نخبة بوست – ناقش مجلس الحرب الإسرائيلي في الثاني من حزيران خطة الفقاعات الإنسانية في عدة أحياء من شمال غزة، حيث سيتم إمدادها بالمساعدات الإنسانية وستتعامل إسرائيل مع قادة محليين من نفس الأحياء، هذه المبادرة قدمها جهاز الأمن بعد موافقة غالانت وسميت باسمه، غاية هذه الخطة حسب غالانت هي توفير بديل سلطوي لحماس لا يشمل السلطة الوطنية، هذا هو متن الخبر حسب موقع اي 24 الإسرائيلي.

لكن ما الذي يشمله تعبير الفقاعات الإنسانية هذه وما هي غايتها؟ وهل إسرائيل مهتمة فعلاً بالوضع الإنساني في غزة أم أن هذه الخطة ليست سوى حصان طروادة تقنع به المجتمع الدولي بأنها هي الوحيدة القادرة على تسيير دفة الأمور؟

الواضح أن هذه الخطة جاءت للرد على سؤال اليوم التالي للحرب والذي ألحّ عليه المجتمع الدولي ووضعه بيني غانست كواحد من شروطه للبقاء في الحكومة، وتعتمد الخطة على تقسيم غزة لمجموعات متعددة من مساحات على شكل مربعات أو فقاعات يعطى كل منها رقمل أو سمل تدار من خلال مجموعة منتقاة من المجتمع المحلي تساعدها قوة من جيش الاحتلال لمنع حماس من القضاء عليها، وأكد وجود هذه الخطة الكاتب الأميركي ديفيد أغانتوس في مقالته في صحيفة الواشنطن بوست حيث أكد وجود خطة إسرائيلية لليوم التالي للحرب في غزة تشمل عملية انتقالية أحادية الجانب في منطقة شمال غزة تكون خالية إلى حدّ كبير من مقاتلي حماس، وبعد إقامة محيط محكم حسب قوله ستنسحب إسرائيل وتترك الحكم والأمن لمجلس محلي فضفاض يتألف من عائلات محلية بارزة وتجار ونقابات عمالية وأعيان آخرين، مع بقاء إسرائيل قوة مراقبة وإدارة عليا، كل هذا الكلام عائد إلى اغانيوس.

بغض النظر عن وجود الخطة من عدمه أو نجاحها من فشلها أو هل الأميركان والمجتمع الدولي منخرطون في هذه العملية علماً بأن مدخلها إنساني ظاهرياً وبالتالي قد توفر من وجهة نظر الغرب فرصة لإدخال المساعدات بطريقة تبدو آمنة، لكن الأهم من الخطة أنها تشي بما تفكر به دولة الاحتلال بشكل مفضوح وحقيقي حول ماهية اليوم التالي للحرب على فرض أنها نجحت في القضاء على حماس وهذا أمر لا يبدو سهلاً أو في متناول يدها على الأقل حتى الآن، والملاحظ من فحوى هذه الخطة ان إسرائيل لا تريد اي مكون فلسطيني ثقيل وله بعد سيادي، فالخطة ترفض طرفي المعادلة الفلسطينية الأثقل فحماس مرفوضة سلفاً على اعتبار طوفان الأقصى ووصمها بالإرهاب، ومثل ذلك السلطة الوطنية الفلسطينية حيث تلصق بها إسرائيل تهم الفساد وتطلب منها هي وأميركيا إعادة تأهيل نفسها قبل الانخراط في أي دور، والغاية من كل ذلك إبقاء قيادة غزة مشتتة بين عشرات المجموعات مما يسهل السيطرة عليها وإدارتها بحكم ضعفها أولاً وغياب المرجعية ثانياً، طبعاً هدف كل ذلك تعميق انفصال غزة عن الضفة الغربية وتعقيد أي مهمة مستقبلية لتوحيد الشطرين.

والمؤكد أن هذه الخطة تهدف في جوهرها إلى نسف أي احتمال لقيام الدولة الفلسطينية الموعودة من قبل بايدن أو غيره، وهي بذلك تطرح بديلاً لتلك الدولة باعتبار الفلسطينيين ليسوا سوى مكونات سكانية أو جموع بشرية محرومة من حقوقها السياسية والوطنية، ويكتفى بتحديد سقف من الحاجات اللازمة للعيش والبقاء، طبعاً سيطالبها المجتمع الدولي بسقف لهذا السلوك وهي ستماطل طالما يسعفها الوقت والدعم الأميركي، وهي بتفكيرها هذا تسقط من حساباتها تماماً الطرف الآخر والذي بذل عشرات آلاف الشهداء والجرحى وفقد كل مكونات الحياة الآمنة ليس ليحصل على بعض المساعدات الإنسانية وسبل العيش بل فعل كل ذلك للحصول على أرضه المحتلة وحقوقه السيادية والسياسية.

بالتالي فإن فرص قبول الفلسطينيين بمثل هذه الخطة أو حتى التعاون مع الاحتلال في سبيل إنجاحها يبدو أمراً مستحيلاً، وهذا يؤكد أن أي فكرة دون سقف تحقيق أحلام الفلسطينيين وحقهم في تقرير مصيرهم تبدو ضرباً وعبثاً في المجهول تجعل الشعب الفلسطيني مضطراً للاستمرار في بذل كل ما يستطيع للحصول على حقه وما يريد، وبالتالي فإن فرص تكرار السابع من أكتوبر تصبح أكثر واقعية في المستقبل وربما ليس البعيد، وبالتالي فإن خططا مثل هذه الفقاعات ذات المدخل الإنساني والهدف البعيد عن ذلك لن تكون إلا مضيعة للوقت بعيداً عن الطريق الوحيد الذي يجب سلوكه والوحيد القادر على جلب الاستقرار للجميع ألا وهو طريق الحق الفلسطيني.

شاركها.
Exit mobile version