هل يستثمر “الإخوان المسلمين” أحداث غزة في الانتخابات النيابية المقبلة؟
في ظل أجواء الترقب السائدة لدى الشارع الأردني ليوم 10 أيلول المقبل، باعتباره الموعد المحدد لإجراء الانتخابات النيابية، تتسابق الأحزاب والتكتلات السياسية لحشد التأييد الرسمي والقبول الشعبي للحصول على أكبر عدد من المقاعد في المجلس النيابي المقبل.
سياسيًا، يرى الكثيرون أن الحركة الإسلامية في الأردن هي المستفيد الأول من أحداث الإقليم، بما يخدم زيادة مقاعدها في الانتخابات المقبلة، وباعتبارها تسعى إلى تعويض نتائجها في الانتخابات النيابية التي جرت عام 2020، فلا شك أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو “هل سيستثمر الإخوان أحداث غزة في الانتخابات النيابية المقبلة؟”، لا سيما أنهم لم يتمكنوا سوى من حصد 8 مقاعد في البرلمان عام 2020، مقابل 14 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2016.
وبحسب محللين، فإن “الإخوان” قد يسعون إلى استثمار مواقفهم السياسية لرفع أسهمهم النيابية من خلال استغلال حالة الغليان التي يشهدها الشارع الأردني بسبب حرب غزة. فمنذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على القطاع، نسقت الجماعة عشرات التظاهرات ودعت إلى تكثيف التحركات، مما يتوقع أن ينعكس وبشكل مباشر على حصتهم في الانتخابات.
من جانب آخر، يؤكد قياديو الإخوان أن دعمهم لحماس والمقاومة الفلسطينية يأتي ضمن إطار استيائهم من ضعف الموقف العربي الرسمي على وجه العموم، وسعيهم نحو الضغط لاتخاذ إجراءات عاجلة على الصعيدين المحلي والعربي، لوقف فوري للعدوان الإسرائيلي على القطاع.
كما رفض الإخوان فكرة استثمار معاناة الشعب الفلسطيني لتحقيق أي منافع أو مكاسب سياسية للجماعة، فالحشد للمظاهرات والمسيرات لم يتوقف عند حزب جبهة العمل الإسلامي في يوم من الأيام، سواء ضد صفقة القرن التي يواجهها الأردن بشكل مباشر وتشكل مخطط تصفية لفلسطين، أو الحروب التي حدثت في غزة منذ عام 2008.
غيشان: الاستثمار وارد
موضوع الاستثمار “وارد” بحسب النائب الأسبق والمحلل السياسي نبيل غيشان، الذي يجد أن الجماعة ستحاول أن تستفيد من ذلك في الانتخابات المقبلة، لكن هذا سيظهر خلال الانتخابات ومن الصعب الحكم عليه من الآن.
وأضاف أن الأحداث التي شهدها قطاع غزة في الآونة الأخيرة رفعت من أسهم الإخوان في الأردن والمنطقة بشكل عام، لكن ذلك لا يعني بالطبع أن ما يجري في غزة من صنع الإخوان المسلمين في الأردن، فقط هناك “حماس” هي من يدير هذا الملف باعتبارها جزءًا من تنظيم الإخوان الدولي، مشيرًا إلى أن “طوفان الأقصى” هو فعل فلسطيني في الدرجة الأولى وشاركت به جميع الفصائل الفلسطينية، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني هو من دفع الثمن الأكبر، علما بأن ليس جميع الفلسطينيين في غزة هم إخوان مسلمون.
الجهني: أحداث المنطقة لا تنعكس على الانتخابات والحزب لا يقدم نفسه من خلال حدث هنا وهناك
ولكن حزب جبهة العمل الإسلامي، وعلى لسان خالد الجهني، عضو مجلس شورى الحزب، يرى أن “الأحداث التي تشهدها غزة ليست جديدة، والجهد الذي يقوم به حزب جبهة العمل الإسلامي – باعتباره أحد مكونات الساحة الوطنية الأردنية – سيبقى مستمرًا فيما يخدم مصلحة الأردن العليا”. مستذكرًا الجهني فوزهم بـ 14 مقعدًا في الانتخابات النيابية التي جرت عام 2016 والتي شاركت بها جبهة العمل الإسلامي بعد غياب دام 10 سنوات، حيث جاءت هذه الدورة وسط ظروف قيل آنذاك إنها لا تصب في مصلحة الجماعة بسبب استهداف الحركات والأحزاب الإسلامية في المنطقة، وقال “لذا لسنا معنيين بتصنيفات وتحليلات الآخرين”.
وأكد أن حزب جبهة العمل الإسلامي يقدم نفسه للمجتمع الأردني وفق برنامج إصلاح اقتصادي شامل أعلن عنه، ولا يقدم نفسه من خلال حدث هنا وهناك، مضيفًا “الأصل أن نلتفت جميعًا إلى مصلحة الأردن العليا وأن تسير هذه الدولة وفق المبادئ التي أرستها قواعد الدستور الأردني، وأن نتنافس ونطرح برامجنا لخدمة الدولة، لذا يجب ألا نخضع لأي تأثيرات أخرى بالعملية التنافسية أو أي خطاب آخر لا أحد معني بوجوده”.
