نخبة بوسترولا أبورمان

لم تكتفِ إسرائيل بعملياتها الإجرامية التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني في غزة، من قتل وتعذيب وتهجير وتدمير في ظل غياب المجتمع الدولي وصمته عن جرائمها الشنيعة، حتى باتت فظائعها تمس المنظمات الأممية الإنسانية التي وجدت في مناطق الصراع لتخفيف وطأة وهول الظروف القاسية التي يعيشها أهل قطاع غزة المنكوب .

وفي ظل استمرار تمادي الاحتلال، أعلن الكنيست الإسرائيلي عن المصادقة على ثلاثة مشاريع قوانين تصنف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كمنظمة إرهابية، مدعياً بوجود تعامل بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية (حماس).

وبالرغم من عدم الحديث بشكل مفصل عن تأثير هذا القرار وتداعياته المستقبلية على الشعب الفلسطيني، لا سيما سكان قطاع غزة الذي يشهد حرباً شرسة من العدو الإسرائيلي منذ نحو 10 أشهر، إلا أن القلق والترقب يكتنف الموقفين العربي والدولي.

ولتسليط الضوء عن كثب على هذا الموضوع، استمزج “نخبة بوست” آراء عدد من الخبراء السياسيين لتحليل تداعيات قرار تصنيف “الأونروا” كمنظمة إرهابية والوقوف على حيثياته.

“الخارجية الأردنية” : قرار الكنيست محاولة لاغتيال “الاونروا”

من جانبها، دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية  القرار الإسرائيلي، واصفة إياه أنه محاولة لقتل الوكالة واغتيالها سياسياً واستهداف رمزيتها التي تؤكد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض وفق القانون الدولي.

وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير الدكتور سفيان القضاة، أن الادعاءات والإجراءات الإسرائيلية المتواصلة التي تستهدف الأونروا وترمي لقتلها وإلغاء دورها المحوري والأساسي في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني وفقًا لتكليفها الأممي، تمثل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي ولالتزامات إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال.

 وشدد القضاة على أهمية الدور الذي تقوم به الوكالة في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وخاصة في قطاع غزة، الذي يعاني كارثة إنسانية غير مسبوقة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر والمتواصل عليه منذ السابع من تشرين الأول الماضي.

كما شدد على ضرورة استمرار المجتمع الدولي بتقديم الدعم السياسي والمالي اللازم للوكالة؛ لكي تتمكن من الاستمرار في دورها الإنساني الذي لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله حتى يتم حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967.

محمود: حبراً على الورق ..

بدوره اعتبر الخبير السياسي عادل محمود قرار الكنسيت بأنه مناكفة سياسية وقانونية ضد المجتمع الدولي الذي نجح في فتح ملف الجرائم الإسرائيلية في أروقة المحاكم الدولية بدءً من التهديد بطرح مذكرة الجنايات الدولية بمطاردة نتنياهو وصولاً إلى محكمة العدل الدولية.

وحول القوة القانونية للقرار، قال محمود إن القرار لا يتعدى كونه مجرد التصنيف المحلي ليس له أي أبعاد أو تأثيرات دولية، بمعنى لا تأثير له على الدول المانحة لوكالة الأونروا.

وأشار محمود إلى أن إسرائيل تبحث تحت الطاولة عن مساومات مع المجتمع الدولي من أجل تخفيف الضغط عليها بالملاحقات القانونية مقابل عدم تنفيذ قرار الكنسيت، بمعنى يبقى القرار حبراً على الورق حتى تصل إلى تسويات سياسية ما بعد حرب غزة.

أبوطير: أكبر ضربة للحقوق الدولية للشعب الفلسطيني

على صعيد متصل،  أكد الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير أن القرار إذا تم اعتماده بشكل نهائي من جانب الكنيست سيؤدي إلى أكبر ضربة للحقوق الدولية للشعب الفلسطيني كون الأونروا تابعة للأمم المتحدة وهذا يتماشى أيضًا مع رفض إسرائيل لكل قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها ووكالاتها على الصعيد الفلسطيني.

 وتابع أبو طير حديثه بأن القرار سيكون له تأثير خطير على عمل الأونروا في فلسطين وتحديدًا قطاع غزة والضفة الغربية مما سيؤدي إلى منع الأونروا من استلام المساعدات وتوزيعها وتحطيم كل بنية الخدمات الصحية ووقف عمل المدارس بما سيؤدي إلى خسارة آلاف لأعمالهم واستكمال مخطط التجويع والتجهيل.

هذه الخطوة تصب في إطار أكبر من حيث سعي واشنطن لإغلاق الأونروا وإنهاء حق العودة أيضًا ووقف التمويل الدولي للأونروا

وعليه، قال أبو طير إن إسرائيل تسعى جاهدة إلى نزع الصفة الدولية عن القضية الفلسطينية من أجل تصفية القضية وتحويلها من قضية وطنية لشعب إلى مجرد قضية “مجاميع بشرية” بحاجة للعيش فقط.

العبادي: رد فعل لوضع إسرائيل على القائمة السوداء

أما بالنسبة لخبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية د. إبراهيم العبادي، جاء هذا القرار كرد فعل إسرائيلي بعد قيام منظمة الأمم المتحدة بوضع الجيش الإسرائيلي على القائمة السوداء ذات الأطراف التي تقوم بانتهاكات ضد الأطفال خلال الحرب.

حتى تبرر إسرائيل قرارها، زعمت بروايتها بوجود علاقات لموظفي الأونروا في القطاع والضفة مع حركة حماس على اعتبار أنها حركة إرهابية من وجهة النظر الإسرائيلية

وقال العبادي إن القرار له أبعاد سياسية ويهدف إلى القضاء على ملف اللاجئين الفلسطينيين على اعتبار أن الأونروا منظمة الأممية الوحيدة المدعومة دوليًا من قبل الأمم المتحدة والدول الأعضاء، والمعنية بشكل أساسي في تشغيل وتوظيف ودعم اللاجئين الفلسطينيين.

ولفت إلى أن إسرائيل سبق وأن قامت بتدمير مرافق ومستودعات ومكاتب الأونروا وقتلت عددًا من العاملين فيها خلال الحرب على غزة.

ووفقًا للتقديرات الاستراتيجية، يرى العبادي أن إسرائيل ستسعى إلى مزيد من الإجراءات، من بينها قطع التعاون والعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة، وربما أيضًا منع المسؤولين الدوليين التابعين للأمم المتحدة من دخول الأراضي الفلسطينية مستقبلا.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version