- أفكار الجالية الأردنية أخذت بالتوسع شيئا فشيئا لتقود الرأي في بريطانيا
- نسعى إلى تشكيل “لوبي” عربي فاعل ومؤثر في السياسة البريطانية
- 70% من مختلف أطياف الشعب البريطاني مؤيدون ومتعاطفون مع القضية الفلسطينية
- هناك حالة من عدم الرضا والاستهجان تلف المشهد الشعبي البريطاني بسبب حرب غزة
- سأعمل على تعزيز التعاون لزيادة فرص الطلاب الأردنيين للدراسة في بريطانيا
- نتائج الانتخابات القادمة ستكون مفاجئة وصعبة على مستوى حزبي “العمال” و”المحافظين”
نخبة بوست – وفاء صبيح، رولا أبو رمان، أماني خماش
لم يكن الانخراط السياسي لدى المرشح الأردني حلمي الحراحشة لانتخابات البرلمان البريطاني المقبل وليد اللحظة، إذ بدأ انخراطه في العمل الاجتماعي منذ عام 2011 حيث كان آنذاك رئيساً لمجلس الجالية الأردنية في بريطانيا، ومن خلال العمل الاجتماعي تم التشارك مع عدد من من الجاليات العربية وأعضاءها في بريطانيا.
وبفضل جهوده في العمل الاجتماعي برز اسم الحراحشة في المجتمع العربي في بريطانيا بفضل أخلاقه وتقاليده الأردنية الأصيلة التي اتسمت بها شخصيته، كما بدا واضحاً قبوله والترحيب به من قبل كافة الأطراف العربية في بريطانيا، حيث تحول العمل الاجتماعي الذي كان يقوده بين الجاليات العربية ليشمل الجاليات المسلمة أيضاً، مما يعكس نجاحه في بناء جسور التواصل والتفاهم بين الجاليات المتنوعة في بريطانيا.
وفي مقابلة خاصة مع “نخبة بوست” عبر تطبيق “سكايب” أشار الحراحشة إلى أن أفكار الجالية الأردنية أخذت بالتوسع شيئا فشيئا لتقود الرأي في بريطانيا، ومن هنا بدأ التساؤل لدى العرب الذين يشكلون نسيجًا في المجتمع البريطاني، لماذا لا يكون لدينا كعرب وجود سياسي في بريطانيا؟ مضيفا “للأسف نحن كعرب متأخرون جدًا في عملية الانخراط في السياسة البريطانية، إلا أنَّ من يبدأ خير من لا يبدأ”.
واوضح الحراحشة إلى أنه إذا قارنا أنفسنا في الجاليات الأخرى كالآسيوية والأفريقية، نلاحظ هذا التأخر، إذ أن رئيس وزراء اسكتلندا من أصول باكستانية ورئيس الوزراء البريطاني من أصول هندية، ووزير الداخلية من أصول إفريقية.
مؤكدا أنه تم الاتفاق على تعزيز الوجود وتوجيه الطاقات للبدء في الانخراط السياسي، خلال اجتماع عقد في شهر حزيران من العام 2023 حيث تم الاجتماع مع 35 شخصية عربية من كافة الدول العربية، آملين في إنشاء لوبي عربي متوازٍ مع الجاليات الأخرى وفقا للرؤى والتوجهات العربية هناك، حيث تطمح الجالية العربية لأن يكون هذا اللوبي مؤثرا في المستقبل بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات.
“غزة” حاضرة بقوة في الأروقة السياسية البريطانية
وعند سؤاله حول وجود تيار عربي مدافع عن الحقوق الفلسطينية، أجاب الحراحشة بأنه على المستوى الشعبي هناك تأثر بالحرب على غزة، لافتا إلى أن نحو 70% من مختلف أطياف الشعب البريطاني مؤيدون ومتعاطفون مع القضية الفلسطينية وقضية غزة على وجه الخصوص، مستنداً إلى حالة التعاطف التي أفرزتها وبينتها المظاهرات التي حصلت في الأسابيع الأخيرة على مستوى المملكة المتحدة، حيث كانت تخرج المظاهرات بمئات الآلاف، مما يؤكد اهتمام المواطن البريطاني بهذا الموضوع وشعوره بالظلم الذي يتعرض له أهل غزة، واستياءه من سياسات الحكومة البريطانية تجاه قضية غزة.
وأكد الحراحشة وجود حالة من عدم الرضا والاستهجان تلف المشهد الشعبي، وتستنكر المواقف الحكومية تجاه القضية الفلسطينية والحرب في غزة، حيث يشارك في المظاهرات أشخاص من كافة الأعراق الموجودة في بريطانيا، فالتعاطف الإنساني يدفع الناس نحو المشاركة في المظاهرات إذا شعروا بالحاجة الملحة لذلك.
