نخبة بوست – حنين شريم
تنويه: هذا المقال يتناول قصص شخصيات مسلسل “أشواك ناعمة” بعد مرور ما يقارب العشرون عامًا على عرضه، هو من كتابة رانيا البيطار، وإخراج رشا هشام شربتجي، وشارك فيه عددًا من نجوم سوريا.
وما ستقرأه في السطور القادمة هو من وحي كاتبة هذا المقال، وكيف تخيلت حياة مراهقات “أشواك ناعمة” بعد أن أصبحن أزهارًا في منتصف العمر.
لنعد قليلًا بالذاكرة إلى قبل ثمانية عشر عامًا، لنعد إلى مدرسة الفضيلة للبنات حيث التقينا أول مرةٍ بطالبات هذه الثانوية وتشاركنا معهم ضحكاتهم وهمومهم.
فها هي خلود (جيهان عبد العظيم) جالسة تحت الشجرة ولكن هذه المرة لا تفكر بـ “تشان شو” ولا بخطةٍ من أجل إبعاد علا الفنانة المشهورة عن والدها الكاتب العظيم. فهي أصبحت الآن أمًا لطفلين فقد تزوجت من فنان مشهور بعد أن انتهت من دراستها الجامعية كانت قد تعرفت عليه من خلال عمل والدها وزوجته علا في الوسط الفني.
هناك بجانب خلود نسمع ضحكات رزان (نادين تحسين بيك) ولكنها أخفت قليلًا مما اعتدنا عليه، فقد كبرت الآن وأصبحت واحدة من أهم المترجمين الفوريين للغة الإنجليزية في سوريا، بالطبع تزوجت من طبيب مشهور وجده والديها مناسب لها ولمركزها الاجتماعي كابنة طبيب مشهور وقاضية “اد الدنيا”.
ريما (كندا حنا) التي سعت والدتها دائمًا لتزويجها من رجل ذو منصبًا كبيرًا ونقود أكثر ما زالت عزباء، وكما تقول ابنة خالة والدة ريما “الطمع ضر وما نفع”.
“أويا أويا” نضال (سلاف معمار) ما زالت ترن في ممرات المدرسة، ربما لم تعد تستخدم “أويا أويا” لتنادي على صديقاتها إلا أنها أصبحت مرشدة نفسية في مدرسة الفضيلة للبنات بعد أن تعلمت من الآنسة حنان كيف تستمع وتساعد الطالبات في حل مشاكلهن قبل أن تتقاعد من هذه المهمة الصعبة. فبعد ما مرت به من عدم تقبلها لنفسها وعيشها على أنها صبي وهي فتاة لترضي والدها فقد جعل منها شخصًا قادرًا على فهم مشاعر الآخرين بشكل أكبر وولّد لديها رغبة بمساعدة غيرها.
لم تتخلى غزل (روعة السعدي) عن “الصرخات التحررية” التي “صرعت” بها المدرسة بعد أن عادت من كندا، ولكن صرخاتها هذه المرة كانت داخل قاعات اجتماعات الأمم المتحدة فقد افتتحت جمعية معنية بحماية حقوق الإنسان عامة والدفاع عن حقوق المرأة بشكل خاص. كما أنها أصبحت تدافع عن معتقدات بلادها وتحفظاته أمام الانفتاح الغربي بشكل أكبر.
أما حسناء (رنا العظم) صديقتها الصدوق، بعد معارك نعم معارك شديدة استطاعت أن تدخل التخصص الذي ترغب به وأصبحت كاتبة وبمساعدة والد خلود دخلت عالم التأليف والوسط الفني من أكبر أبوابه كما يقال، وبالتأكيد والدتها كانت فخورة بها على الرغم من عدم حملها لشهادة الطب. فلكل شخص منا حلمه الخاص ومستقبله الذي يجرب أن يغامر وهو يبنيه.
ربما نهاية مرح (ديمة قندلفت) وفرح (رواد عليو) هي الوحيد التي لم تكن سعيدة أو مرضية حتى لي أنا الكاتبة، إلا أنني لم أستطع إلا أن أتخيلها كدائرة مغلقة لم تتمكن الأختان من الهروب منها، فبعد دخول والدهما إلى السجن، وحال والدتهما كحال عدد من أمهاتنا لم تتمكن من توفير احتياجاتهم لهما بالإضافة إلى تتدخل الأعمام ورغبتهم بـ “ضب البنات قبل أن يفلتوا”، فتزوجت فرح من أحد أبناء عمومتها لتعود إلى نفس المأساة التي كانت تعانيها مع والدها.
كما أنها منعت من إكمال دراستها وعادت إلى حبسها ولكن هذه المرة داخل حيطان منزل زوجها، أما شقيقتها الكبرى مرح فلم تشفى أبدًا من الجرح الذي سببه لها والدها وبقيت داخل حيطان منزلها مع والدتها تحت رحمة عمها وزوج شقيقتها.
رهف (نادين سلامة) استطاعت أن تتحرر من الكابوس الذي لاحقها طوال فترة طفولتها ومراهقتها طبعًا بمساعدة طبيب نفسي مختص كانت نصحتها فيه الآنسة حنان، وقررت بعد أن تنتهي من الثانوية العامة أن تدرس الحقوق وأن تقف أمام كل مجرم حتى يأخذ عقابه. كما أنها تزوجت قريبها كرم الذي ساعدها ووقف بجانبها بعد أن عرف قصتها وما حصل معها في طفولتها.
“ياسمين النحيفة” (أناهيد فياض) فقد حافظت على جسدها بعد أن قاومت الطعام ومارست الرياضة لتجد فستان مناسب لها لحفل زفاف شقيقها، وأصبحت سيدة أعمال ولها عددًا من مراكز التغذية في سوريا ودبي.
آلاء (مجد نعيم) الفتاة الفقيرة التي اعتمدت على نفسها وأصبحت موظفة في إحدى شركات الأدوية، وكانت قد درست إدارة الأعمال في الجامعة وعملت كسكرتيرا بنفس الوقت لتساعد شقيقها في مصروف البيت ولكي يتمكن هو من أن يكمل دراسته بعد أن تزوجت شقيقتها رنا من ماهر اللذان مازالا يعملان في مكتب الأستاذ هيثم وأصبحا شريكين فيه.
نور (ريم زينو) الفتاة الغنية درست في جامعة خارج سوريا وعملت بعدها مع منظمات حقوق الإنسان في محاولة منها لتقديم المساعدة لجميع المحتاجين.
ربما مستقبل دانا (ليليا الأطرش) أكثر مستقبلًا واضحًا كان منذ بداية المسلسل فهي لم تصبح طيبة ولن تصبح كذلك تزوجت من ابن وزير (زواج مصلحة) وزاد ثرائها ثراء وغرورها غرور، وبالتأكيد كل هذه الصفات قامت بتوريثها لابنتيها اللاتين لم تكنا أقل جمالًا من والدتهما أو لا حتى أقل عنجهية.
غادة (لونا الحسن) قررت إنهاء حياتها في يوم زفافها على حدو، فلم تستطع أن تتقبل الواقع الذي فرض عليها فكانت وردة قد قطفت قبل أوانها.
هكذا رأيت مستقبل فتيات مدرسة الفضيلة بعد أن مرّ بهن قطار العمر، فمن هنّ من أصبحت قوية بعد أن كانت مستضعفة وأُخرى نجحت وحققت أحلامها وبعضهنّ لم يتمكن من التقدم حتى خطوة واحدة في طريق المستقبل، ولكن الأكيد أنهن مازلن “أشواكًا ناعمة”.