نخبة بوست – أظهرت الدراسات أن ثلث الأردنيين، أي ما يقارب 30% من المواطنين، يفتقرون لأي شكل من أشكال التأمين الصحي، هذه المشكلة تعتبر معضلة كبيرة أمام المعنيين بالقطاع الصحي.
عند الحديث عن تأمين صحي شامل، فإننا نتحدث عن الوصول إلى هدف تحقيق العدالة الاجتماعية لكافة المواطنين، إلا أن التحدي الأبرز أمام تحقيق هذا الهدف ليس في عدم وجود مبادرات فعلية لتحقيق التأمين الشامل، إنما يكمن في المشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي ككل، بمعنى أن نقص الكوادر الطبية المدربة، قلة الأسرّة والغرف، عدم توفر العلاجات على مدار الساعة، وتراجع البنية التحتية لبعض المراكز الصحية، جميعها عوامل أسهمت في زيادة أعباء القطاع الصحي.
وفي هذا الصدد، قدمت اللجنة الوطنية برئاسة د. خالد الكلالدة وعضوية مجموعة من الشخصيات الوطنية المهتمة بالشأن العام والتأمين الصحي في الأردن خطة تفصيلية حول “مشروع التأمين الصحي الشامل لعام 2023” والتي حصلت “نخبة بوست” على النسخة الكاملة منها وفيما يلي أبرز محاورها:
مشروع التأمين الصحي الشامل لعام 2023
قدمت اللجنة الوطنية المشكلة من اتحاد النقابات العمالية المستقلة بالتعاون مع مجموعة من الشخصيات الوطنية المهتمة في الشأن العام، مشروع التأمين الصحي الشامل 2023، والذي يشمل مليوني مواطن غير مؤمن ويوفر رعاية صحية تكفل الوصول للعدالة الاجتماعية والجودة لكافة القاطنين في المملكة. كما سيحقق هذا المشروع تكاملاً مع القطاعات الصحية الحكومية، العسكرية، الخاصة والدولية، بهدف إيجاد فرصة وفاعلية استخدام الأجهزة الطبية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة (عدد الأسرّة لكل الغرفة).
كما سيركز هذا المشروع على تطوير الرعاية اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﻣدرﺳﯾﺔ ﺑﻛﺎﻓﺔ ﻣدﯾرﯾﺎت اﻟﺗرﺑﯾﺔ واﻟﻣدارس اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧﺎطﻖ اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ ﺟﻐراﻓﯾﺎً وﯾﻐطﯾﮭﺎ أطﺑﺎء ﻋﺎﻣون ﻣدرﺑون وﻣؤھﻠون وﻣوزﻋون ﺟﻐراﻓﯾﺎً (اﻷﻗرب إﻟﻰ اﻟﻣدرﺳﺔ) وﺗﻐطﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻣدارس اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ، وﯾﺗم ﺗطوﯾر اﻟرﻋﺎﯾﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ اﻟﻣدرﺳﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻋﺗﻣﺎد ﺑروﺗوﻛول ﯾﺗم وﺿﻌﮫ ﺑﮭدف اﻟﻛﺷف اﻟدوري ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣُﻌﺎﻟﺟﺔ اﻷﻣراض ﻋﻧد ﺣدوﺛﮭﺎ، وبما أن التلاميذ، في العادة، مسجلون في أماكن قريبة من سيرتكز مشروع التأمين الصحي الشامل 2023 على نقاط القوة الموجودة في واقع البيئة الطبية من خلال من خلال الاستفادة المثلى من البنى التحتية والكوادرالبشرية المتوفرة والخبرات المتراكمة وعلى تقوية وتعزيز الرعاية الصحية الأولية، الوقائية والعلاجية.
سكناهم، تستمر رعايتهم الصحية حتى بعد ساعات الدوام المدرسي ، فالطبيب المعتمد يعمل أو يقطن في منطقة قريبة على أبعد تقدير.
ولتحقيق هذا المشروع وضمان استدامته، لا بد من سياسيات وبرامج التأهيل المنهجية وخطة لتطوير وتعزيز القطاع الصحي و كوادره.
