نخبة بوست – وفاء صبيح

في ظل الرواج الواسع والإنتشار الملحوظ الذي حققه نظام الدفع الفوري “كليك” لدى عملاء البنوك والمحافظ الإلكترونية بالمملكة تتباين ردود الفعل حول التوجه لفرض عمولة على التحويلات المالية المرسلة عبر “كليك” قبل منتصف العام الحالي.

يأتي ذلك في وقت تشير فيه آخر الإستطلاعات إلى أن نسبة كبيرة من المستخدمين قد تتوقف عن استخدام هذه الخدمة في حال تم فرض عمولات مرتفعة عليها. مما يضع علامات استفهام حول الأثر المحتمل لفرض أي رسوم على مستقبل هذه الخدمة؟!

“لماذا تلجأ الدولة إلى فرض عمولة على كل شيء نتعود عليه وبيحطونا تحت الأمر الواقع؟!”.. بهذه العبارة عبّر مواطنون لـ “نخبة بوست” عن امتعاضهم من موضوع فرض رسوم على “كليك”.

مواطنون: “كل شيء بنتعود عليه بيفرضو عليه عمولة؟!”

إذ قالت مرام وليد أن نظام “كليك” مريح للغاية وسهّل عليها تعاملاتها المالية في مختلف نواحي حياتها اليومية . وأشارت إلى أنها بكسبة ” زر” واحدة تقوم بإرسال مبلغ من المال لوالدتها التي تسكن في محافظة أخرى. وأشارت إلى أنها لا تستغني عن “كليك” سواء كان ذلك لدفع فواتير الماء والكهرباء أو لسداد مصاريفها الأخرى.

لكن بالرغم من ذلك، نوّهت مرام وغيرها من المواطنين لـ “نخبة بوست” أنه في حال فرض أي عمولات على “كليك” سيجدون أنفسهم مضطرين إلى التوقف عن استخدامه والبحث عن بدائل أخرى نظرا لعدم القدرة على تحمل أعباء مالية إضافية.

إلا أن الحال قد يبدو مختلفا بعض الشيء لدى حمزة محمود وزملائه في العمل والذين أكدو أنه في حال اتخاذ قرار فرض عمولة على “كليك” يجب أن تكون بأسعار “معقولة” مع تجنب فرض رسوم مرتفعة قد تؤدي إلى انقطاع المستخدمين عن هذه الخدمات والبحث عن بدائل أرخص.

ما هو الـ “كليك”؟

يعتبر “كليك” أحدث نظام للدفع الفوري في الأردن والذي أطلقته الشركة الأردنية للدفع والتقاص “جوباك” خلال جائحة كورونا عام 2020، حيث يتيح النظام إمكانية إرسال واستقبال الأموال بين الحسابات البنكية في جميع البنوك المشاركة على النظام من وإلى المحافظ الإلكترونية في الأردن بشكل فوري.

ويتم تقديم خدمات نظام كليك من خلال تطبيقات البنوك، مما يسهّل الوصول إلى الخدمة بشكل مباشر وسلس من قبل عملاء البنوك، كما يعتمد نظام كليك على معيار (ISO 20022) للرسائل المالية ويوظف المبادئ الدولية المتطورة للبنية التحتية للمنظومة، مما يجعله إضافة قيّمة لمنظومة الدفع الرقمي في الأردن، كما يعد التشغيل البيني من أهم أسس تشغيل نظام كليك وأحد الأهداف الإستراتيجية لـ “جوباك”.

قندح: ” لا أؤيد فرض عمولة ولكن..”

د. عدلي قندح – خبير مصرفي ومالي

من جانبه، اكد الخبير المصرفي والمالي د. عدلي قندح أن نظام “كليك” يسهم في تعزيز كفاءة النظام المالي في الأردن، ويقلل من الإعتماد على المعاملات النقدية من خلال تقديم بديل مناسب يسهل الوصول إليه، علاوة عن زيادة سرعة حركة الأموال في السوق الأردني وتقليل ضغوط السيولة كما يعزز من الشمول المالي والمشاركة الإقتصادية.

وأشار قندح إلى أن عدد مستخدمي نظام “كليك” بلغ نحو 1.24 مليون فرد بحلول كانون الثاني 2024، مع إجمالي حركات بلغت 4.5 مليون حركة وبإجمالي 694 مليون دينار، ويمثل هذا النمو الملحوظ دليلًا على الدور الحاسم الذي يلعبه نظام “كليك” في دعم التحول الرقمي في الأردن.

تأييد الذهاب لعمولة من عدمها!

وحول فرض عمولات على “كليك”؛ قال قندح ” لا أؤيّد هذا التوجه، لكن يمكن تغطية تكاليف الخدمة من خلال الأرباح التي تحققها البنوك عبر الخدمات المصرفية والمنتجات الأخرى وذلك لتخفيف العبء عن العملاء”.

