نخبة بوست – لا يخلو موسم الحج في كل عام من إشكاليات وملاحظات هنا وهناك؛ إلا أن الحج هذا العام شكل انقساماً في الشارع، وبالتحديد فيما يتعلق بقضية الحجاج غير النظاميين.
هذا العام كان واضحاً ازدياد كبير في عدد الحجاج غير النظاميين، خاصة بعد أن بدأت السلطات السعودية بإعطاء تأشيرات سياحية وزيارة والتي تسمح لحاملها بالإقامة في المملكة السعودية لفترات زمنية تصل لثلاثة أشهر. هذا الأمر رآه الكثيرون فرصة لأداء مناسك الحج، وكذلك فرصة لأداء الحج بتكاليف منخفضة نسبياً.
السلطات السعودية أكدت منذ بدء التحضير والاستعداد لموسم الحج هذا العام بأنها لن تسمح أو تتسامح مع أي شخص لا يحمل تأشيرة حج، وأنها ستعيده إلى بلده وتفرض عقوبات بحق المخالفين. وقد اتخذت السلطات السعودية العديد من الإجراءات لضبط الحجاج غير النظاميين، ومن ذلك وضع حواجز تفتيش على جميع مداخل مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وكذلك وضع ملصقات على أبواب الحافلات لضمان عدم فتح أبوابها أثناء تنقلها بين المشاعر.
فضلاً عن ذلك، فقد استخدمت السلطات السعودية الرقمنة للعديد من الإجراءات، خاصة تطبيق “نسك”.
ورغم التحذير السعودي، إلا أن الرغبة في الحج جعلت المئات من الأردنيين يغامرون بالحج هذا العام، مما تطلب منهم التوجه إلى مكة قبل موسم الحج بـ20 – 30 يوماً، ووضعوا أنفسهم في الإقامة الجبرية الذاتية في أماكن سكنهم في مكة خوفاً من ضبطهم من السلطات السعودية وتسفيرهم.
الحجاج غير النظاميين لا تتوفر لهم – بعكس الحجاج النظاميين – خيم للإقامة، مما يجعلهم يفترشون المساجد والطرق في حرارة تتراوح هذا العام حول 47 درجة مئوية.
الأسبوع الماضي، كثّفت السلطات رقابتها، فقامت بمداهمة الشقق السكنية التي يتواجد فيها الحجاج المخالفون وإبعادهم عن مكة المكرمة إلى منطقة جدة، ومن ثم ترحيلهم إلى دولهم، وهو ما تسبب بتسفير المئات من الأردنيين الذين تم ضبطهم.
وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية اكتفت بالتحذير من الحج بطريقة مخالفة وأكدت عدم مسؤوليتها عنهم، إلا أن هذا الأمر لا يعفي الوزارة وغيرها من الجهات المعنية من ضمان عدم وقوع الأردنيين ضحايا لبعض السماسرة وضعاف النفوس الذين يتاجرون بالراغبين في الحج، ويشجعونهم على استخدام تأشيرات الزيارة لأداء الحج، وهي تأشيرات لا تخول حامليها أداء الفريضة.
السلطات السعودية قالت إن الطاقة الاستيعابية لموسم الحج هذا العام ستكون بحدود مليوني حاج، وأنها وضعت خططها التنظيمية للموسم لهذا العدد، وأن الحجاج غير النظاميين يتسببون بإفساد موسم الحج وإلحاق الأذى بغيرهم عبر التسبب بالازدحام والاعتداء على المخيمات، هذا فضلاً عن التجهيزات اللوجستية التي يتم توفيرها للحجاج من طعام وماء ونقل وبنية تحتية، والتي يتسبب الحجاج غير النظاميين في استنزافها.
في ظل ارتفاع درجات الحرارة هذا العام، وطبيعة مناسك الحج المتبقية: المبيت بمنى ورمي الجمرات، سيشكل تهديداً للحجاج الأردنيين النظاميين من الحجاج غير النظاميين، حيث تكرر في سنوات ماضية دخول الحجاج غير النظاميين إلى مخيمات الحجاج الأردنيين والتسبب بالإرباك داخل مخيمات الحج الأردنية، مما يجعل خطة وزارة الأوقاف لنجاح موسم الحج على المحك.
ما جرى هذا العام ينبغي أن لا يتكرر، وهو ما يتطلب من الجهات المعنية عدم الاكتفاء بالتحذير، بل عليها ضبط السماسرة وشركات الحج والعمرة التي تنظم حملات حج مخالفة واتخاذ إجراءات بحقهم. فما جرى هذا العام مع الحجاج الأردنيين غير النظاميين سبب لهم معاناة كبيرة وأضر بهم كثيراً.
كما أن ما جرى يجعلنا نطرح تساؤلاً عن دستورية وقانونية “الكوتات” في بعثات الحج الأردنية؟ فقد نص الدستور على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات. فكيف يتم تمييز البعض عبر “الكوتات” على حساب آخرين؟ نتفهم حال بعض الكوتات مثل البعثة الطبية فهي تقوم بتقديم الرعاية الطبية للحجاج ولكن ماذا عن غيرها؟
بعض المصادر الصحفية تخشى أن عدد الوفيات قد يصل إلى 14 أردنياً وأردنية أثناء تأديتهم مناسك الحج ووقوفهم بصعيد عرفات، أغلبها بسبب ضربات الشمس وتعرض الحجاج للإجهاد الحراري.
هذه الوفيات تطرح تساؤلاً عن برنامج التوعية والإرشاد للحجاج الذي تقوم به وزارة الأوقاف؟ فهل كان هناك توعية للحجاج بخصوص ارتفاع درجات الحرارة والإرشادات الصحية في مثل هذه الظروف الجوية؟