تكثر الأحاديث داخل الصالونات والأروقة السياسية الأردنية حول مصير حكومة د. بشر الخصاونة، لاسيما مع تحديد الهيئة المستقلة للانتخاب العاشر من شهر أيلول المقبل موعداً لإجراء الاستحقاق الدستوري، إذ تمخضت عن هذه الأحاديث 3 سيناريوهات محتملة للحكومة الحالية.
وعليه، يقتضي السيناريو الأول إبقاء الحكومة الحالية لإجراء الانتخابات، ثم تغادر لتسليم الحكومة الجديدة المهام من بعدها، أما السيناريو الثاني، يفضي إلى تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تُجري الانتخابات، ثم تغادر بعد ذلك مباشرة، أو وفقا لـ السيناريو الثالث بأن يتم تشكيل حكومة جديدة خلال الفترة الراهنة لإجراء الانتخابات المقبلة وتتابع عملها، مما يمنحها الوقت الكافي في العمل، ويسهل على المجلس المنتخب الجديد تقييمها ومنح أو حجب الثقة عنها.
ياغي: لا أؤيد أجراء الانتخابات في عهد الخصاونة
ووفقا لهذه السيناريوهات، لا يؤيد النائب السابق مصطفى ياغي السيناريو الأول حول إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في عهد حكومة الخصاونة، وأرجع السبب في ذلك إلى أن هذه الحكومة حصلت على ثقة مجلس النواب التاسع عشر، وأن العديد من النواب الحاليين يرغبون في إعادة ترشيحهم مرة أخرى في انتخابات مجلس النواب العشرين، الأمر الذي يعني أن ربما يكون هناك نوع من التوافقات أو الرضى على حد قوله.
وتابع حديثه بالقول إنه ليس تشكيكاً في نزاهة الحكومة ولا في قدرتها على إدارة الانتخابات، إنما فقط حتى تكون الانتخابات أكثر شفافية ونزاهة، لا سيما أن المواطن الأردني ما زال ينظر بعين الشك والريبة وعدم الثقة في العملية الانتخابية وما رافقها من تجاذبات سياسية.
ومن وجهة نظر ياغي فإن عدم تأييده بأن تقوم الحكومة الحالية بإجراء الانتخابات أو الإشراف عليها، كون أن هذا الدور هو مسؤولية الهيئة المستقلة للانتخاب، إذ إنها هي الجهة المسؤولة عن تنظيم الانتخابات والإشراف عليها وضمان حياديتها ونزاهتها وشفافيتها، لكن كل ذلك لا يكفي المواطن الذي ما زال غير آبه ولا واثق في كل العملية الانتخابية.
وعليه، أكد ياغي أن إجراء الانتخابات من خلال الحكومة الجديدة (أي وفقا للسيناريو الثاني) يكون أكثر اطمئنانًا بالنسبة للمواطن وللمرشح وللناخب على حد سواء، ويبعث برسائل واضحة أن هذه الحكومة تقتصر مهمتها على إجراء الانتخابات الحالية ومن ثم تقدم استقالتها، وعليه – كما جرت العادة – يقوم جلالة الملك بتكليف الرئيس الجديد بعد إعلان النتائج للمجلس النيابي العشرين.
وشدد على أنه يتعين على الأردنيين اليوم – مسؤولين أو مواطنين – تعزيز ثقتهم في العملية الانتخابية من خلال الابتعاد عن كل ما يثير الريبة والشك في هذه العملية، وخاصة لدى المواطن المتردد الذي كثيرًا ما يحاول الاتكاء على مسألة التزوير في الانتخابات كي لا يتجه إلى الصناديق.
المحارمة: الخصاونة يجري انتخابات مجلس النواب الـ 20
بدوره يرى النائب محمد يحيى المحارمة أن الخصاونة “الأقرب لإدارة الانتخابات”، لأنه هو الذي أشرف على عملية التحديث السياسي وإقرار قانون الانتخاب الجديد، وبعد إجراء الانتخابات يكون قد أتم المهمة كاملة، لذلك فإن المحارمة من (أنصار السيناريوالأول) بأن تجري الانتخابات في ظل الحكومة الحالية.
