* يمكن للإخوان المسلمين أن يكونوا أكثر فائدة لو تخلوا عن الشعارات “الخمسينية” التي لا يمكن تطبيقها حتى لو صار مراد العضايلة رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية

* ركزت الدعاية الانتخابية للإخوان المسلمين على الحرب في غزة على نحو مبالغ فيه ويوهم بأنهم حرّاس على المقاومة وشركاء فيه

* تقدم الحكومة الأردنية جهوداً لدعم الفلسطينيين وإيقاف الحرب لن يزيد عليها مراد العضايلة لو صار وزيراً للخارجية

* يجب أن يدرك الإخوان المسلمون جوانب أهميتهم وما يمكن أن يضيفوه إلى المجال العمومي ولا يهدروا ما يمكنهم أن يفعلوه في دعايات خرافية وحشود تشبه حفلات الزار

نخبة بوست – إبراهيم الغرايبة

قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا لم تقولوا ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”، سورة الصف الآية 2

ماذا سيقدم الإخوان المسلمون للأردن وفلسطين والحرب في غزة، إضافة إلى ما يجري في الساحة الأردنية، أو يختلف عنه؟ ركزت الدعاية الانتخابية للإخوان المسلمين على الحرب في غزة (طوفان الأقصى) بشكل مبالغ فيه، يوحي بأنهم حراس على المقاومة وشركاء فيها أكثر مما يبدو، وأكبر من الواقع والدعم الشعبي والرسمي في الأردن. فهل هذا صحيح أو حتى ممكن؟

الإخوان المسلمون يحشدون كل طاقتهم في التضامن مع المقاومة في غزة بحرية كاملة دون إعاقة، وهم في ذلك لا يختلفون عن الموقف الشعبي العام والرسمي.

ليست التبرعات والإغاثة التي يقدمها الإخوان المسلمون أكثر أهمية مما تقدمه القوات المسلحة والحكومة والهيئة الخيرية الهاشمية، وتصريحات قادة الإخوان في الإعلام والمظاهرات ليست بعيدة عن تصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي

تضيف الحكومة الأردنية جهوداً سياسية ودبلوماسية لدعم الفلسطينيين وإيقاف الحرب، وهذه الجهود لن يضيف إليها شيء مراد العضايلة لو كان أو صار وزيراً للخارجية.

لن يضيف الإخوان المسلمون إلى العمل الشعبي والرسمي لمناصرة القضية الفلسطينية، مهما كانت نتائجهم في الانتخابات القادمة، حتى لو حصلوا على أغلبية برلمانية وشكلوا الحكومة. لن يقاتل الإخوان المسلمون في فلسطين أو غيرها من البلدان، ولن يحملوا سلاحاً. ولو أرادوا لفعلوا ذلك، وعلى أي حال، من يريد القتال والمقاومة والتحرير فإن طريقها ليس الانتخابات النيابية!


لكن يمكن للإخوان المسلمين أن يكونوا أكثر فائدة لو تخلوا عن الشعارات “الخمسينية” التي لم تعد تصدق ولا يمكن تطبيقها، حتى لو كانت برنامج ترمب أو كاميلا، ولا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية تطبيقها حتى لو صار مراد العضايلة رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.

تراودني نفسي بالهجاء لولا مودة للمهندس مراد العضايلة وروح وطنية أشعر أنه يتمتع بها، لكن ذلك لا يجب أن يمنعنا من التفكير معاً في كيفية تجاوز أزمتنا محلياً وإقليمياً واتخاذ خطوات عملية مفيدة. يجب أن يدرك الإخوان المسلمون أهمية ما يمكن أن يضيفوه إلى المجال العام، وألا يهدروه في دعايات خرافية وحشود تشبه حفلات الزار. والأكثر أهمية، يجب أن يتقدم الإخوان بخطوات جديدة عما حققوه في تسعينات القرن العشرين بدلاً من العودة إلى الوراء.