من ناحية أخرى، لفت الحراحشة بأن الذي قاد فكرة “الانخراط العربي في السياسة البريطانية” هو مخرجات منتدى التفكير العربي، حيث بدأت الفكرة بأن ننخرط في العمل السياسي ونكون موجودين وفاعلين على مستوى المواقع الرسمية في المملكة المتحدة، وهذه الفكرة الناشئة تسير بخطى ثابتة.
وقال الحراحشة إنه شخصياً لا ينتمي إلى حزب معين، وبين أن عدد المرشحين العرب يقتصر على حوالي 17 مرشحا جميعهم من أصول فلسطينية وينتمون إلى حزب “الووركر” ورئيس هذا الحزب هو جورج بلوي، وهو مناصر للقضية الفلسطينية.
وأشار الحراحشة إلى أنه يتلقى عروضًا ليكون جزءًا من بعض الأحزاب لكنه يرفض الانضمام إليها باعتباره يريد أن يكون صوتًا للمنطقة التي يعيش فيها، وصوتًا للناس الذين يمثلهم في منطقة إيلينغ نورث في لندن.
ولدى سؤاله عن الواقع الانتخابي البريطاني وفرصة نجاحه، أشار إلى أن حملته الانتخابية “مرحب بها” وتسير بطريقة سلسة على جميع المستويات، لافتا إلى وجود 463 مرشحًا مستقلاً في المملكة المتحدة من مختلف الجاليات، وقال “هذا مهم جدًا خلال قراءتي، خصوصا في ظل عدم الرضا عن توجهات الأحزاب لأن كل ما وعدوا به لم يتم تحقيقه، وخاصة فيما يتعلق بموضوع غزة”.
وأضاف في انتخابات عام 2011، وعد حزب (الليبرال الديمقراطي) الشعب البريطاني بأن تكون الدراسات العليا في الجامعات مجانية للمواطن البريطاني تم انتخاب هذا الحزب على نطاق واسع آنذاك، لكن عندما وصلوا إلى السلطة وتشكلت الحكومة كحكومة ائتلافية بين حزبين، فشلوا فشلا ذريع وحتى زعيم الحزب لم يكن له معقدا في الانتخابات التالية.
التعليم في بريطانيا عملية منهجية تديرها الشركات الربحية
من ناحية أخرى، أكد الحراحشة وجود أصوات تنادي بوجوب مجانية التعليم في بريطانيا، ويعود ذلك إلى تراكم الديون على الطلاب البريطانيين بعد تخرجهم من الجامعات، حيث تصل تكاليف التعليم إلى ما يزيد عن 40 ألف جنيه استرليني، ثم يبدأون رحلة السداد، وعندما يقررون متابعة الدراسات العليا، يكلفهم ذلك حوالي 100 ألف جنيه استرليني، لذا، فإن التعليم في بريطانيا ليس مجانياً، بل هو عملية منهجية يديرها الشركات الربحية.
الأردن حاضرا في برنامجه الانتخابي
وعند الحديث عن أثر فوزه في الانتخابات على الأردن، قال الحراحشة “بالرغم من أنني أمثل الدائرة التي رُشحت عنها، إلا أنني سأعمل جاهدًا لرفع مستوى التعاون بين البلدين في مختلف الأصعدة، ويشمل ذلك تعزيز العلاقات الاقتصادية من خلال تشجيع الاستثمار في الأردن، والعمل على زيادة فرص الطلاب الأردنيين للدراسة في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى إيجاد فرص مشاريع مشتركة في مجال البيئة.
وأكد حراحشة على أن الأردن بلد ذو سياسات وتوجهات متوازنة، وتجمعه علاقات جيدة مع أشقائه العرب، والجميع يكن له بالمحبة، بالرغم من أنه يعيش في وسط ملتهب، سواء من جهة الشمال على الحدود مع سوريا، حيث الأمور مقلقة جدًا، وإذا توجهت إلى العراق فالمشهد ليس مختلفًا، ولكن قضية غزة تحظى بالاولوية المطلقة حاليا.
وشدد حراحشة على أهمية تمثيل الجالية العربية في البرلمان البريطاني لدعم قضايا بلادهم على مختلف الصعد، وتحديدا في البلدان التي تعاني من ظروف قاسية مثل سوريا واليمن وليبيا والسودان وفلسطين، ويجب أن تصب جهودهم في العمل على نقل الصورة الطيبة لهذه البلدان، والأمل موجود بأن يتكلل ذلك بالنجاح.
