نخبة بوست – وفاء صبيح
في الكويت، الدولة التي تتمتع بنظام برلماني فريد في منطقة الخليج، تأتي خطوة حل البرلمان لتسلط الضوء على مرحلة حاسمة من التحوّلات السياسية، إذ يعد حل البرلمان أحد أبرز الإجراءات التي تعكس تقلّبات الحياة السياسية والإجتماعية في البلاد.
استكشاف الظروف والأسباب التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار المثير للجدل، والذي لا يخلو من تبعات سياسية واقتصادية قد تعيد تشكيل مستقبل الكويت، ولعل السؤال الأبرز على الساحة حاليا يتمحور حول العوامل الرئيسية التي أسهمت في هذا التطور السريع، بالإضافة إلى تقييم التأثيرات المباشرة والطويلة المدى لهذا الحدث على الكويت.
حالة من الضبابية في البلاد
يشهد الشارع الكويتي حالة من الضبابية خلال الآونة الآخيرة، إذ تسود الخلافات بين أمير البلاد ومجلس الأمة، وعلى إثره أعلن أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الجمعة، خلال كلمة متلفزة بثها تلفزيون الكويت عن حل البرلمان وتعطيل الحياة البرلمانية في البلاد.
وقال خلال كلمته ” أمرنا بحل مجلس الأمة، ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات، يتم خلالها دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية، مشدداً على أنه لا يمكن السماح للديمقراطية بالوصول لحد التمادي”.
وأشار أمير الكويت، في كلمته، إلى سلوك وتصرفات جاءت على خلاف الحقائق الدستورية الثابتة، موضحا أنه لن يسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة لأن مصالح أهل الكويت أمانة ويجب صونها وحمايتها، ووفقا للأمر الأميري، تتعلق تلك المواد بعمل مجلس الأمة ودوره في إصدار القوانين والمصادقة على الاتفاقيات.
القوة النقديّة للبرلمان
يرى محللون أن تعطيل الحياة البرلمانية في الكويت جاء نتيجة لعدم تحمل الأمير للقوة النقدية التي يتمتع بها البرلمان تاريخيا؛ واللافت هنا أن الخلاف الذي نشأ بين الأمير والبرلمان لم يكن وليد اللحظة بل جاء حصيلة توترات سابقة منذ اليوم الأول من وصوله للسلطة، بل حتى قبل تسلمه الحكم.
تعطيل الحياة البرلمانية؛ يشير وفقا لآراء المراقبون إلى وقف إصدار التشريعات أو إصدار قوانين مؤقتة تخدم غايات السلطة التنفيذية، بعيداً عن ما يمس مصالح الشعب، علما بأنه لا يوجد أي مخالفة دستورية وفقا لهذا الإجراء.
ترحيب بقرار الأمير
من ناحية أخرى، وصف خبراء سياسيون الوضع الراهن في الكويت بـ “فترة من الراحة تعيشها البلاد” ولفتو إلى أن استمرار الحياة البرلمانية سيبدأ بالعمل بعد 4 أعوام كما جاء في كلمة الأمير، وأكدو اهمية هذا القرار لمعالجة قضايا تمس سيادة الدولة الكويتية مرحبين بقرار الأمير لما فيه من مصلحة للبلاد.
أسباب حل البرلمان
التحديات السياسية، التوترات المتكررة بين البرلمان والحكومة خصوصا حول قضايا مثل الإصلاحات الاقتصادية والمالية وسياسات الدعم الاجتماعي، قد تكون من الأسباب الرئيسية لحل البرلمان، التحديات تظهر عندما تفشل الأغلبية البرلمانية والحكومة في التوصل إلى توافق في الآراء حول السياسات الكبرى.
الأزمات الاقتصادية، تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية أو المحلية قد يضغط على الحكومة لإجراء تغييرات جذرية في السياسة الاقتصادية، مما يستدعي حل البرلمان لضمان تنفيذ هذه التغييرات.
القانونية والدستورية، استنادًا إلى المادة 107 من الدستور الكويتي، يحق للأمير حل البرلمان، ولكن يجب إجراء انتخابات جديدة خلال شهرين من تاريخ الحل.
العملية الفعلية لحل البرلمان تتطلب قرارا من الأمير بناء على توصية من رئيس الوزراء، وبمجرد صدور المرسوم، يتم إعلان تاريخ الحل ويتوقف البرلمان عن ممارسة مهامه حتى انتخاب برلمان جديد.
حل البرلمان .. تأثيره السياسي والإقتصادي
أكد محللون أن المعطيات الراهنة تشير إلى أن حل البرلمان يمكن أن يؤدي إلى فترة من عدم الاستقرار السياسي، لكنه قد يفتح الباب لإجراء إصلاحات ضرورية، كما يؤدي حل البرلمان إلى ترقب وقلق في أسواق المال العالمية وصندوق السيادة الكويتي، بالإضافة إلى الشعور بعدم اليقين بين المواطنين.
الخلفية التاريخية للبرلمان الكويتي
البرلمان الكويتي المعروف باسم “مجلس الأمة” يشكل جزءا أساسيا من نظام الحكم في الكويت ويعتبر من الركائز الديمقراطية في المنطقة.
منذ استقلال الكويت في 1961، وتأسيس مجلس الأمة في عام 1963، شهد البرلمان عدة حلول كانت إما نتيجة لتوترات سياسية داخلية أو بمبادرة من السلطة التنفيذية لإعادة تقييم الأوضاع السياسية والاقتصادية. الفهم العميق لهذه التواريخ يساعد في تقدير الأبعاد السياسية والاجتماعية التي يمكن أن ترافق حل البرلمان.
يشار إلى ان الكويت شهدت إجراء مشابهاً لأول مرة عام 1976 خلال فترة حكم الشيخ صباح السالم الصباح، ومرة أخرى عام 1986 خلال فترة حكم الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.
الخلاصة: نقطة تحول في الحياة السياسة
حل البرلمان الكويتي يمثل نقطة تحول مهمة في السياسة الكويتية، ومن خلال فهم الأسباب والعمليات والتأثيرات المرتبطة بهذا الحدث، يمكن للمحللين والمواطنين تقدير الدروس المستفادة والاستعداد لمواجهة التحديات القادمة في المشهد السياسي الكويتي.
الإنتخابات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار السياسة الكويتية، المشهد السياسي قد يشهد ظهور قوى جديدة أو تعزيز القوى القائمة، مما يؤثر على الحوكمة والسياسات المستقبلية.