نخبة بوست – وفقاً لبيان وزارة التربية والتعليم، فإن الضرب الذي تعرّض له مُعلّم في إحدى مدارس الوزارة بعمان حدث خلال قيامه بواجبه التربوي والأخلاقي بمحاولة فض مشاجرة بين الطلبة خارج أسوار المدرسة. فإذا كان الأمر كذلك، فما هو التكييف القانوني للحادثة؟ وهل تُشكّل إصابته إصابة عمل وفقاً لأحكام قانون الضمان الاجتماعي؟!
من الحيثيات الأولى للحادثة ووقائعها المُعلنة، أنها وقعت خارج أسوار المدرسة، ولكن التوقيت في هذه الحالة مهم. ما إذا كان متزامناً مع انتهاء فترة دوام المعلم وخروجه من المدرسة في طريق الإياب، أم أن خروجه خارج أسوار المدرسة تم خلال فترة الدوام، وأن هذا الخروج كان دافعه وهدفه فض مشاجرة الطلبة التزاماً بالواجب التربوي والأخلاقي؟
الحقيقة وريثما تتضح كافة حيثيات الحادثة وتفاصيلها، يمكنني القول بأن الحادثة ذات صلة وثيقة بالعمل، وأن ما تعرض له المُعلّم من الضرب والإيذاء يشكّل إصابة عمل بالمفهوم القانوني لإصابة العمل في قانون الضمان. ناهيك عن الإهانة والإيذاء المعنوي والنفسي الذي لا يُغتَفَر!
وإليكم تفاصيل التكييف القانوني للحادثة من وجهة نظري وفقاً لاجتهادي وفهمي لمفهوم إصابات العمل في قانون الضمان:
أن الحادثة ذات صلة بالعمل من ناحية أن المعلم يعمل في المدرسة التي وقعت الحادثة خارج أسوارها، وأطرافها طلبة فيها، وأنه لولا عمله لما وُجِدَ في مكان الحادث ولما تعرّض للضرب والأذى.
أن دافع المعلم هو فض المشاجرة بين طلبته، شعوراً بالواجب الأخلاقي والتربوي، وهو ما لا يمكن له أو لغيره من المعلمين تجاهله وغض الطرف عنه، مما له علاقة مباشرة بطبيعة عمل المعلم ودوره التربوي ورسالته الإنسانية التعليمية والأخلاقية.
أن الحادثة قد تكون وقعت خلال فترة عمل المعلم ودوامه، وهذا أحد أهم العناصر المهمة في تشكيل إصابة العمل وفي تعريفها القانوني.
إنه في حال وقعت الحادثة بعد انتهاء الوقت الرسمي لدوام المعلّم وأثناء طريق عودته أو في بداية طريق عودته من المدرسة إلى المنزل، فهذه تعتبر حادثة أثناء الطريق وتشكّل أيضاً إصابة عمل وفقاً للتعريف القانوني للإصابة.
أن هناك فعلاً خارجياً أدّى لإصابة المُعلم وإيذائه، وهو الضرب بالعصا أو غيرها من الأدوات أو الأيدي، وهو من العناصر المهمة لاعتبار إصابته إصابة عمل.
لذا من الناحية الأولية أستطيع القول بأن الحادثة التي وقعت للمعلّم تشكّل إصابة عمل بالمفهوم القانوني لإصابة العمل وفقاً لأحكام قانون الضمان الاجتماعي، الذي اعتبر كل حادث يقع للمؤمّن عليه أثناء تأديته لعمله أو بسببه إصابة عمل، بما في ذلك كل حادث يقع له خلال ذهابه لعمله أو عودته منه… إلخ.
وبالتالي، فإن لهذا المُعلّم كافة الحقوق والمنافع التأمينية المترتبة على ذلك، حتى لو كانت الحادثة قد وقعت في اليوم الأول لالتحاقه بالعمل على سبيل المثال. وهذا حقه من ناحية الضمان وتعويضاً عن الأذى البدني الذي لحق به، لكن مَنْ يعوضه والأسرة التعليمية برمّتها عن الإهانة والأذى النفسي الذي حاق بهذا المعلم النبيل؟!
(سلسلة توعوية تنويرية اجتهادية تطوعيّة تعالج موضوعات الضمان والحماية الاجتماعية، وتبقى التشريعات هي الأساس والمرجع – يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والبحث مع الإشارة للمصدر).