كتاب نخبة – محمد أبو رمان – صدر، قبل أيامٍ، عن معهد السياسة والمجتمع (في عمّان) ومؤسسة طمي للتنمية الشبابية، الكتاب الذي ألفته بالتشارك مع الباحث كامل النابلسي “سياسات الشباب في الدول العربية: ما الذي تغير بعد الربيع العربي؟”، وهو دراسة مقارنة تحليلية لسياسات ثماني دول عربية تجاه الشباب (مصر، تونس، الأردن، المغرب، لبنان، الكويت، البحرين، السودان)، جرى خلاله تحليل السياسات الشبابية قبل مرحلة الربيع العربي، بدرجة رئيسية منذ الاستقلال، ثم بعد الربيع العربي، ومحاولة استنطاق التغييرات التي حدثت، سواء على صعيد الخطاب والإدراك السياسي الرسمي لقضية الشباب، أو البنى المؤسسية التي تتعامل مع ملف الشباب والاستراتيجيات والسياسات والبرامج الشبابية … إلخ.
جاء الكتاب للبحث في ماهية التحول في إدراك النظم العربية لحظة الربيع العربي، وتحليل الأسباب التي دفعت الشباب العربي إلى الانخراط بشدة في هذه الثورات التي وصفت بالشبابية، ثم كيف كانت الاستجابة العملية لهذا الإدراك. وقبل ذلك، أجرى مؤلفا الكتاب تحليل العوامل المؤثرة على الشباب في مرحلة الربيع العربي، وكان هنالك تركيز على “البعد الجيلي” ليس بالمعنى البيولوجي، بل السياسي، وفقاً للكتب والدراسات النظرية التي تناولت هذا المفهوم وربطته بالسياقات التاريخية والتحدّيات الكبرى التي يتعرّض لها كل جيل، وجرى إسقاط ذلك على المجتمعات العربية التي دخلت في أزمات سياسية من انسداد ديمقراطي وتفكّك النظام الريعي، بالتزاوج مع انتشار الوسائل التكنولوجية التي أعادت تعريف المجال العام، ودفعت جيل الشباب إلى اجتياح المسرح السياسي وصناعة الحدث.
وانتهى الكتاب، بعد المقارنات والتحليلات، إلى القول إنّه بالرغم من التحديثات والتحولات والتعديلات التي قامت بها الحكومات العربية في مجال السياسات الشبابية، فإنّ ذلك لم يؤدّ إلى حلول جوهرية لأزمة جيل الشباب اليوم، على صعيد علاقتهم بالدولة والإدماج في الحياة السياسية، وعلى صعيد إيجاد آفاق مستقبلية وحلول للمشكلات الاقتصادية والضغوط المجتمعية التي تواجههم. والسبب الرئيس في ذلك أنّ استجابة الحكومات العربية جاءت غالباً كردّة فعل، ومرتبطة بالأحداث والتطورات، بل موازين القوى على أرض الواقع، وبالنظر، غالباً، إلى هذا الجيل من زاوية التهديد لاستقرار الأنظمة، والفكرة التي طغت على الحكومات تمثّلت بمحاولات الاحتواء، وباختزال “الأزمة الشبابية” في أبعاد اقتصادية واجتماعية أو حتى سياسية ترتبط بحجم التمثيل.