نخبة بوست – تعيش المنطقة برمتها أوضاعاً سياسية واقتصادية غير مسبوقة، فالأزمات تتوالى وتشتد يوماً بعد يوم وقد تنزلق المنطقة برمتها في أي وقت إلى حرب مفتوحة قد تعصف بالكثير من الدول وتدخلها في غمار الفوضى والصراعات وتجلب لها الخراب والدمار.

المنطقة اليوم على مفترق طرق بسبب أحداث السابع من أكتوبر الماضي والعدوان الإسرائيلي المستمر لأكثر من مئتي يوم على غزة وارتكابه آلاف الجرائم والمجازر متجاوزاً كل القوانين والمواثيق الأعراف الدولية ضارباً بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية، علاوة عن توسع الصراع في المنطقة ودخول جبهات لبنان واليمن والعراق والتصعيد العسكري الأخير بين ايران وإسرائيل والذي دخل لأول مرة في التاريخ مرحلة الضرب المباشر بمئات المسيّرات والصواريخ الإيرانية على أهداف داخل الكيان المحتل.

لذا إسرائيل عاجزة تماماً حتى الآن من تحقيق أهدافها وإعادة قدرتها على الردع وتحقيق نصر صريح على جبهات غزة ولبنان وهي غير قادرة كذلك على إعادة أسراها او التوصل لاتفاق مع حماس حول ذلك بشروطها.

فحكومة الحرب في ورطة بسبب أوضاع داخلية متفجرة وكارثة اقتصادية غير مسبوقة وإخفاقات عسكرية وسياسية قد تطيح بها في القريب العاجل، إضافة إلى الظروف الراهنة على المستويين الإقليمي والدولي والتي لم يشهدها الكيان منذ نشأته وخسارته لدعم الكثير من شعوب العالم وانهيار صورته التي رسمها في اذهان العالم على أنه ضحية فيما يشاهد العالم يومياً جرائم الحرب التي يرتكبها بحق المدنيين في قطاع غزة.

البحث عن نصر سريع؛ هذا ما ترغب به إسرائيل لإعادة هيبتها أمام العالم وربما يدفعها ذلك لاجتياح رفح وجنوب لبنان وقد تكون هذه الخطوة سبباً في إشعال حرب في المنطقة وتوسع رقعة الصراع بشكل أكثر فاعلية وهذا بدوره سيجعل المنطقة تنزلق نحو حرب قد تتدخل بها دول عالمية لها مصالح إقتصادية وعسكرية وسياسية.

فالحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلاها على المنطقة وكذلك الصراع بين تايوان والصين، وبالتالي فإن روسيا والصين لها مصالحها في المنطقة وستدافع عنها بشراسة في محاولة لإشغال الولايات المتحدة الأمريكية أكبر فترة ممكنة في الشرق الأوسط، يأتي ذلك في ظل الدعم الأمريكي المباشر لأوكرانيا واسرائيل وتايوان والذي تم مؤخراً بعد إقرار الكونغرس لحزمة مساعدات تجاوزت 95 مليار دولار.

بالمحصلة، إقتصاد المنطقة برمتها في خطر كبير إذا ما تصاعدت حدّة الصراع ، فإغلاق المنافذ البحرية وتفاقم أزمة الشحن والملاحة وارتفاع أسعار النفط والغاز سيرفع نسب التضخم في المنطقة والعالم، كما سيدفع البنوك المركزية نحو العودة للسياسة النقدية المتشددة ورفع أسعار الفائدة او تثبيتها دون انخفاض وبالتالي تراكم المزيد من الديون على الحكومات والأفراد لاسيما في الدول العربية الفقيرة.

كما سيؤدي توسع الصراع واستمراره إلى تراجع معدلات النمو الإقتصادي وانخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتراجع إيرادات دول المنطقة بالتزامن مع دخول العديد من القطاعات الاقتصادية وخاصة السياحة والنقل والخدمات والتجارة في حالة ركود، وسيسهم ذلك في انهيار الأسواق المالية وتذبذب في سعر صرف العملات والعديد من التحديات الاقتصادية والإجتماعية مما سيضع المنطقة على حافة الإنهيار الإقتصادي.

اذاً فنحن أمام مفترق طرق إما التوصل إلى هدنة مع “حماس” ووقف العدوان على غزة أو توسع دائرة الصراع والدخول في حرب لا نهاية لها.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

خبير اقتصادي وكاتب في الشؤون الإقتصادية، المدير العام لمؤسسة المميزون للألبسة، هندسة حاسوب - جامعة العلوم التطبيقية، ماجستير إدارة أعمال - الجامعة الألمانية.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version