هل أثرت القوانين الجديدة على ثقافة “التصويت” في الانتخابات البرلمانية لدى الشارع الأردني؟

نخبة بوسترولا أبورمان

تعد الانتخابات النيابية 2024 خطوة وطنية جديدة تهدف إلى تعزيز الحياة السياسية في الأردن والارتقاء بها؛ للوصول إلى تشكيل الحكومات البرلمانية، ومع ذلك، لا تخلو هذه الغاية من العثرات والتحديات، ولهذا جاء قانونا الانتخاب والأحزاب الجديدين للنهوض وتنظيم العملية السياسية.

وفي هذا الصدد، نشرت “نخبة بوست” مؤخرًا تقريرا بعنوان “معايير نجاح التغييرات المقبلة”، تناولت فيه المعايير الواجب توافرها لنجاح المجلس النيابي المقبل.

أبرز هذه المعايير هو: “حجم إيمان الأردنيين بالانتخابات ومشاركتهم الواسعة بحيث تنجح الانتخابات بنسبة التصويت والاقتراع.”

ومع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري وعزم المواطنين على التوجه نحو صناديق الاقتراع، ارتأت “نخبة بوست” تسليط الضوء على توجهات الشارع الأردني عند اختيار مرشحيهم، خاصة مع وجود قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين اللذين سيدفعان نحو تحقيق المزيد من المشاركة السياسية لدى المواطن الأردني، لا سيما لدى فئتي الشباب والنساء، مع الأخذ بالاعتبار أن المجلس القادم قد يكون ذا طابع برامجي وكتلوي وحزبي.

مسارات الإجابات إلى ثلاثة مسارات

وفي هذا الصدد، أجرت “نخبة بوست” مقابلات مع عدد من المواطنين وسألتهم عن رغبتهم المشاركة السياسية وحقهم في انتخاب من يرونه مناسبًا، كما جاءت الإجابات ضمن ثلاث مسارات:

المسار الأول: يتمثل في الرغبة بالمشاركة، إلا أن اللافت أن مشاركتهم محصورة في نطاق العشيرة والقرابة، أي ليست بناءً على ميولهم لبرنامج انتخابي معين.

أما الثاني: يتمثل في عزوفهم عن المشاركة، إذ يرون أن مجلس النواب لا يلبي طموحاتهم ولا يقدم لهم أي فائدة.

المسار الثالث: امتنعوا عن الإجابة على السؤال المتعلق بما إذا كانوا سيمارسون حقهم الدستوري أم سيمتنعون عنه. وعند سؤالهم عن السبب، كانت إجابتهم أنهم “لا يفضلون التحدث في السياسة”. اللافت في الأمر أن غالبيتهم من فئة الشباب، بل إن بعضهم طلاب جامعيون.

وفقًا لإجابات المسار الأول، يمكن أن نستنتج بعض الإشارات حول ما سيكون عليه المجلس القادم. دون شك، ستحظى مقاعد المجلس بالأحزاب، لكن هل سيكون وصولهم للمجلس بناءً على اعتبارات التمثيل البرامجي والسياسي أم أن الاعتبارات التقليدية ما زالت قائمة ومسيطرة؟

من منطلق إجابات المسار الثاني والثالث، يُطرح السؤال: هل الخلل يكمن في التوعية بأهمية المشاركة السياسية، وخاصة بين فئة الشباب؟ أم أن المواطن قد وصل إلى حد يمنعه من تغيير نظرته السلبية تجاه مجلس النواب ومنحه الفرصة للتجربة الجديدة؟

قد لا تكون نتائج المجالس السابقة قد نالت رضا وقبول الشارع الأردني، مما أدى إلى تبلور حالة من النفور وعدم الثقة لدى المواطنين تجاه هذه المجالس، وقد أصبحت نظرة الناخبين للمجلس بمثابة شكل ظاهري فقط لوجود الديمقراطية في البلاد أمام الرأي العام العالمي

ومع ذلك، يُوجه اللوم أيضًا إلى أصحاب القرار لعدم استثمار كامل طاقاتهم، وبخاصة الإعلامية والدعائية في سبيل توعية الناس بأهمية المشاركة سواء بالترشح أو الانتخاب.

فالمجلس هو مجلس الشعب وقراراته وتشريعاته وجدت من أجل مصالح الشعب.

إضافة إلى ذلك، فإن عزوف البعض عن المشاركة قد يقوض من فرص وصول النائب الكفء أو الجيد إلى البرلمان.

علاوةً على إضعاف الوجود الحزبي داخل القبة لما له تأثير على “العتبة”، أي نسبة الحسم التي يشترط القانون الحصول عليها من قبل الحزب، والتي ستتضاءل.

تحديات التأثير على المشهد الداخلي للانتخابات

في المقابل، واستكمالًا لتقرير “معايير نجاح التغييرات المقبلة”، يُطرح التحدي الأبرز وهو قدرة القوانين الجديدة على تغيير ثقافة الناخب الأردني والتأثير على المشهد الداخلي للانتخابات بأن يكون المرشحون منتمين لأحزاب ويمارسون عملهم البرلماني ضمن قواعد عمل حزبي سياسي، ليصبح لدينا برلمان أردني قائم على البرامج الحزبية.

لا يمكن نكران أن العشائرية تلعب دورًا هامًا في توجيه الشارع الأردني وحتى في التشريعات وتوجيه سلوك الناخبين في الانتخابات البرلمانية. يمكن اعتبارها “مركز الثقل” من جانب، ومن جانب آخر قد تخلق سطوة على المقاعد داخل مجلس النواب، لحد قد تتفوق فيه على اعتبارات التمثيل البرامجي والحزبي، مما يشكل تحديًا أمام التجربة الحزبية

وفي السياق ذاته، قد يشكل عزوف بعض المواطنين عن المشاركة والإدلاء بأصواتهم تحديًا، لا سيما أنها ستقوض فرصة وصول الأحزاب إلى مجلس النواب نتيجة عدم حصولها على “العتبة” (عدد محدد من الأصوات).

إرجاع ثقة معظم المواطنين في العملية الانتخابية، وفي مجلس النواب تحديدًا، لن يحدث بين ليلة وضحاها، إذ يحتاج إلى المزيد من الوقت.

وقد يعتبر وجود شخصيات قديمة بارزة داخل المجلس القادم نقطة قوة وضعف في ذات الوقت، إلا أن المجلس بحلته الجديدة بحاجة إلى شخصيات جديدة تخلق حالة من التوازن بخبراتها وشخصياتها.

في النهاية، لا شك أن العينة التي تم طرح السؤال عليها لا تعكس آراء الشارع الأردني برمته، إلا أنه يمكن أخذها بعين الاعتبار في سياق بيان أسباب العزوف عن المشاركة، وإن كان هناك أوجه قصور ليتم الأخذ بها ومعالجتها. ستتضح النتيجة النهائية وحجم المشاركة في الانتخابات بعد نتائج الانتخابات المقررة في 10 أيلول المقبل.

يشار إلى أن الهيئة المستقلة للانتخاب، قالت في بيان صحفي، إن إجمالي عدد الناخبين المسجلين بلغ 5,115,219 ناخبًا، منهم 2,425,293 من الذكور بنسبة 47.4%، و2,689,926 من الإناث بنسبة 52.5%. كما أشارت الهيئة إلى أن عدد الناخبين الذين ينتخبون لأول مرة بلغ 590,794 ناخبًا بنسبة 11.54%.

للإطلاع على آراء الشارع الأردني :


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version