* الطويل: السياسة الأردنية تجاه سوريا تركز على تحقيق الاستقرار ومصالح البلدين المشتركة
نخبة بوست – شذى العودات
مع تشكيل الحكومة السورية الجديدة وبدء مرحلة إعادة البناء، تتحرك المملكة الأردنية الهاشمية بخطى مدروسة لتعزيز علاقتها مع دمشق، واضعة نصب عينيها الفرص الاقتصادية التي تحملها هذه المرحلة المفصلية؛ فزيارة وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي إلى سوريا جاءت لتؤكد على محورية الدور الأردني في دعم استقرار سوريا والعمل على صياغة رؤية مشتركة لمستقبل اقتصادي يربط البلدين.
وفي وقت تشهد فيه المنطقة تحولات سياسية كبيرة، تسعى عمان ودمشق لتفعيل قنوات التعاون في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة، النقل، التعليم، والصناعات الدوائية، بما يعكس التزام الأردن بالاستفادة من الفرص المتاحة لدعم الاستقرار والتنمية الاقتصادية.
هذه الزيارة، التي تتزامن مع إعادة ترتيب الأولويات الإقليمية، تعتبر خطوة تاريخية نحو تعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين، ما يمهد الطريق لشراكة تعكس المصالح المشتركة وترسم مستقبلًا اقتصاديًا مستدامًا في مرحلة ما بعد الاستقرار.
ولكن؛ كيف يمكن لهذا التعاون الاقتصادي أن يسهم في بناء شراكة استراتيجية تعزز استقرار المنطقة وتحقق التنمية المستدامة لكلا البلدين؟
الطويل: استقرار سوريا أولويتنا .. والأردن يدعم نظامًا سياسيًا يمثل الجميع
وفي هذا الصدد؛ قال الوزير الأسبق سامر الطويل، في تصريح خاص لـ“نخبة بوست”، أن السياسة الخارجية الأردنية تجاه سوريا في المرحلة المقبلة تركز على دعم استقرار سوريا وتثبيت نظام سياسي يمثل جميع أطياف الشعب السوري.
وأكد أن الأردن يدعم خيارات الشعب السوري في اختيار قيادته المستقبلية، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية وضرورة وجود نظام سياسي قابل للحياة.
وأضاف الطويل أن مصلحة الأردن تتطلب وقف تهريب الكبتاغون وتعزيز حماية الحدود؛ مشيرًا إلى أن الأمن الحدودي بين الأردن وسوريا يمثل أولوية قصوى.
التعاون الاقتصادي: رؤية تفصيلية ومتكاملة
وحول التعاون الاقتصادي مع سوريا، أوضح الطويل أن الأردن يجب أن يكون واقعيًا في تعامله مع هذا الملف، مركزًا على القطاعات التي يتميز بها والتي تحقق مصالح مشتركة للشعبين الأردني والسوري.
وقد صنّف الطويل المجالات الاقتصادية التي يمكن للأردن أن يلعب فيها دورًا محوريًا كالتالي:
1. قطاع التعليم
أكد الطويل أن قطاع التعليم يمثل فرصة كبيرة للتعاون مع سوريا؛ إذ يمكن للأردن المساهمة في إنشاء المدارس، الجامعات، والمعاهد المهنية داخل سوريا، مستفيدًا من التشابه الثقافي والاجتماعي بين البلدين.
2. قطاع الصحة والصناعات الدوائية
وشدد الطويل على أن القطاع الطبي الأردني متقدم جدًا، مما يتيح فرصًا للتعاون في إنشاء المستشفيات، المراكز الصحية، والمختبرات داخل سوريا.
3. قطاع الطاقة
وأوضح الطويل أن مشروع الربط الكهربائي بين الأردن وسوريا يُعد من الأولويات، حيث يعاني الأردن من فائض كبير في الطاقة الكهربائية يمكن توجيهه لتلبية احتياجات سوريا المتزايدة؛ مؤكداً على أن هذا المشروع يمكن أن يتم تنفيذه بسرعة لدعم القطاعين الاقتصادي والخدمي في سوريا.