شبكة طبية متكاملة
وبحسب المشروع المقدم سيتم اعتماد الأطباء العامين المدربين والمؤهلين كمفتح للأمين الصحي، يقوموا بتقديم الرعاية الصحية للمواطنين من خلال شبكة طبية متكاملة ومترابطة بشكل وثيق وشامل، وتشمل هذه الشبكة جميع القطاعات الطبية (خاص، حكومي، عسكري، جامعي، قطاع دولي إن وجد)، وترتبط هذه الشبكة الطبية مع المختبرات ومراكز الأشعة التشخيصية من جميع القطاعات.
ستتضمن هذه الشبكة أيضًا الأطباء الأخصائيون الذين يجري تحليل الحالات التي تتضمن اختصارات وفق نموذج يعد سلفًا من تقرير طبي عن حالة المريض، وبعد أن يقوم الاختصاصي بمعاينة ومُعالجة المريض، يُعيد إرساله إلى الطبيب العام للمتابعة وفقًا للمعايير وفقط تقرير طبي يعد خاصًا لهذه الغاية، وعلى أن يحدد الاختصاصي في تقريره الفحوصات الزمنية التي يتوجب أن يتم مراجعتها.
أما المستشفيات في هذه الشبكة، ستتم تحديد كل يوم من أيام الأسبوع مستشفى واحد من المناوبين يكون فى القدرة الطبية كاملاً (حتى أعلى رتبة طبية)، على أن تُقوم بقيود المستشفيات في المدينة بتوفير العلاج في الحالات الطارئة والتي لا تحتمل التأجيل إلى المستشفى المناوب (إنقاذ حياة)، وفي المناسبات التي لا يوجد بها إلا مستشفى واحد يجري استبدال طواقم المناوبين على مدار الأسبوع: السبت فقط، الأحد فقط آخر، الإثنين فقط آخر… وهذا.
يحقّ للمواطن أن ينتقل من طبيب إلى آخر ضمن ضمانات الشبكة الأساسية وإصابات من طبيب مرورة حيث يمتلك المريض عدة خيارات من الأطباء في كل منطقة جغرافية.
سيتمّ تركيز هذا المشروع على استفادة من الكوادر الصحية بكافة فئاتها، بدءًا من إدارة الساعة ومن خلال منهج مبتكر وقائم على مدار الساعة للحوادث والأزمات للتعامل في الورديات المسائية والليلية.
من أجل تحقيق الرقيّة الصحيّة الأولية لا بد من العمل على التقييم (التوزيع القطاعي الجغرافي لخدمات المراكز الصحية الأولية والشاملة)، بحيث يصبح المركز الصحي الرئيسي المحطة الأولى لمراجعة المرضى، وأن يُمتّلك صلاحيات التحويل إلى المركز الصحي الشامل الذي يضم الخدمات الرقيقة (الأطفال، النساء، الباطنية، والأسنان، مختبر والأشعة، قسم طوارئ مجهز لمعالجة مصابين وحالات طبية وحدية من إصابات وحوادث).
اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﺧﺑرات اﻟطﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص
من المعروف عن اﻷطباء الذين سبق لهم أن عملوا في القطاع العام قد حصلوا على درجات اختصاص مختلفة وراكموا خبرات عملية وإشرافية يصلون لسن اﻷربعينات ومن ثم ينتقلون للعمل في مجال الخاصات، اكتسبوا على حساب وقتهم وقت وقتهم وبإنفاق الدولة على تكوينهم وتدريبهم، وبالتالي لماذا لا تتم الاستفادة من هذه الخبرات والقدرات لنقل المعرفة والخبرة للأطباء الناشئين في برامج الإقامة/ مستشفيات القطاع العام، بحيث يفسح الطريق للراجحين من هذه الفئة بالتقدم في كل واحد منهم 4 أطباء مؤهلين يعملون في المستشفيات (برامج الإقامة) بحيث يجري تدريبهم بإشراف من إداراف مدة أربعة أو خمس سنوات (المدة تعتمد على عدد سنوات برنامج الإقامة)، ويطلب الاختصاص أتعابهم لوحده.
