نخبة بوست – خاص

لونا الشبل (1 – أيلول 1975 – 5 تموز 2024) لم تكن حادثة السير التي تعرضت لها لونا الشبل مؤخرًا الحادث الأول في حياتها، إذ تعرضت عام 2008 إلى حادث سير، إلا أن الأخير أودى بحياتها التي كانت مليئة بالقفزات والإنجازات.

في 5 تموز 2024، الجمعة، أعلنت الرئاسة السورية وفاة لونا الشبل، المستشارة الخاصة للرئيس السوري بشار الأسد، بعد أيام من إعلان تعرضها لحادث سير نتيجة انحراف السيارة التي كانت تقلها وخروجها عن المسار، مما أدى لإصابتها بنزيف دماغي حاد، استدعى نقلها إلى المستشفى وإعلان وفاتها بعد أيام.

في 7 تموز 2024، وسط حضور رسمي وشعبي، شُيّع جثمان الراحلة إلى مثواها الأخير في مقبرة “الدحداح” بالعاصمة السورية دمشق، حيث توثق الصور رجالًا يحملون سرًّا لم تتبد حقيقته بعد، وسط تكهنات وآراء مشوبة بالغموض والحيرة.

من هي لونا الشبل؟

 بدأت لونا عملها كإعلامية في التلفزيون السوري، وفي عام 2003 ظهرت كمذيعة ومقدمة برامج حوارية على قناة الجزيرة؛ غطت أحداثاً مهمة حينها، فمن يذكر حدث إعدام صدام حسين ومعظم جلسات محاكمته سيذكر لونا الشبل جيداً، إذ أثارت الشبل ضجة إعلامية بعد لقائها وزير الخارجية الإيراني وذلك نظرا لحساسية التصريحات التي استطاعت أن تنتزعها آنذاك من الوزير الإيراني.

في 25 آيار 2010، استقالت الشبل من قناة الجزيرة دون أي سبب يذكر، إلا أنها أوضحت “أن الاستقالة أتت نتيجة تراكمات خمس أو ست سنوات، وبسبب سياسة لا تحترم القواعد المهنية، فالموظف لا يعامل حسب مؤهلاته وخبرته ولكن حسب مزاجية بعض المسؤولين.

منذ هذه اللحظة، بدت خطواتها العملية تقربها نحو أروقة الرئاسة السورية، وخاصة أنه بعد اندلاع الثورة السورية، أخذت لوناً موقفاً سياسياً داعماً للنظام؛ مما أهلها لأن تتقلد منصب مستشار إعلامي للرئيس السوري، وبعدها مستشاراً خاصاً للرئاسة السورية.

ولّدت مواقفها السياسية حالة من الجدل، وخاصة لدى المعارضين السوريين. إذ يذكرها زميلها الإعلامي ومدير مكتب الجزيرة في باكستان، د. أحمد موفق زيدان، بنشره قصة حدثت بينهما خلال تبادلهما أطراف الحديث في ساحة قناة الجزيرة. قائلاً: “ذات يوم بينما كنت في باحة القناة مع أحد الزملاء الأحياء، انضمت إلينا، وسألتني بشكل مفاجئ دون أي مبرر، أحمد كم مضى على غيابك عن سوريا؟’ فأجبتها:” ‘”مضى حوالي 27 سنة؛ فقالت بعنجهية بعيدًا عن أية زمالة عمل: “لن تدخلها أبدًا”؟

المعارضة السورية لم تغفر لها

في 2 يناير 2014، في مؤتمر جنيف، التقطت الكاميرات الشبل وهي تضحك أثناء إلقاء وزير الخارجية كلمته؛ مما أثار حالات الاستهجان ضدها نظراً لجدية الموقف، وكانت الشبل حينها عضواً في الوفد الممثل للحكومة السورية.

لونا الشبل .. قصة دُفنت أم رواية بدأت؟

حتى عندما تم الإعلان عن الحادثة، بدأت المعارضة السورية في إثارة الشكوك حولها، ومنهم من قال إن الحادثة مُدبرة من قبل الحرس الثوري الإيراني للتخلص من لونا، على خلفية اكتشاف شبكة تجسس داخل القصر الجمهوري في دمشق، تعمل لصالح إسرائيل، بل تداولت الأنباء عن تصفية داخل الرئاسة الجمهورية وإسقاطه لأفراد ضمن دائرته.

قال مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، في مقابلته عبر قناة الحدث، إن الوضع قد يتجه نحو قضية اعتقال، وما يثبت ذلك هو اصطدامها بسيارة مصفحة من الخلف، بالإضافة إلى عدم وجود أي معلومات عن سائق السيارة المصفحة.

الشخصية المقربة من الأسد

لم تكن لونا إسمًا عابرًا في سوريا، إذ في نوفمبر 2020 أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قرارًا بتعينها مستشارة خاصة في رئاسة الجمهورية، وحالها كحال العديد من المقربين من الأسد طالتها العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أنها من بين 6 أعضاء في حكومة الأسد التي فرضت عليهم  العقوبات البريطانية أيضا.

لونا الشبل كزوجة..

تزوّجت الشبل مرتين، الأولى من الإعلامي اللبناني سامي كليب، وانفصلت عنه لتتزوج بعدها من عضو مجلس الشعب السوري السابق ورئيس اتحاد الطلبة في سوريا سابقاً عمار ساعاتي، أحد الوجوه البارزة في سوريا.

تولى ساعاتي منصب مسؤول سابق في السلطة المركزية لحزب البعث العربي الحاكم في سوريا. ومع ذلك، تشير تقارير سابقة إلى أنه تم إيقاف ساعاتي قبل أسبوع من الحادثة  أثناء سفره إلى سوتشي، إذ يربط البعض سبب الإيقاف بقرار الرئيس السوري بفصل حزب البعث عن السلطة وإخراجه من مؤسسات الدولة الذي كانت المستشارة قد أعلنت عنه قبل وفاتها.

كما تزداد فرضية “اغتيالها” بعد اعتقال شقيقها، الضابط ملهم الشبل، ووضعه تحت الإقامة الجبرية. جاء ذلك، بناءً على المعلومات والتحقيقات التي قدمها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله بعد استهداف السفارة الإيرانية في دمشق، واتهامه بالتجسس لصالح جهات خارجية، حيث أنه كان ضمن الحاضرين خلال الاجتماعات.

من قتل لونا الشبل؟؟

في حين أعلنت الرئاسة السورية الخبر رسمياً دون توزيع اتهامات، وتعددت الراويات والتحليلات حول الحادثة، فهناك من قال إن الحادث وقع بالفعل لكنه كان مدبراً، فيما ذكرت تقارير أنها ماتت بالتعذيب في أقبية المخابرات الإيرانية، وذكر آخرون أن موقفها المفترض في “رفض أي عمل عسكري في السويداء” دفع للتخلص منها.

 وفي تعليقه على القضية قال الصحفي السوري، نورس عزيز من محافظة السويداء التي تنتمي لها الشبل، لـ”حلب اليوم”، إن الأخيرة هي ابنة السلطة، ولم تعش في السويداء، كما أن “العديد من المصادر تتحدث عن توتر علاقتها مع التيار الإيراني في القصر خلال السنة الماضية”

المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بأنه قبل أربعة أيام كشف عبر مصادره داخل القصر الجمهوري تفاصيل حول شقيقها العميد “ملهم الشبل” الذي يخضع للإقامة الجبرية في دمشق بعد اعتقاله على يد أجهزة الأمن السورية عقب حادثة استهداف إسرائيل للمبنى الملحق بالسفارة الإيرانية بدمشق، بتهمة التواصل مع جهات خارجية “معادية” كإسرائيل ودول أخرى، وعن “عمار الساعاتي” زوج “الشبل” الممنوع من السفر وهو تحت الإقامة الجبرية، وتحجيم دور “الشبل” منذ شهر في القصر الجمهوري، بسبب انزعاج الإيرانيين من تسريبها محاضر جلسات بين “بشار الأسد” والقيادة السورية والإيرانيين لروسيا.

لونا الشبل ماتت مع قصتها ..

انتهت رواية لونا الشبل؛ ولا نتوقع أن يأتي اليوم الذي تنكشف فيه الأسرار، ولكن ما يمكن أن يبقى هي الأقاويل والجدل حول وفاتها.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version