نجاح مجلس النواب المقبل ..
ينتظر الحياة السياسية الأردنية عدد من التغييرات المرتقبة بعد حل البرلمان؛ وتزامنا مع الانتخابات النيابية المقبلة؛ وما يتخللها من تعرجات وتحديات مرهونة بعوامل عديدة ترتبط بالوضع الاقتصادي، عدا عن المجريات العالمية والإقليمية ومدى تأثر الوضع الداخلي في الأردن بها.
تسعى الدولة الأردنية اليوم إلى تجاوز تحدياتها؛ بحيث تأسس وتأطر لمرحلة جديدة في عملية تطوير الحياة السياسية؛ أخذة بعين الإعتبار الإعتبارات الداخلية المرتبطة بالجغرافيا والديموغرافيا المسيطرة على الحالة الأردنية.
لذا؛ تتجه مساعي التحديث السياسي خلال الفترة الراهنة، وحتى في الفترة التي تلي الانتخابات البرلمانية إلى تحقيق أهداف المشروع الإصلاحي الذي دشنته الدولة وحظي بإرادة وحماية ملكية، للوصول في نهاية المطاف إلى ما يُسمى بـ “الحكومات البرلمانية”.
معايير نجاح مجلس النواب
محور التغيير القادم هو مجلس النواب، ولكي نستطيع أن نقول إن هذه التغيرات نجحت في تحقيق مساعيها، يجب أن تكون مخرجات البرلمان القادم متناسبة مع معايير نجاحه، ولا بد أيضا لهذه المعايير أن تتوافق مع المشروع السياسي الذي سيؤسس لعمل كتلوي جماعي حزبي، والذي سيكون محققًا على ثلاث مراحل، بدءًا من المجلس العشرين مرورا بالمجلس الواحد والعشرين لغاية الوصول إلى المجلس الثاني والعشرين؛ لذا يجب أن لا تكون معايير نجاح البرلمان مبالغًا فيها.
فالمعيار الأول؛ يتمثل خلال الفترة المقبلة، فلن تكون قصة البرلمان مهمة؛ بمعنى أنه ليس من المهم وجود وحضور أسماء قديمة وخبيرة تسطير وحدها على المشهد؛ فبات من المهم والضروري اليوم أن تنجح فكرة العمل الحزبي والكتلوي قبل نجاح الشخوص والأسماء.
أما المعيار الثاني؛ فيكمن في حجم إيمان الأردنيين بالانتخابات ومشاركتهم الواسعة بحيث تنجح الانتخابات بنسبة التصويت والاقتراع، وهذا إن دلَّ؛ فهو يدلّ على أن الناس بدأت تذهب باتجاه المشاركة بالمؤسسات أكثر من قذفها وانتقادها.
أما المعيار الثالث؛ فهو قدرة النتائج على إعطاء مؤشرا على شرعية أكبر لسياسة الدولة المتعلقة بالسياسة الخارجية، إذ أن حجم وطبيعة الموالاة ستكون لشريحة واسعة بمعنى أن (سيطرة الدولة على المجتمع ستظهر من خلال نتائج هذا البرلمان).
و بالتطرق للحكومة القادمة، فأهم معيار لنجاحها يرتكز على مدى قدرتها على الاستجابة مع المشاريع الثلاثة الرئيسية؛ وهل تنسجم مع نتائج الانتخابات أو شكل البرلمان القادم؟ هل هي حكومة تستطيع أن تحمل مشروع الإصلاح الاقتصادي والإداري بشكل مناسب وملموس داخل الحكومة؟ وهذا معني فيه الفريق الاقتصادي ورئيس الحكومة، لكن يوجد لدينا وزارات عابرة لرئيس الحكومة، مثل وزارة الخارجية، أيضًا الثبات أو التغيير فيها مؤشر على حيوية و عقل الدولة، والتي يتعلق بالسياسة الخارجية القادمة وهو بدرجة أقل لدى مجلس الأعيان.
بالنسبة لمجلس الأعيان فهو قائم في تشكيله على الكثافة السياسية؛ وهذا الأمر لن يكون موجودًا في الفترات القادمة؛ لأننا اليوم نريد أن نؤسس لمفهوم مجلس الملك، بحيث يراعي الملك المشاريع الإصلاحية في التشكيل وسيسعى لتحقيق التوازن بين الغرفتين، فإذا أردنا أن نصف المشهد، يمكننا أن نطلق عليه أنه بروفا حقيقية للحكومات الحزبية.
مجلس أعيان يمثل عقل الدولة
بالتالي؛ نريد مجلس أعيان يمثل عقل الدولة ومصالحها العليا، حتى يستطيع أن يحقق التوازن مع الحالة الحزبية، ومن الممكن أن يشوب هذا التوازن عقلانية في بداية الأمر أو قد تغيب العقلانية فيها، ولكن في النهاية التكيف هو سيد الموقف.