نخبة بوست – أروى ابورمان

يحتار الباحث من أين يبدأ دراسة معاني اليوبيل الفضي لعهد الملك عبد الله الثاني بن الحسين في إدارة الدولة الأردنية، إذ تتداخل الملفات السياسية الداخلية والخارجية، مع الملفات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية والرياضية.

لكن ما يمكن التعامل معه بوضوح هو القراءة المتعمقة في العلاقة بين التحديات والإنجازات، بما يشكل مدخلاً للقراءة العلمية العملية لا العاطفية أو المستقطبة.

شهدت الخمسة وعشرون عاماً في عهد الملك تحديات لا تقوى عليها دولة في العالم، منها ما هو عام دولي ومنها ما هو خاص بالأردن، فمنذ بداية العهد أتت أحداث 11 سبتمبر، وما تلتها من ويلات على المنطقة من غزو العراق وتأثر الأردن بحرب الإرهاب على حدوده الشرقية وانقطاع النفط العراقي. ومن خلفها تحدٍ دائم على حدوده الشرقية والغربية أيضًا، التي تحتاج إلى ثوابت وطنية أمام عدوٍ متربص معه مشكلة أزلية في هوية وكينونة الدولة الأردنية، وموقفها من القدس والقضية الفلسطينية ككل.

ثم توالت التحديات: أزمة اقتصادية عالمية، ربيع عربي على كل حدودنا تقريبًا، قطع الغاز المصري، وعدم الإيفاء بالتزامات شقيقة بهدف الضغط على مواقف الأردن من الأزمة السورية، استقبال لاجئين جدد؛ وإغلاق حدود وضرب للحركة التجارية والتصدير لسنوات طويلة. ومن ثم وباء لم تشهده أجيال منذ قرون، ولم نلبث بتجاوزه إلا على زلزال السابع من أكتوبر وتداعياته السياسية والاقتصادية على الأردن.

ملخص التحديات أعلاه ليس سرداً عابراً؛ بل هو مداخل للقراءة المتعمقة في حجم الإنجاز في اليوبيل الفضي. فكل ما ذكر أعلاه لم يمنع من تقدم تكنولوجي وعلمي وتربوي؛ واستقرار سياسي وأمني قد يدخل إلى مرحلة المعجزة في ظل هذا الإقليم والأزمات الحدودية، موقف ثابت في القضايا الإقليمية، استقرار في الاقتصاد من خلال ثبات سعر العملة بعد سقوطها في معظم الدول المحيطة، تطور هام في الخدمات الصحية، بل بات انقطاع الكهرباء لدقائق يعتبر خبراً عاجلاً، وانقطاع المياه ليوم يعتبر ذنباً كبيراً ترتكبه الحكومات.

وفي ظل هذا وذاك؛ أتى التحديث السياسي مع المئوية الجديدة ليقول نحن مستمرون وسنبقى دولة التجديد والاستقرار.

كل هذا وأكثر ما كان ليتم لولا المتابعة الحثيثة، وتجاوز كلام المشككين، والاستقرار السياسي والأمني والتشريعي الذي شهدته الأردن في إقليم لا يمكن وصفه إلا بالمتخبط، وتجاوز تحديات كفيلة بإسقاط دول وأنظمة.

الأردن، وما قدمه في الخمسة وعشرين عاماً، أثبت عمق العلاقة بين الشعب والعرش، ومؤسسية الدولة الأردنية، ونجحت الأردن في تقديم نفسها دولة ذات سيادة وأمن واستقرار وثوابت، وهذا ما عجزت عنه دول كبرى في العالم.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version