مميزات التأمين الصحي الشامل 2023
خلصت الدراسة إلى تحديد مميزات النظام الصحي الشامل، التي تكمن في التمويل من الخزينة ويتم تحصيله من خلال الضرائب، عدا عن تحسين جودة الخدمة وهو مكافأة مابين (القطاع العام والقطاع الخاص)، وأخيراً التغطية الشاملة.
تحديات اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻟﺻﺣﻲ اﻟﺷﺎﻣل 2023
أما فيما يتعلق بتحديات التأمين الصحي الشامل لعام 2023، فتكمن في حصر أسماء وأعناوين وأنواع المواطنين بحسب إقامتهم من غير الأردنيين، لذا قررت اللجنة العمل على إعداد قاعدة المشتركين على أساس تصنيفهم لـ (الأردنيين – العمالة الوافدة – العمالون من أماكن أخرى)، والوصول لهذه الفئات يكون من خلال المؤسسات أو الجهات التي تتبع لها كل فئة، فمثلا الحصول على أسماء وعناوين فئة المواطنين تكون من خلال جداول الناخبين الموجودة في جداول الهيئات المحلية للانتخابات وقواعد الطلبات والتلاحمات من المدارس في المملكة، أما العمالة الوافدة من قواعد وزارة العمل ووزارة الداخلية وهكذا.
الاشتراكات المالية للمشتركين
“على صعيد متصل، أشارت الدراسة إلى تقسيم المشتركين إلى ثلاث فئات لتحصيل الاشتراكات المالية من كل منهم، حيث بالنسبة للفئة الأولى: يدفع المشترك والمستفيد مبلغ 10 دنانير لكل فرد شهرياً أي 120 دنياراً سنوياً، الفئة الثانية: يدفع المشترك والمستفيد مبلغ 7.5 دنانير لكل فرد شهرياً أي 90 دنياراً سنوياً، أما الفئة الثالثة: يدفع المشترك والمستفيد مبلغ 5 دنانير لكل فرد شهرياً أي 60 دنياراً سنوياً.
وﯾﺟري ﺗﻘﺳﯾم ھذه اﻟﻣﺑالغ المدفوعة من الفئات الثلاث ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل واﻟﻌﺎﻣل ﺑواﻗﻊ 50% ﻟﻛل ﻣﻧﮭﻣا، أﻣﺎ ﻣن ھم دون ﺳن اﻟﺳﺎدﺳﺔ أو ﻓوق ال 60 ﻋﺎﻣﺎً أو ﻏﯾر اﻟﻘﺎدرﯾن، ﯾﺟري ﺗﺳدﯾد اﺷﺗراﻛﺎﺗﮭم ﻣن ﻗﺑل وزارة اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ.
في نهاية المطاف، ستحقق هذه المعادلة ﻟﺻﻧدوق اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻟﺻﺣﻲ ﻣﺑﻠﻐﺎً ﺳﻧوﯾﺎً ﻗدره 350 ﻣﻠﯾون دﯾﻧﺎر ﻣدﻓوﻋﺔ ﻋن اﻟﻣﺷﺗرﻛﯾن اﻷردﻧﯾﯾن ﻓﻘط، أﻣﺎ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﺳﺎﻛﻧﯾن ﻓﻲ اﻷردن ﯾﺟري اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻛل ﻓﺋﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺳب وﺿﻌﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻣﺎﻟﺔ واﻓدة، ﻻﺟﺋﯾن ﻋﻠﻰ اﺧﺗﻼف أﺻﻧﺎﻓﮭم، وﻛذﻟك اﻟﺳﯾّﺎح واﻟزاﺋرﯾن.
ﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻣوﯾل
وهنا لابد للتنويه إلى أن اﻟﻌواﺋد اﻟﻣﺗﺣﻘﻘﺔ ﻟﻠﺻﻧدوق ﻧﺗﯾﺟﺔ رأﺳﻣﺎﻟﮫ ﻻ ﺗﺣﺗﺳب ﺿﻣن ﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻣوﯾل، ﻓﻌﻠﯾﮫ ﻓﺈن ﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻣوﯾل ﺗﺗﻛون ﻣن ﻣﺳﺎھﻣات كل من أﺻﺣﺎب اﻟﻌﻣل واﻟﻌﺎﻣﻠﯾن ،اﻟدﻋم اﻟﺣﻛوﻣﻲ والمتفرقات(وھﻲ ﻣﺳﺎھﻣﺔ ﻣﺗﻠﻘﻲ اﻟﺧدﻣﺔ ﻋﻧد اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣﻧﮭﺎ).
