نخبة بوست – شذى العودات
تشكل الانتخابات في أي دولة ركيزة أساسية لتعزيز الديمقراطية وترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة، إذ تعكس إرادة الشعب وتحدد مسار المستقبل السياسي للبلاد.
وفي الأردن؛ تُعد الانتخابات النيابية واحدة من أبرز الأحداث السياسية التي تجسد هذا المفهوم، حيث تبرز كمعيار لتقييم مدى التزام المملكة بتطوير نظامها الديمقراطي وتعزيز مشاركة المواطنين في الحياة السياسية؛ فهي فرصة للتعبير عن الإرادة الشعبية والمشاركة في صياغة السياسات الوطنية، مما يجعلها محط أنظار المواطنين والمراقبين على حد سواء.
وهنا تتحمل الهيئة مسؤولية إدارة وتنظيم الانتخابات في الأردن، وهي مسؤولية تتطلب مستوى عالٍ من الحيادية والدقة لضمان أن تعكس النتائج إرادة الناخبين بشكل حقيقي؛ وفي هذا السياق، تبرز أهمية الرقابة المحلية والدولية كأدوات رئيسية لتجويد العملية الانتخابية وضمان العدالة والشفافية.
ومع التحديات المتعلقة بالتمويل، والتوترات السياسية، وضمان مشاركة ذوي الإعاقة، يصبح التصدي لهذه القضايا بشكل فعال مسؤولية مشتركة تتطلب التخطيط الجيد والتعاون الوثيق بين جميع الأطراف المعنية، محليًا ودوليًا.
منظمات المجتمع المدني: العين الساهرة على نزاهة الانتخابات
بوجه عام؛ تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا حيويًا في دعم العملية الديمقراطية في الأردن، خاصة فيما يتعلق بالرقابة على الانتخابات؛ تمثل هذه المنظمات صوت المواطنين في التأكد من نزاهة وشفافية الانتخابات، وتساهم في تعزيز ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية.
وفي هذا السياق، أوضح رئيس قسم المجتمع المدني في الهيئة المستقلة للانتخاب، قيس أرشيدات، أن منظمات المجتمع المدني تشكل جزءًا لا يتجزأ من الضمانات التي تضعها الهيئة لضمان نزاهة الانتخابات.
وأشار أرشيدات إلى أن هذه المنظمات تقوم بدور فعال في متابعة سير الانتخابات منذ بدايتها، بدءًا من عرض جداول الناخبين وحتى إعلان النتائج النهائية، لافتا إلى أن الرقابة المحلية من خلال هذه المنظمات تعمل على رصد أي انتهاكات أو مخالفات قد تؤثر على سير العملية الانتخابية، مما يعزز الشفافية والمصداقية.
الشفافية والمساءلة: كيف تعزز الرقابة المحلية ثقة المواطنين في العملية الانتخابية؟
تعد الشفافية والمساءلة من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها العملية الانتخابية لضمان نزاهتها؛ إذ تعمل الرقابة المحلية، التي تمارسها منظمات المجتمع المدني والهيئات المستقلة، على تعزيز هاتين الركيزتين من خلال مراقبة العملية الانتخابية بكافة مراحلها.
من جانبه؛ أكد أرشيدات أن الرقابة المحلية تسهم بشكل كبير في تعزيز الشفافية والمساءلة خلال الانتخابات، وأوضح أن هذه الرقابة تتمثل في متابعة دقيقة للإجراءات التي تتبعها الهيئة المستقلة للانتخاب، بدءًا من عرض جداول الناخبين وصولًا إلى نشر النتائج النهائية.
التمويل والحياد: تحديات تواجه رقابة الانتخابات في ظل الأوضاع السياسية المتغيرة
على صعيد متصل؛ تمثل الأوضاع السياسية والأمنية المتغيرة تحديًا كبيرًا أمام الجهات الرقابية على الانتخابات، سواء كانت محلية أو دولية، ومن بين هذه التحديات، يبرز موضوع التمويل كأحد أبرز المعوقات التي قد تؤثر على نزاهة الرقابة.
وهنا؛ أكد أرشيدات أن التمويل يعد من أهم التحديات التي تواجه المؤسسات الرقابية. وأوضح أن الإفصاح عن مصادر التمويل والجهات التي تمول هذه المؤسسات أمر ضروري لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
الرقابة الدولية: شريك أم رقيب؟
تلعب الرقابة الدولية دورًا محوريًا في تعزيز نزاهة الانتخابات وتحسين الأنظمة الانتخابية في الدول التي تعاني من ضعف الديمقراطية، وبالتالي، فإن وجود بعثات الرقابة الدولية يضيف طبقة من الشفافية والمصداقية إلى العملية الانتخابية، حيث يتم تقييمها من منظور خارجي مستقل.
