الدفاع الأول، إذ تمثل الوصاية الهاشمية خط الدفاع الأخير عن هوية القدس الإسلامية والمسيحية حيث استثمر الأردن موارد هائلة لترميم المقدسات ودعم صمود أهل القدس ومواجهة كل محاولات إسرائيل لتغيير الوضع القائم في المدينة.
ثالثاً: الدور الإنساني والاجتماعي للأردن
على الصعيد الإنساني، تحمل الأردن عبئًا هائلًا نتيجة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وذلك منذ نكبة عام 1948، استقبلت المملكة ملايين اللاجئين الفلسطينيين ووفرت لهم الملاذ الآمن والخدمات الأساسية على الرغم من مواردها المحدودة، إن احتضان الأردن لأكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين هو شاهد على التزام المملكة بقيم التضامن العربي والإنساني، كما أن الأردن يلعب دورًا محوريًا في دعم صمود الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة من خلال توفير الدعم الإغاثي والإنساني عبر مؤسسات مثل القوات المسلحة الاردنية والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية وغيرها من الهيئات الرسمية والشعبية التي تسعى لتخفيف معاناة الفلسطينيين جراء الاحتلال والحصار.
رابعاً: تحليل سياسي واجتماعي للدور الأردني
إن الأردن يدرك أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية شعب شقيق بل هي قضية ترتبط مباشرة بالأمن القومي الأردني، فاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وتهديد حل الدولتين ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية كلها تشكل تحديات وجودية للأردن، من جهة أخرى فإن الشعب الأردني والفلسطيني تربطهما وشائج الدم والتاريخ المشترك وهو ما يجعل القضية الفلسطينية جزءًا لا يتجزأ من الوعي الجمعي الأردني، لذلك نجد أن الموقف الأردني ليس مجرد موقف رسمي للدولة بل هو موقف شعبي يعبر عنه كل بيت أردني وكل مواطن أردني.
خامساً: الأردن والقضية الفلسطينية (مسؤولية أمة بأكملها)
إن ما يفعله الأردن تجاه القضية الفلسطينية ليس مجرد التزام سياسي أو إنساني بل هو واجب أخلاقي وديني فالقضية الفلسطينية هي قضية أمة بأكملها والأردن بحكم موقعه التاريخي والجغرافي والديني يحمل هذه المسؤولية نيابة عن الجميع.
في الختام، يجب أن يدرك العالم أن الأردن لن يتخلى عن دوره في الدفاع عن فلسطين والقدس ولن يقبل بأي حل ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، كما أن المجتمع الدولي مطالب بأن يتحمل مسؤولياته وأن يضغط على إسرائيل لوقف سياساتها العدوانية، لأن استمرار الظلم في فلسطين هو وصمة عار في جبين الإنسانية بأسرها.
الأردن سيبقى على العهد، مدافعًا عن فلسطين وعن القدس وعن العدالة التي طال انتظارها فهذا هو قدر المملكة الأردنية الهاشمية «قيادةً وشعبًا» أن تكون الدرع الحامي للقضية الفلسطينية والصوت الذي يطالب بالحق مهما اشتدت التحديات.