كلّاب: انتهازية سياسية “مقبولة” والشارع الأردني ليس ساذجاً
وهذا ما يختلف معه الكاتب والإعلامي عمر كلّاب، الذي يرى أن جماعة الإخوان تعتبر إطارًا سياسيًا يرى في حركة حماس وما قامت به من فعل بطولي في 7 أكتوبر امتدادًا لها، وتحاول أن تكون جزءًا من هذا الامتداد وهذا جزء من الاستثمار السياسي الواجب أو المقبول.
وقال: “أعتقد أن الإخوان سيستثمرون هذا الظرف الجديد وسيحاولون القول للناخب الأردني إنهم جزء لا يتجزأ من مشروع حماس والمقاومة الفلسطينية”.
وحول إمكانية استفادة الإخوان من أحداث غزة في الانتخابات المقبلة، قال كلاب: “هناك فرق بين الاستغلال والاستثمار، فالإخوان حلف سياسي سيسعى جاهدًا إلى أن يستثمر هذه الحالة ويعكسها على صناديق الاقتراع”، وهو استثمار مشروع من وجهة نظره، مؤكدًا أن أحداث غزة إذا لم تكن المرتكز الرئيسي في حملتهم، فستكون على الأقل مرتكزهم الأولي.
وأضاف: “الإخوان، من اليوم الأول لأحداث غزة، حملوا الملف وخاضوا به معركة شارع، وبالتالي، هذا يسمى بالانتهازية السياسية التي يمكن أن تُفهم أو تُقبل، فالإخوان اليوم ليس لديهم أي برنامج سياسي أو اقتصادي يمكن أن يغري الناخب الأردني سوى أحداث غزة، وبالتالي ماذا سيقدمون للشارع الأردني إذا لم يقدموا هذه القضية؟”
واختتم كلاب بقوله: “لا أعتقد أن الشارع الأردني سيكون بهذه السذاجة السياسية بحيث يعكس الصوت في صناديق الاقتراع، لكن الإشكالية أن مريدي جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي يذهبون عادة إلى مراكز الاقتراع”. فالخشية أن لا تتمكن الأحزاب السياسية الجديدة أو التقليدية من جذب أصوات الناخبين إلى صناديقها، مما سيصب في مصلحة الإخوان، ليس لاكتسابهم أصواتًا جديدة، بقدر ما هو استثمار أيضًا في غياب مكونات سياسية أخرى عن الانتخابات.
أبورمان: من الطبيعي لسببين..
الخلاصة حددها أستاذ العلوم السياسية د. محمد أبورمان، الذي يجد أنه من الطبيعي لأي حزب سياسي يعمل ضمن طابع أيديولوجي أن يستثمر بأحداث غزة لسببين. الأول الجانب الأيديولوجي، فالإخوان يتقاطعون مع حماس في هذا الجانب وينتمون إلى حركات الإسلام السياسي، وبالتالي من السهل عليهم أن يبنوا على شعبية حماس وأن يستثمروا سياسيًا بأحداث غزة في الانتخابات.
وأضاف: “أعتقد أن هذا الشيء طبيعي لأنهم في النهاية قوى سياسية تسعى لتحقيق أهدافها السياسية الأيديولوجية، وبالتالي من السذاجة أن نتصور أنهم لن يحاولوا استغلال أو استثمار ما حدث في غزة لرفع شعبيتهم”.
أما السبب الثاني، فيكمن من وجهة نظر أبو رمان في “الجانب الديموغرافي”، فهناك قاعدة اجتماعية ممتدة بين حماس والإخوان وهي قاعدة الأردنيين من أصل فلسطيني، وبالتالي من الممكن أن يستغل الإخوان هذه القاعدة الهامة باعتبارهم يسعون لأن يكونوا الطرف المهيمن سياسيًا على الساحة الأردنية.
وفيما إذا كانت شعبية الإخوان ارتفعت بالفعل نتيجة ما قامت به حماس، قال أبو رمان: “من خلال ملاحظتي ستكون النتائج إيجابية على شعبية الإخوان المسلمين في الأردن بسبب حالة الغضب والتعاطف الشديدة في الشارع الأردني تجاه العدوان على غزة وتأييدهم المطلق لـ ‘خط المقاومة’.”
الخلاصة: في الصناديق
خلال العام الحالي، ستُفرز الصناديق بما حملت من أوراق اقتراع، لتكون الغلة ويظهر الحجم الأولي لكل حزب تقليدي أو مؤسس حديثًا. فالاستثمار السياسي من أبجديات العملية السياسية، لكن بما يضمن أخلاقياتها أيضًا، إن كانت العملية السياسية تخضع لحسابات الأخلاقيات أصلاً. سنتابع خلال الأشهر المقبلة ماكينة الإعلام لكل قوى سياسية، أين ستعظم نفسها وأين ستهاجم الأخرى، وكم ستكون حصة كل طرف منها.