وفي هذا السياق، أوضحت رئيسة قسم التعاون الدولي في الهيئة المستقلة للانتخاب منى النمري، أن الهدف من وجود بعثات الرقابة الدولية هو الاطلاع على سير العملية الانتخابية في الأردن وتقديم تقارير شاملة حولها.
وأضافت النمري أن هذه البعثات تتنوع بين مراقبين دوليين مطالبين بتقديم تقارير رسمية، وضيوف دوليين يقتصر دورهم على الاطلاع دون التدخل. هذا الدور يسهم في تحسين الأنظمة الانتخابية من خلال تقديم توصيات قائمة على معايير دولية. وتواجه بعثات الرقابة الدولية عدة تحديات أثناء مراقبة الانتخابات في بعض الدول، من بينها القيود القانونية والتوترات الأمنية.
ومع ذلك، أكدت النمري أن الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن توفر كافة سبل التعاون مع الجهات الدولية لتسهيل مهامها، مما يعكس التزام الأردن بتعزيز الشفافية والنزاهة في عملياته الانتخابية.
التكامل بين الرقابة المحلية والدولية: مفتاح لتحسين جودة الانتخابات
يُعتبر التكامل بين الرقابة المحلية والدولية عاملًا أساسيًا لتحقيق نتائج أفضل في تحسين جودة الانتخابات، فتبادل المعلومات بين هذه الجهات يسهم في تقديم صورة أكثر شمولية ودقة حول العملية الانتخابية، مما يساعد على تحقيق توازن دقيق بين الممارسات المحلية المتبعة والمعايير الدولية.
وفي هذا السياق، أوضحت النمري أن التكامل بين الرقابة المحلية والدولية يمكن تحقيقه بشكل فعال من خلال عقد لقاءات دورية لتبادل المعلومات والخبرات، حيث تتيح هذه اللقاءات فتح قنوات تواصل مستمرة بين الجهات الرقابية المختلفة.
وأضافت أن هذا التكامل لا يقتصر فقط على تحسين جودة الإجراءات الانتخابية، بل يشمل أيضًا توحيد الجهود في مواجهة التحديات المشتركة مثل التوترات السياسية والتمويل، مما يتيح للجهات الرقابية تطوير استراتيجيات موحدة وشاملة للتعامل مع هذه التحديات.
وضمن هذا المحور، تساهم التغذية الراجعة التي يتم تبادلها بين الرقابة المحلية والدولية بشكل كبير في تحسين النظام الانتخابي، حيث أشارت النمري إلى أن تبادل الخبرات بين الإدارات الانتخابية يسهم في تجويد الإجراءات التي تطبقها الجهة المسؤولة عن إدارة الانتخابات.
وأكدت النمري أن هذا التعاون لا يعزز فقط من مصداقية العملية الانتخابية أمام المواطنين، بل يساهم أيضًا في تحقيق استقرار سياسي واجتماعي أكبر، حيث يشعر المواطنون بثقة أكبر في العملية الانتخابية ونتائجها. وشددت النمري على أن التكامل بين الرقابة المحلية والدولية ليس مجرد خيار، بل ضرورة لتحقيق انتخابات حرة ونزيهة تلتزم بأعلى معايير الشفافية والديمقراطية.
وأضافت أن الهيئة المستقلة للانتخاب ستستمر في دعم وتعزيز هذا التكامل لضمان تطوير وتحسين النظام الانتخابي في الأردن بما يتماشى مع التحديات والمتغيرات التي تواجه العملية السياسية في البلاد.
الخلاصة:
ختامًا؛ تشكل الرقابة المحلية والدولية جزءًا لا يتجزأ من ضمانات نزاهة وشفافية العملية الانتخابية في الأردن. لا يمكن الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة دون وجود آليات رقابية فعالة تضمن سير العملية الانتخابية وفقًا لأعلى المعايير الدولية.
كما أن الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في الرقابة المحلية على الانتخابات لا يقل أهمية عن دور بعثات الرقابة الدولية، فكلا الجانبين يسهمان في تعزيز الثقة العامة بالعملية الانتخابية من خلال مراقبة دقيقة وشفافة لمختلف مراحل الانتخابات.
وفي هذا الإطار، تبقى الهيئة المستقلة للانتخاب وغيرها من الجهات الرقابية ملتزمة بتطوير وتحسين الأنظمة الانتخابية، مستفيدة من التجارب المحلية والدولية لتحقيق ذلك، حيث تعتبر كل خطوة تُتخذ نحو تعزيز الشفافية والنزاهة في الانتخابات خطوة نحو استقرار سياسي واجتماعي أكبر، حيث تُصبح الانتخابات مرآة تعكس تطور المجتمع والدولة على حد سواء.