فالنسبة اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺻﺣﺎب اﻟﻌﻣل واﻟﻌﻣﺎل ﺗﺣدد ﺑﻧﺎءً ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣداﺧﯾل (اﻟرواﺗب) وﻛذﻟك اﻷرﺑﺎح اﻟﻣﺗﺣﻘﻘﺔ، ﻋﻠﻣﺎً أن ھﻧﺎك طرق ﻻﺣﺗﺳﺎب ﻣﺑﺎﻟﻎ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺷﺗرﻛﯾن وﺗﻌﺗﻣد ھذه اﻟطرﯾﻘﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﻣرات.
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن اﻷﻓراد (ﺣر) وﻟﯾس ﻣؤﺳﺳﺔ وﻷﻧﮫ ﻣن اﻟﺻﻌب ﺗﺣدﯾد أو اﺣﺗﺳﺎب اﻟﻣداﺧﯾل ﻛل ﻋﻠﻰ ﺣدة، ﻋﻧدھﺎ ﯾﻔﺿل أن ﯾﺣدد ﻗﺳم ﺛﺎﺑت ﻟﻛل ﻓﺋﺔ ﻣن ﻓﺋﺎت اﻟﺗﺄﻣﯾن/ درﺟﺔ، ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣل ھو ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﺻﺎﺣب ﻋﻣل وﻋﺎﻣل، ﻣﻊ اﻷﺧذ ﺑﻌﯾن اﻻﻋﺗﺑﺎر أﻧﮭﺎ ﺗﺣوي ﻓروﻗﺎت ﺿﺧﻣﺔ ﺟداً ﺑدءاً ﻣن رﺟﺎل اﻷﻋﻣﺎل اﻧﺗﮭﺎءً ﺑﺎﻟﺑﺎﺋﻌﯾن اﻟﻣﺗﺟوﻟﯾن ﻣروراً ﺑﻔﺋﺎت ﻛﺛﯾرة.
الخلاصة : إنشاء ﻣؤﺳﺳﺔ ﻟﻠﺗﺄﻣﯾن اﻟﺻﺣﻲ
خلصت الدراسة إلى إمكانية إنشاء ﻣؤﺳﺳﺔ ﻟﻠﺗﺄﻣﯾن اﻟﺻﺣﻲ ﻟﮭﺎ ﻣﺟﻠس إدارة يضم – على سبيل الذكر لا الحصر – كل ﻣن: وزﯾر اﻟﺻﺣﺔ، وزﯾر اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ، وزﯾر اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ، ﻣدﯾر اﻟﺿﻣﺎن اﻻﺟﺗﻣﺎعي وغيرهم، حيث ﯾﺗم إﺟراء ﺗﻌدﯾﻼت ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻧﯾن اﻟﺳﺎرﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺻحة كما ﯾﺗم إﻗرار ﻧظﺎم ﺧﺎص ﻟﻠﻌﺎﻣﻠﯾن ﺑﺎﻟﺻﺣﺔ ﯾﻣﻛّن اﻹدارة ﻣن ﺗطﺑﯾﻖ اﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﺗﺄﻣﯾن اﻟﺻﺣﻲ.
وتجدر الإشارة إلى أن المشروع قابل للتطبيق إذا ما تم وضع استراتيجيات وخطط عملية مبنية على حجاة المجتمعات وتركيبات السكان وتقديم واقع البنية التحتية الطبية بناءً على الجمهور الصحي وتقييم وتطوير البنية التحتية الواقية بما يتماشى مع فوائد البنية التحتية القابلة للتطوير، كما يمكن الاطلاع على النسخة الكاملة من “مشروع التأمين الصحي الشامل لعام 2023” من خلال النسخة الإلكترونية المرفقة هنا:
