نصراوين يوضح : الفرق بين الرشوة الانتخابية والمال السياسي في المقاعد الحزبية

نخبة بوست رولا أبو رمان

ما أن أعلن عن موعد إجراء انتخابات مجلس النواب العشرين حتى بدأ الحديث عن شراء المقاعد المتقدمة في القوائم الحزبية؛ وهذا ما أثاره مؤخرًا وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة في تصريحات صحفية له حول وجود شراء في القوائم.

خبراء تساءلوا ما إذا كان الدفع مقابل الحصول على مقاعد متقدمة داخل الحزب يعتبر رشوة انتخابية أم تنظيمًا مشروعًا داخل الأحزاب !؟ خصوصًا أننا نتحدث عن قوائم حزبية لها معايير أخرى مثل الانتساب لعدة أشهر والارتباط بموافقة الحزب على الترشح والحفاظ على المقعد الحزبي طيلة الحياة الحزبية.. ومن هنا توجهنا بالسؤال لأستاذ القانون الدستوري الدكتور ليث نصراوين حول ما إذا كان هذا الإجراء مخالفًا للقانون.

وفي هذا الصدد، أشار نصراوين إلى أن قانون الانتخاب الأردني رقم (4) لسنة 2022 وتعديلاته ينص في المادة (24) منه على أنه يُحظر على أي مرشح أو قائمة تقديم الهدايا أو التبرعات أو المساعدات النقدية والعينية، أو إعطاء وعود لشخص طبيعي أو اعتباري، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، خلال قيام حملته الدعائية للانتخابات.

ولفت نصراوين إلى أن هذه المادة لا تنطبق على الحالات الشائعة في الآونة الأخيرة التي تتعلق بقيام بعض المرشحين بشراء مقاعد متقدمة في القائمة الحزبية، لأن نطاق تطبيق هذه المادة ينحصر خلال فترة الدعاية الانتخابية، أي بعد تشكيل القوائم الانتخابية المحلية أو الحزبية والموافقة عليها من قبل الهيئة المستقلة للانتخاب.

أما فيما يتعلق بشراء الأصوات أو المال السياسي الأسود، أشار نصراوين إلى المادة (63) من قانون الانتخابات، التي تنص على أن يُعاقَب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن سنتين كل من أعطى ناخبًا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو أقرضه أو عرض عليه أو تعهد بأن يعطيه مبلغًا من المال أو منفعة، لحمله على الاقتراع على وجه خاص أو الامتناع عن الاقتراع، أو التأثير على غيره في الاقتراع، أو منعه.

وفيما يخص التجربة الحزبية والقوائم المغلقة، لفت نصراوين إلى أن هذه التجربة هي الأولى من نوعها في الأردن. ففي عام 2013 كانت التجربة مختلفة، إذ لم تكن القوائم المغلقة في تلك الفترة حزبية، وبالتالي، عندما نتحدث عن ترشيح حزب للانتخابات، يفترض أن تكون الأصوات التي يتلقاها الحزب هي للحزب السياسي وليس لشخص معين. ومن هنا جاءت فلسفة القائمة الحزبية المغلقة، أي أن يكون التصويت للحزب السياسي وليس للمرشحين.

وتابع نصراوين حديثه قائلا: بأن دخول الأحزاب لمجلس النواب يكون لتمثيل برامجها ووعودها وأهدافها التي أُنشئت من أجلها، مؤكدا بأن شخصية هؤلاء الأشخاص داخل الحزب ليست محل اعتبار، ودليل على ذلك ما جاء في قوانين الانتخاب والأحزاب، إذ أعطى الحزب السياسي الحق في أن يفصل أي من أعضائه في المجلس وأن يأتي بشخص آخر من نفس الحزب السياسي.

الأحزاب السياسية لها الحق في تلقي دعم وهبات وتبرعات من أي شخص طبيعي أو اعتباري ومساعدات من مصادر تمويل “أردنية معلنة”، حتى من أعضاء الحزب السياسي نفسه، ولكن وفقًا لشروط وقيود يجب الالتزام بها، وهذا ما نصت عليه المادة (24) من قانون الأحزاب


وأكد نصراوين أن أي تبرع يزيد عن 5 آلاف دينار يجب أن يكون من خلال “شيك” مسحوب من بنك أردني، وخلاف ذلك توجب المادة القانونية إنزال العقوبات على المخالفين التي قد تصل إلى حل الحزب السياسي.

المال السياسي والمال السياسي الأسود

على صعيد متصل، تطرق نصراوين أيضا إلى مسألة التمييز بين “المال السياسي” و”المال السياسي الأسود”، إذ أوضح أن المال السياسي الأسود هو ما يتم دفعه للناخبين للتأثير عليهم وعلى إرادتهم بطريقة سلبية، ودفعهم إلى التصويت بطريقة معينة أو الامتناع عن التصويت، وجرم قانون الانتخاب هذا النوع من المال.

أما المال السياسي فهو أمر مشروع ومباح، ويُعرف بأنه تلك المبالغ المالية التي يحق للأحزاب السياسية الحصول عليها، وتدخل هذه المبالغ ضمن موارد الحزب المالية، إضافة إلى المبالغ المالية التي يتلقاها الحزب من المتبرعين، حيث تكون الغاية الأساسية منها هي إنجاح الحزب وديمومته.

الدعم الحكومي الذي تتلقاه الأحزاب السياسية، والذي يُسخر لأغراض سياسية، يُعد ضمن المال السياسي، حيث يلزم قانون الأحزاب الحكومة بتخصيص هذه
المبالغ ضمن الموازنة العامة للدولة

الخلاصة: المال السياسي مشروع .. ولكن

بالمحصلة؛ المال السياسي أمر مشروع، قد يكون لدعم مرشح معين أو لدعم مرشح على حساب مرشح آخر، ومع ذلك، ما يتناقله البعض عن قيام بعض المترشحين بدفع مبالغ مالية لقاء مقاعد متقدمة في القوائم الحزبية، فإن ذلك السلوك يتعارض مع مفهوم الحزب السياسي وطبيعة وصوله إلى البرلمان، كونه سيؤثر على سمعة ذلك الحزب والأصوات التي سيحصل عليها من خلال صندوق الاقتراع.

لا توجد ضمانات قانونية أو سياسية أن المبالغ المالية التي سيدفعها أي مترشح عن الحزب السياسي لكي يحتل مركزًا متقدمًا في الحزب ستضمن له البقاء في مجلس النواب لمدة أربع سنوات

وفي جميع الأحوال، فإن دفع هذه المبالغ، سواء كانت من قبيل المال السياسي المشروع أو المال السياسي الأسود المجرم كرشوة انتخابية، فإن هذا السلوك يفتقر للحكمة وحسن التدبير، إذ أن فوز مترشح عن الحزب السياسي عن الدائرة الانتخابية العامة لا يعني بأي حال من الأحوال أنه سيبقى في المجلس النيابي طيلة مدته الدستورية وهي أربع سنوات، حيث يحق للحزب السياسي الذي فاز عنه وفي أي وقت أن يصدر قرارًا بفصله وبالتالي يفقد مقعده حكما في مجلس النواب، ويتم استبداله بنائب آخر من الحزب ذاته.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version