4. قطاع النقل والتجارة
ولفت الطويل إلى أهمية تعزيز التجارة بين البلدين، مشيرًا إلى أن الموانئ الأردنية يمكن أن تكون بوابة رئيسية لنقل البضائع من وإلى سوريا، ما يُقلّل من التكاليف ويُسرّع العمليات التجارية.
5. قطاع الصناعات الغذائية
وأشار الطويل إلى أن الصناعات الغذائية تمثل فرصة كبيرة للتعاون، حيث يمكن للأردن تصدير منتجاته الغذائية إلى سوريا بأسعار تنافسية، وفي الوقت نفسه استيراد المنتجات السورية بأسعار منخفضة، مما يعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين.
6. قطاع الصناعات النسيجية
وتطرق إلى أن الصناعات النسيجية السورية تضررت بشكل كبير خلال الأزمة، مما يفتح المجال للتعاون مع الأردن لإعادة إحيائها، سواء من خلال الشراكات أو عمليات التصدير والاستيراد.
7. قطاع التكنولوجيا والمعلومات
وأكمل الطويل إلى أن قطاع التكنولوجيا والمعلومات يُعد فرصة ذهبية، حيث يمكن للشركات الأردنية المتخصصة في هذا المجال أن تلعب دورًا رياديًا في دعم مشاريع الحكومة الإلكترونية والبنية التحتية الرقمية داخل سوريا.
8. التعاون في ملف إعادة الإعمار
وأكد الطويل أن الأردن يجب أن يكون واقعيًا في التعامل مع ملف إعادة الإعمار، حيث لا يمتلك الإمكانيات للمنافسة في مشاريع كبرى مثل بناء المصافي ومحطات الكهرباء؛ مشيراً إلى أن التركيز يجب أن يكون على المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تحقق فوائد مباشرة للشعب السوري وتخدم المصالح الأردنية.
9. قطاع المياه
وشدد الطويل على أهمية التعاون في ملف المياه المشتركة بين الأردن وسوريا؛ موضحاً أن حصة الأردن من مياه نهر اليرموك ومعالجة مشكلة الضخ الجائر للآبار على الحدود السورية الأردنية تُعد قضايا حيوية يجب معالجتها لضمان حماية المخزون المائي الأردني، خاصة في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية.
تفعيل الاتفاقيات القائمة
وأضاف الطويل أن الأردن وسوريا لديهما أساس قانوني قوي للتعاون، حيث تم توقيع اتفاقيات شاملة في عام 2001 تشمل التجارة الحرة، حماية الاستثمارات، ومنع الازدواج الضريبي.
استقرار سوريا نقطة تحول في العلاقات الثنائية..
واختتم الطويل تصريحاته بالإشارة إلى أن استقرار سوريا المتوقع خلال الأشهر القليلة القادمة سيُشكل نقطة تحول كبيرة في العلاقات الثنائية؛ مؤكداً على أن الأردن يمتلك خبرة طويلة في التعامل مع الملف السوري، مما يجعله في موقع متميز لدعم جهود إعادة الإعمار وتحقيق المصالح المشتركة.
هل يصبح استقرار سوريا بوابة لشراكة اقتصادية استراتيجية مع الأردن؟
مع بدء مرحلة إعادة الإعمار في سوريا، تقف العلاقات الأردنية السورية على أعتاب تحول اقتصادي واستراتيجي كبير؛ زيارة وزير الخارجية أيمن الصفدي إلى دمشق والتأكيدات على دعم الأردن لاستقرار سوريا وبناء نظام سياسي شامل، تفتح الباب أمام تعاون اقتصادي واسع في قطاعات محورية.
ومع وجود أرضية قانونية قوية من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، يبقى السؤال المطروح: كيف سيترجم هذا التعاون إلى شراكة استراتيجية تُسهم في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي لكل من الأردن وسوريا؟