لنُفكر ونتساءل بنزاهة وواقعية: ماذا يمكن للإخوان المسلمين أن يقدموا أو يضيفوا للانتخابات النيابية ونتائجها؟ وما موقعهم الصحيح والملائم في العمل العام؟ من هم المواطنون الذين يمثلهم الإخوان المسلمون؟

ما هي القواعد الاجتماعية والانتخابية للإخوان المسلمين، والطبقات الاجتماعية والمهنية والتيارات الفكرية والأيديولوجية التي يجب أن ينقلوا مصالحها وأفكارها وتوقعاتها إلى مجلس النواب، أو يؤثروا لأجلها في السياسات العامة والتشريعات، سواء بالإيجاب من خلال تحقيق أعمال وبرامج وسياسات وتشريعات جديدة، أو التغيير فيما هو قائم باتجاه هذه الأهداف والمصالح، أو بالسلب من خلال منع تغيير سياسات ووقائع وتشريعات يؤيدها الإخوان المسلمون أو تريدها الطبقات والفئات التي تنتخبهم وتراهن عليهم؟

فكرة “الأسلمة” قد بلغت مداها الأقصى، ولم يعد هناك ما يمكن إضافته في هذا المجال، سواء على صعيد الجماعة أو الحكومة والدولة

الدولة ملتزمة بالانسجام مع الشريعة الإسلامية بشكل لن يغير فيه الإخوان المسلمون شيئاً، ولن يضيفوا إليه شيئاً. بل هناك مبالغة في تديين ما ليس دينا، وعمل ما لم يطلبه الدين من الناس

نحن اليوم دولة وحكومات ومؤسسات ومجتمعات وأفراد نطبق ونمارس الإسلام أكثر مما يريد الله! وهذا ليس مدحاً بل هو انتقاد. لقد أصبح ضرورياً التقليل والتخلي عن التطبيقات الدينية التي لم يطلبها الدين أو لم يكلف بها السلطة والجماعات.

وأتحدى أن يخبرنا أحد عن مخالفة للشريعة يمكن أو يجب أن تمنعها السلطة، ويمكن أن يفعل الإخوان المسلمون أو غيرهم من المتدينين غير ما هو قائم. يجب تذكير المواطنين والمتدينين بخاصة أنه ليس كل حرام (ديني) يجب على السلطة أن تمنعه، وليس كل فرض ديني يجب على السلطة أن تجبر الناس عليه، وأن مجالات وحدود التكليف الديني للجماعة (الأمة أو السلطة أو المجتمع) محددة ومنصوصة.

ومن الغلو والتكلف أن يفرض على الناس ما لم يطلب الله فرضه عليهم، وأن هذه الأحكام والمطالب والتكليفات الدينية لا تجعل الدولة “إسلامية” ولا ينزع عنها الإسلام عدم تطبيقها. لن تصير السويد دولة إسلامية إذا طبقتها، ولن يكون الأردن دولة كافرة إذا لم تطبقها.

الإخوان المسلمون يمثلون عمليا ثلاث فئات اجتماعية، وهذا ليس تمثيلاً حصرياً أو احتكارياً: فئات من الطبقات الوسطى، وفئات من المتدينين، وفئات من السكان تؤيدهم على نحو عشائري أو جهوي

ولا بأس في ذلك، لكن يجب أن تعكس البرامج والمواقف والترشيحات والأفكار مطالب ومصالح واقعية وممكنة لهذه الفئات.

يمكن لأي شخص اليوم أن يقدم ويقول ويقترح ما يشاء على يوتيوب، مستخدماً فوتوشوب والمؤثرات الفنية والإعلامية. يمكنه أن يحرر فلسطين من البحر إلى النهر، ويصور معارك وعمليات حربية وانتصارات معقدة ومبهرة، وأن يوحد العرب والمسلمين، وأن يتحدث عن بلاد قوية ومزدهرة


لكن الجزء الحقيقي والمفيد هو الإجابة ببساطة ووضوح كيف نغير إيجابياً في الحريات والعدالة والنمو الاقتصادي، ومستوى المعيشة ونوعيتها في التعليم والصحة والثقافة والسكن والرعاية الاجتماعية.
وإذا شئت أن أستخدم الدعاية الدينية كما يفعل الإخوان المسلمون، لقلت إنها خيانة لله والرسول والمؤمنين أن نقول للناس ما نعلم أننا لن نفعله ولا نريد أن نفعله.”

نخبة بوست


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version