نخبة بوست – معهد السياسية – عمان – تناول العدد الأول من المجلة الأردنية للسياسية والمجتمع تحليلًا بعنوان: “التحول الاستراتيجي في البحر الأحمر: استراتيجيات الحوثيين، الحرب على غزة وعملية حارس الازدهار”. وقد ناقش التحليل، الذي أعده الباحث حسن حابر المقيم في معهد السياسة والمجتمع ثلاث متغيرات رئيسية، وهي التحولات في استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر، واستهداف السفن الإسرائيلية والمتجهة لإسرائيل، والائتلاف العسكري بقيادة الولايات المتحدة “حارس الازدهار”، وتداعيات ذلك كله على استقرار إقليم الشرق الأوسط.
وقسم جابر تحليله إلى خمس محاور رئيسة يبحث في أولها استراتيجية التصعيد التدريجي الذي يتبناه الحوثيين في البحر الأحمر، ودوافع وأهداف الحوثيين من الدخول في مسار الصراع الإقليمي، يليها تقييم للاستجابة الأميركية والائتلاف العسكري “حارس الازدهار”، بالإضافة لتحليل التداعيات المترتبة على المشهد الحالي في البحر الأحمر على استقرار الشرق الأوسط والمسار الكلي للصراع في الإقليم. وأخيرًا، يحاول تصور مستقبل التصعيد في البحر الأحمر وفقًا للسيناريوهات المتصور أن يسلكها هذا التصعيد.
في المحور الأول، يبحث التحليل استراتيجية التصعيد التدريجي الذي يتبناها الحوثيين في البحر الأحمر وربط مسار هذه الجبهة بغزة، والتحول نحو مفهوم توازن التهديد عوضًا عن توازن القوى التقليدي بين “محور المقاومة” والولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما يعكس سياسة جديدة يتبناها الحوثيون يسعون من خلالها لتعظيم مكاسبهم السياسية محليًا وإقليميًا.
ويكمل في المحور الثاني بحث وتحليل أهداف ودوافع الحوثيين من الانخراط الموسع في الصراع، ففي حين تؤكد الجماعة على البُعد الأيديولوجي المعادي لإسرائيل والولايات المتحدة عمليًا؛ إلا أن التحليل بشكل أعمق يكشف عن جملة من الأهداف والدوافع، وفي مقدمته تعزيز شرعيتهم محليًا خاصة في ضوء سلطتهم بحكم الأمر الواقع القائمة في أجزاء من اليمن، وتشتيت التركيز عن القضايا المحلية وأهمها تفشي الفقر ومشاكل الخدمات العامة، والبحث عن مكانة أهم بين أطراف “محور المقاومة”، وأخيرًا رفع الحرج عن محدودية تدخل باقي أطراف هذا المحور، خاصة في ضوء مبدأ “وحدة الساحات”.
أما المحور الثالث فيسعى لتقييم استجابة الولايات المتحدة الأميركية بتشكيل عملية عسكرية حملت اسم “حارس الازدهار” ضم 14 دولة، بهدف تأمين خطوط الملاحة العالمية، وهو ما يعكس تجاهلًا لسردية ومطالب الحوثيين حول ربطهم للتصعيد في اليمن بمسار الحرب في غزة، كما يكشف عن محاولة تعامل الولايات المتحدة للفصل بين الملفين على اعتبار ألا رابط بينهم، وهو ما يوضح حقيقة التضارب في السرديات بين الطرفين، إلا أن هذ الائتلاف العسكري يواجه جملة من العقبات تخفض من فعاليته، ابتداءً من غياب القوى الرئيسية في البحر الأحمر السعودية ومصر، وليس انتهاءً بالتعقيدات الميدانية لتحقيق الأهداف المعلنة للعملية العسكرية.
ويتناول التحليل في محوره الرابع التداعيات المنبثقة عن المشهد الحالي في البحر الأحمر على استقرار الشرق الأوسط، لا سيما في ضوء التحول نحو “الجبهات المساندة” بدلًا من “وحدة الجبهات”، وصعوبة أو استحالة الفصل بين الملفات في غزة والبحر الأحمر، وما ينتج عن تبني الحوثيين لاستراتيجيات جديدة في محيطهم وخاصة في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما يصب بطبيعة الحال في تنامي النفوذ الإيراني إقليميًا.
وأخيرًا، يتصور التحليل مستقبل التصعيد الحالي في البحر الأحمر أن يتجه نحو سيناريو وقف العمليات من جانب واحد، خاصة في ضوء وجود متغير مهم وهو استمرار المفاوضات لبحث وقف إطلاق النار في غزة، وإذا نجحت المفاوضات؛ فسيقف الحوثيون أمام اختبار وقف عملياتهم كنتيجة لوقف إطلاق النار الحاصل في غزة حينها، كما أن التعقيدات العملية تصعب من تحقيق “حارس الازدهار” لحسم التصعيد في البحر الأحمر، وهو ما يقرب الحوثيين من أهدافهم الرئيسية الدافعة لهم وراء التدخل في مسار الصراع الإقليمي،
ويخلص هذا التحليل في الختام الى ضرورة العمل على وقف الحرب الجارية على غزة، كخطوة رئيسية لوقف التصعيد الجاري في البحر الأحمر، لا سيما أن الواقع العملي يشير إلى استحالة فصل الملفين عن بعضهما البعض، كما أن وقف إطلاق النار لا بد من أن يتبعه جهود حقيقية لتسوية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، بالتوصل لحل الدولتين، حيث تتأكد مركزية هذا الصراع في بحث أي جهود سلام في الشرق الأوسط.
ويذكر أن هذا التحليل قد تم نشره مسبقًا باللغة الانجليزية في العدد الأول من المجلة الأردنية للسياسة والمجتمع. وتضمن العدد الأول للمجلة الدورية مجموعة من التحليلات والمقالات تحت العنوان الرئيس “التبعات الإقليمية للحرب على غزة” بالإضافة الى مقابلة مع رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية؛ العين سمير الرفاعي. وتهدف المجلة الى ردم الفجوة بين صناع القرار ومراكز التفكير وتنوير صناع القرار من خلال تقديم تحليلات ومقالات متنوعة ذات بعد أكاديمي ورفدهم بالقراءات والتحليلات والبدائل والخيارات الاستراتيجية في التعامل مع التطورات والأحداث.
لقراءة المقال كاملًا اضغط هنا.