زيادين: حكومة الخصاونة ستدير الانتخابات
وفي هذا الصدد، قال النائب الأسبق والناشط الحزبي قيس زيادين إنه لم يبقَ يفصلنا عن أولى مراحل التحديث السياسي سوى بضعة أسابيع، والمرحلة الأولى مهمة وهي في طريق “متدرج”، إذ يعتقد زيادين أنه علينا إعطاء كل مرحلة حقها، وبالتالي من المستبعد تشكيل حكومات حزبية كاملة في المرحلة القادمة، ذلك لا يعني عدم مشاركة الأحزاب مستقبلاً في صنع القرار، قياساً لتمثيلها؛ لذلك، أحد الخيارات أن تدير هذه الحكومة مرحلة الانتخابات لنكون بعد الانتخابات أمام مرحلة جديدة تماماً، تمثل الحجرالأول في بناء مرحلة جديدة وحيوية.
السواعير: الحاجة إلى حكومة برامجية
وفي معرض حديثه عن الحكومة البرامجية، لفت النائب السابق عدنان السواعير إلى أن الأهمية اليوم تكمن في حاجتنا إلى حكومة “برامجية” بعد الانتخابات، وخاصة أننا في صدد الحديث عن الأحزاب البرامجية وفقا لقانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين، وبالتالي فإن الحكومة التي ستتولى زمام الأمور في الفترة ما بعد الانتخابات لا بد لها أن تكون “حكومة برامجية”.
وقال السواعير إننا لم نر أي برامج من هذه الحكومة، في إشارة منه إلى حكومة الخصاونة.
وبشأن الحكومة الانتقالية المؤقتة “أو حكومة تسيير الأعمال”، أوضح أنه من غير المعقول أن تتسلم الحكومة لمدة شهرين ويتمتع أعضاؤها بامتيازات وتقاعدات دون نتائج لها، وخاصة أنها مرحلة قصيرة المدة تكاد تذكر؛ لذا يرى السواعير الأفضل هو إدارة الانتخابات من قبل الحكومة الحالية (وفقا لسيناريو الأول) لتأتي حكومة بعدها وتكون “برنامجية” وتتسلم المهام.
شديفات: الهدف “الأسمى” هو رفع نسبة المشاركة
من جانبه، أشار عضو مجلس النواب الحالي يزن شديفات إلى أن الهدف “الأسمى” اليوم هو الحديث عن رفع نسبة الإقبال على المشاركة السياسية من خلال المشاركة في الانتخابات البرلمانية بأكبر عدد من المقترعين.
وتتمثل الممارسات الأولية لدى شديفات في إيجاد ترويج نوعي للمشاركة ورفع نسبة الاقتراع سواء من خلال الحكومة الحالية أو الحكومة الجديدة.
والنجاح النوعي لكافة أدوات الدولة وفقًا لشديفات يكمن في رفع نسبة المشاركة إلى الحد الأدنى 35%، وزيادة الإقبال على الأحزاب السياسية.
وعليه، قال شديفات إن كان بقاء الحكومة يعزز القدرة على الترويج للمشاركة في الانتخابات ويزيد من نسبة المشاركة، فإن وجودها ضروري، أما إن كانت غير قادرة على الأخذ بهذا الدور وتعزيزه، فهناك ضرورة لأن تأتي حكومة جديدة وتأخذ على عاتقها مسألة الترويج للمشاركة في الفترة القليلة المتبقية، إلا أن القرار النهائي الأكثر قدرة على تقديره هو مرجعيات الدولة.
الخلاصة: استبعاد تشكيل حكومة جديدة
في نهاية المطاف، وعند النظر إلى المؤشرات والمعطيات للوضع الراهن، يمكن استبعاد تشكيل حكومة جديدة لإدارة الانتخابات.ومن هنا تبقى حكومة الخصاونة هي الأقرب لإدارة الانتخابات النيابية المقبلة، بحيث تكون إدارة الانتخابات بالتشارك مع الهيئة المستقلة للانتخاب.