الشباب بين لندن والمكسيك

نخبة بوست – الهجرة غير الشرعية التي بدأ الشباب الأردني يخوضها بحثًا عن عمل، بعدما ضاقت بهم ظروف الحياة في وطنهم ولم يجدوا فرصة عمل لتأمين حياة كريمة لهم ولأسرهم. ومع ارتفاع نسب البطالة التي تجاوزت 22%، ما يقارب نصف مليون شاب وشابة بدون عمل، أغلبهم من حملة الشهادات الجامعية، ازدادت أعداد الشباب الذين يرغبون في هجرة وطنهم إلى بلدان أخرى، حيث قد يجدون فرصة لبناء حياة أفضل.

لا يوجد حتى الآن أرقام رسمية لعدد هؤلاء الشباب الذين، على ما يبدو، يخوضون طريقًا صعبًا للوصول إلى وجهتهم النهائية في أمريكا. الطريق محفوف بكثير من الأخطار والتكاليف، ويتقطع بعضهم الطريق لعدم توفر المال الكافي للتنقل والإقامة. يبدأ البعض من لندن بسبب غلاء المعيشة والإقامة هناك، في انتظار الانتقال إلى بلدان أخرى، ثم إلى المكسيك، حيث يواجهون التنقل في ظروف صعبة وقاسية حتى الحدود مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ننتظر من الحكومة أن تصدر إحصائيات رسمية حول عدد الشباب المهاجرين، وحول طرق سفرهم، ومَن يقف وراء هجرتهم، سواء كانت شركات أو سماسرة، وكم الأتعاب التي يتقاضونها مقابل ذلك، بالإضافة إلى غيرها من الأسئلة والاستفسارات التي نرغب في الحصول على إجابات واضحة من الحكومة.

محافظات الشمال قد تكون الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة، فما من قرية إلا وخرج منها العشرات من الشباب وهاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بطرق مختلفة. والأرقام في ارتفاع مستمر، وبدأت هذه الظاهرة بالانتشار بصورة كبيرة في ظروف معيشية صعبة يعيشها الشباب الأردني جراء ارتفاع نسب البطالة والفقر وغلاء المعيشة وتراجع الدخل وثبات الرواتب.

تحول الأردن من بلد مستقبل للاجئين والمهاجرين إلى بلد يهاجر منه أبناؤه لاجئين إلى دول العالم، فهذه ظاهرة تستحق من صانع القرار الوقوف عندها كثيراً ودراستها والبحث في أسبابها ونتائجها، ومحاسبة الحكومات المتعاقبة التي لم تنجح في سياساتها الاقتصادية والتي خلفت أزمات وتحديات فرضت على شبابنا ظروفاً قاسية أجبرتهم على هجرة وطنهم والمغامرة في حياتهم من أجل لقمة عيش وفرصة أفضل.

ملف الهجرة غير الشرعية التي يخوضها الشباب الأردني يدق ناقوس الخطر ويفتح الباب على مصراعيه أمام مستقبل مجهول لهؤلاء الشباب ويفرض علينا جميعًا التحرك لوقف هذه الظاهرة الخطيرة والعمل على إيجاد حلول لواقعنا الاقتصادي والاجتماعي قبل فوات الأوان.