القضية الفلسطينية في أجندته الانتخابية
وحول القضية الفلسطينية بأجندته الانتخابية، أوضح حراحشة أنه في حال وصوله إلى البرلمان، سيعمل على دعم أهل غزة، والأشقاء العرب، فحرب غزة هي من حركت بداخله رغبة الترشح، ودفعته باتجاه مواقع القرار بالمملكة المتحدة.
وأشار إلى ان المجلس العمومي البريطاني يضم 650 نائبا، فلو فاز نائب عربي واحد بمقعد في البرلمان البريطاني، سيكون ذلك له تداعياته، حيث أن هذا النائب سيعمل على نقل الصورة الحقيقة لما يحدث في غزة، ويأخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن القضية الفلسطينية، ويقف أمام القرارات الظالمة بحق أهل غزة، بالإضافة إلى أنه سيعمل على الحد من الدعم الموجه لإسرائيل، على الصعيدين العسكري والمالي.
وفي ذات السياق، قال حراحشة إن هناك احتمالات تفضي بإمكانية وصوله إلى البرلمان البريطاني، وأن يصبح وزيراً في الحكومة، ففرصة وجوده كوزير تزداد، ويعود ذلك بسبب وجود حالة من عدم الرضا على الحزبين الرئيسيين العمال والمحافظين، وعن الوضع برمته.
مفاجأت انتخابية
ونوه حراحشة إلى أن نتائج الانتخابات القادمة ستكون مفاجئة وصعبة جدًا، على مستوى الحزبين العمال والمحافظين، فإذا ذهبت الأمور باتجاه هذا السيناريو، فإن الأحزاب الكبرى ستكون فرصها بالفوز أقل مما كانت عليه في الانتخابات السابقة، فالمستقلون سيحضرون بقوة في البرلمان القادم، وفرصة تشكيل الحكومة من حزب واحد ضئيلة جدًا، وأن كلا الطرفين لا يملك العدد الكافي لذلك، ومن هذا المنطلق يجب العمل على إنشاء ائتلاف بين أحزاب أخرى، التي قد تتشكل من المستقلين أو من غيرهم.
وفي هذا الصدد، انتقد حراحشة تعاطي الحكومة البريطانية الحالية مع الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، مؤكداً أنها لا تلبي تطلعات الشعب البريطاني، فالحكومة الحالية لا تمثل رأي الشارع البريطاني فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والمواطنون مستاؤون من موقف حكومتهم.
وتشير التوقعات إلى الخسارة الكبيرة التي سيمنى بها حزب المحافظين، فقد كان سابقاً يحصد ما نسبته 300 مقعداً من أصل 650، أما الآن فالدراسات تشير إلى حصوله على ما نسبته (50-110)، وهو ما يعتبر هزيمة مدوية ليس لها سابقة في تاريخ الأحزاب البريطانية.
ولفت حراحشة إلى أن المشهد ليس مختلفا في حزب العمال، فالتوقعات تشير إلى حصوله على نسب متدنية من المقاعد، وهناك حالة من عدم الرضا على رئيس حزب العمال كير ستارمر، بسبب قراراته السابقة، وبسبب موقفه المؤيد للحرب على غزة، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى فقدانه منصبه في الحزب.
وفي السياق ذاته قال حراحشة إن الشعب البريطاني شعبا ذكيا وعلى متابعة مستمرة لما يحدث، وهذا سيلقي بظلاله على صناديق الاقتراع، لاسيما أن الأحداث الأخيرة أدت إلى تشكيل أحزاب جديدة، والتي سيكون لها تأثيرها على سير العمل الانتخابي، فوجود حزب الإصلاح البريطاني بقيادة نايجل فاراج، ووجود حزب عمال بريطانيا- ووركرز، برئاسة جورج غالاوي، فستتوزع المقاعد بين هذه الأحزاب، بالإضافة إلى المستقلين.
العلم الأردني رمزا لحملته الانتخابية
ولدى سؤاله عن سبب اختياره ألوان العلم الأردني رمزًا لحملته الانتخابية، أوضح الحراحشة أن ذلك يعود إلى رمزية هذا العلم سواء على المستوى الداخلي، فهو يمثل الدولة والقيادة والشعب، منذ بداية الثورة العربية الكبرى حتى وقتنا الحاضر، أما على الصعيد الخارجي فهو يشترك في عناصر رمزية مماثلة مع العلم الفلسطيني، حيث إن كلاهما لهما نفس الألوان.