واضاف لكن في حال تم اتخاذ قرار فرض رسوم على “كليك” أقترح أن يتم تأسيس صندوق للمسؤولية المجتمعية للبنوك من الأموال المتحصلة من هذه الخدمة ليعمل هذا الصندوق وفقاً لمعايير محددة على دعم قطاعات معينة من المجتمع.

“المنتدى الاقتصادي”: فرض عمولة على “كليك” يعرقل تعزيز الشمول المالي

المنتدى الإقتصادي الأردني يرى في هذا الجانب أن فرض عمولة على “كليك” قد يعيق الجهود الرامية لتعزيز الشمول المالي، والذي يعد أحد الأهداف الرئيسية للاستراتيجية الوطنية للشمول المالي (2023- 2027) والتي أعلن عنها البنك المركزي الأردني.

وأكد المنتدى ضرورة إجراء دراسة عميقة ومتأنية لتحديد الأثر الفعلي لفرض العمولة. مشدداً على أهمية الحفاظ على مبدأ العدالة وتقديم خدمات مالية بتكلفة مقبولة لضمان استمرارية النمو في الاستخدام المالي الرقمي. وكذلك لدعم جهود الشمول المالي في المملكة. جاء ذلك خلال ورقة موقف حول دراسة فرض عمولة على خدمات “كليك” أصدرها مؤخرا.

وتتركز نسبة كبيرة من المستخدمين بين الشباب في الفئات العمرية من 18 إلى 30 عاماً. بمتوسط يصل إلى 40% من إجمالي المستخدمين. حيث يُعزى هذا الإنتشار الواسع بين الشباب إلى الوعي الرقمي المرتفع والميل نحو التكنولوجيا الذي يميز هذه الفئة العمرية.

وأشار المنتدى إلى حالة من القلق بين أصحاب الأعمال والمهنيين حول التأثيرات المالية لفرض عمولات على خدمات الدفع الإلكتروني. والتي قد تؤدي إلى إعادة تقييم استخدام هذه الخدمة، خصوصا بين الفئات العمرية الشابة التي تمثل جزءًا كبيرًا من مستخدمي “كليك”.

دية: “خطوة ليست في الإتجاه الصحيح”

منير دية – خبير اقتصادي

بدوره قال الخبير الإقتصادي منير دية أن نظام “كليك”. تمكن منذ إطلاقه قبل 4 سنوات من تحقيق شعبية واسعة في السوق الأردني وأسهم بتلبية إحتياجات كل مواطن، إذ بلغت قيمة الأموال المحوّلة عبر “كليك” خلال العام الماضي نحو 5 مليار دينار.

وأضاف أن “جوباك” تتجه إلى وضع رسوم رمزية على نظام “كليك”. – دون النظر إلى حجم المبلغ المراد تحويله – ليتم إقراره خلال النصف الاول من العام الحالي. وذلك لتغطية رسوم تشغيل وتطوير النظام إضافة إلى تأمين كافة تكاليفه الأخرى والاستمرار بتوفير خدماتها بكفاءة.

وأشار دية إلى أن فرض رسوم على خدمة “كليك” هي خطوة ليست في الإتجاه الصحيح. فالبنوك المحلية حققت أرباح قياسية خلال العام الماضي إذ تجاوز صافي الدخل مليار و 200 مليون دينار. وبالتالي جميع البنوك حققت أرباح بنسب تخطى بعضها حاجز الـ 300%.

وقال دية ” أن قرارات البنك المركزي برفع الفائدة 11 مرة خلال السنتين الماضيتين انعكست على الوضع المالي للبنوك والذي يشهد تحسناً مستمر. لذا أعتقد أننا لسنا بحاجة اليوم إلى فرض رسوم على ” كليك” باعتبارها تؤثر على الإقتصاد الكلي بشكل إيجابي

علاوة عن أن قرار فرض عمولات قد يتسبب بانسحاب المواطنين من هذه الخدمة. لذا يكمن الحل من وجهة نظري بأن تقوم البنوك بإقتطاع رسوم بسيطة من الأرباح التي حققتها لتغطية نفقات “كليك” “.

الخلاصة: دراسة معمقة..

نظام الدفع الإلكتروني “كليك” بكونه مجانياً حالياً؛ يعتبر الخيار الأمثل لعمليات تحويل الأموال بين الأفراد. لذا من الضروري إجراء دراسة معمّقة حول قرار فرض عمولات على النظام وتقييم تأثيره على مستخدميه. خصوصا في ظل وجود شركات وأنظمة دفع متعددة ومتنوعة تستخدمها الأفراد والشركات. والتي قد تكون بديلًا محتملًا عن خدمات “كليك” في تحويل الأموال بعد فرض العمولة عليه.

ومن المهم أيضا توفير خيارات لتحويل الأموال بدون تكلفة للأفراد. لضمان عدم تعارض ذلك مع مبادئ الشمول المالي ورؤية التحديث الاقتصادي.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version