أبو خليل يكتب: من يحمي “صورة الناخب” في النقاش العام!؟

* الغائب الرئيسي في نقاش الانتخابات هو الناخب

* أي تقدم في الممارسة الانتخابية مربوط بمدى النجاح في جذب او استعادة قسم من الذين اختاروا الابتعاد

* لا توجد مصلحة للمرشحين بزيادة عدد المقترعين عموما، إن ما يهم المرشح هو زيادة عدد أصواته الخاصة

* لا توجد مؤشرات تكفي للقول إن تغييرا حقيقيا في محتوى النشاط الانتخابي قد تحقق فعلا أو  قيد التنفيذ

نخبة بوست – كتب: أحمد أبو خليل

أغلب النقاش الإعلامي والسياسي الدائر في البلد الآن، يدور حول المرشحين والقوائم بشقيها المحلية والعامة الحزبية وترتيب الأسماء… إلخ، أي حول طرف واحد في العملية الانتخابية وهو المرشح، أما الغائب الرئيسي في نقاش الانتخابات فهو الناخب، أي الطرف الذي يفترض أنه يحتل مركزا هاما في النقاش، على الأقل في الفترة التي تسبق يوم الاقتراع.

في آخر دورة انتخابية عام 2020 كانت نسبة المقترعين حوالي 29% بينما كانت في عام 2016 حوالي 36%، وقبل ذلك كانت نسبة الاقتراع تحوم حول 50%، وهذا بكلمات أخرى يعني أن نسبة متزايدة من الناخبين أخذت تميل الى الابتعاد عن العملية ككل، ولهذا فإن أي تقدم في الممارسة الانتخابية مربوط بمدى النجاح في جذب او استعادة قسم من هؤلاء الذين اختاروا الابتعاد.

لا توجد مصلحة للمرشحين بزيادة عدد المقترعين عموما، إن ما يهم المرشح هو زيادة عدد أصواته الخاصة بغض النظر عن العدد الإجمالي للمقترعين، (لعل قسم منا يتذكر ممارسة حجز بطاقات ناخبين محسوبين على مرشح منافس).

وهذا بالطبع موقف “عقلاني” رغم ما فيه من نفعية تتناقض مع الهدف الوطني العام المعلن، والمتمثل بالسعي إلى رفع مستوى المشاركة السياسية ممثلة هنا بالاقتراع

قد يرى قارئ متعجل أن سعي المرشح لزيادة أصواته يعني زيادة في عدد المقترعين، لكن هذا ليس مطلق الصحة، فهو يصطدم بواقع انحسار النشاط الانتخابي في فئات يتناقص حجمها سنة بعد أخرى، فيميل التنافس إلى البقاء في هذه المساحة.

إلى الآن لا توجد مؤشرات تكفي للقول إن تغييرا حقيقيا في محتوى النشاط الانتخابي قد تحقق فعلا أو هو قيد التنفيذ، وهذا يضعف احتمال أن تبادر فئات واسعة ممن اختار منتسبوها فيما سبق العزوف عن الاقتراع، إلى الانخراط بقرار ذاتي نحو المشاركة في العملية، أي الوصول إلى قرار ذاتي يقود إلى صندوق الاقتراع.

من الضروري أن يشعر الناخب الذي اعتاد فيما سبق عن الامتناع، أن هناك ما يدفعه لتغيير موقفه، وبالطبع ينبغي أن يوجد ما يغريه على دخول سوق الانتخاب

لتحقيق تقدم إيجابي، قد يكون من المفيد أن تعمل الأطراف “المتناقشة” على أن يكون الناخب عنوانا حاضرا بقوة في نقاشها الحالي، وقد تكون مفيدة أفكار مثل: “حماية الناخب” أو تبرئة الناخب من المسؤولية عن الممارسات السلبية التي كانت تحصل ولا تزال تحصل… او ما شابه.

ففي كل الممارسات السلبية المعتادة، التي يبدو ان الغالبية تدينها في العلن على الأقل، يقع اللوم، بعد أصحاب القرار في الدولة، على فريق المرشحين الأقوياء، الذين تحوّل أغلبهم إلى نواب، ثم على المقترعين الذي وافقوا في اقتراعهم على تبني تلك الممارسات. أما الناخب الذي لم يقترع واختار الحياد مثلا، فإن مسؤوليته محدودة، وذلك بسبب ضعف الخيارات المعروضة امامه.

بتقديري، وما دمنا للأن في مرحلة النقاش، من المهم أن يتسع الاهتمام بإستعادة الناخب كعنوان الى هذا النقاش، وهذه المهمة تشمل الأطراف الأهلية والرسمية

أطراف كثيرة بما فيها الهيئة المستقلة للانتخاب، عليها أن لا تقع في فخ الانجرار لنقاش الأحزاب والمرشحين وقوائمهم، فهذا سيشغلها عن مهمة مواصلة النظر إلى أغلبية الناخبين، خاصة وأن الأحزاب والمرشحين أكثر صخبا في النقاش، وأن من مصلحتهم أن يجرّوا الجميع إلى جدالات لا تنتهي، تظهرهم كضحايا.

سؤال: من يحمي الناخب؟ ينبغي أن يحضر بقوة.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version