* ما ذكره جلالة الملك بهذا الخصوص يتماشى مع التحدي المركب والمعقد لآفة المخدرات وسلاسل توريدها والجريمة المرتبطة بها
* الدور الداخلي الذي تضطلع به الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات وبتنفيذ مباشر منها، يحتاج إلى دعم مستمر في محاور عملها
* المخدرات في هذه الأيام أصبحت بوابة لأغلب الجرائم الخطرة والجرائم الأسرية، وتشكل قوة دافعة لارتكابها، بالإضافة إلى هدم بنية الشباب وضياعهم
نخبة بوست – كتب: اللواء المتقاعد د. عمار القضاة
يعد كتاب التكليف السامي في الأردن أحد أهم الوثائق الدستورية والسياسية التي تحدد مسار عمل الحكومة الجديدة، ويعكس رؤية القيادة الهاشمية في مواجهة التحديات الوطنية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية، حيث يصدر هذا الكتاب مع كل تشكيل جديد للحكومة، ليشكل خارطة طريق تشمل توجيهات ملكية واضحة للحكومة في مختلف المجالات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والإدارية.
للمرة الأولى .. إشارة واضحة للمخدرات في كتاب تكليف للحكومة
اعتدنا في كتب التكليف السامي عند تشكيل حكومة جديدة أن تكون رسالة شاملة، تضع بوصلة الحكومة نحو التقدم والإنجاز والازدهار والتحديث السياسي والاقتصادي والإداري، وفي سابقة مميزة تستدعي الوقوف عندها؛ جاء في كتاب التكليف السامي لحكومة د. جعفر حسان توجيه بتكثيف الجهود لمواصلة التوعية والتثقيف بمخاطر آفة المخدرات، وملاحقة المهربين والمروجين وإنفاذ القانون عليهم بشدة وحزم.
هذه إشارة واضحة ولأول مرة في كتب التكليف السامي الموجهة إلى رئيس الحكومة الجديد د. جعفر حسان، إذ اعتدنا أن تكون محاور مكافحة الجريمة والمخدرات موجهة ضمن الرسائل الملكية عند تكليف مدير الأمن العام الجديد؛ لأنها تدخل في صميم واجباته العملياتية والقانونية.
ما ذكره جلالة الملك بهذا الخصوص يتماشى مع التحدي المركب والمعقد لآفة المخدرات وسلاسل توريدها والجريمة المرتبطة بها، وعلى الحكومة، في هذا الملف تحديدًا، أن تدعم بكل ما أوتيت من إمكانات لتحقيق التوازن المطلوب والمنسجم في أدوار مكافحة المخدرات داخليًا وخارجيًا على الحدود.
أما فيما يتعلق بالدور الداخلي الذي تضطلع به الأجهزة الأمنية، بالتنسيق مع إدارة مكافحة المخدرات وبتنفيذ مباشر منها، فهو بحاجة دوت شك إلى دعم مستمر في محاور عملها الثلاث (المحور العملياتي، التوعوي الوقائي، والعلاجي)، إضافة إلى إعادة النظر في قانون مكافحة المخدرات ليشكل ذلك محورًا تشريعيًا معززًا لجهود القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
هذا الجهد يسهم بالطبع في تحقيق معادلة الردع العام والخاص من خلال عقوبات مناسبة تطال المهرب والتاجر والمروج والمتعاطي، مما يضمن تقليل نسب تعاطي المخدرات والحد من كميات التهريب سواء كانت للترويج المحلي أو متجهة إلى الدول المجاورة.
وفي هذا الصدد، يجب الإشارة إلى ان المخدرات في هذه الأيام أصبحت بوابة لأغلب الجرائم الخطرة والجرائم الأسرية، وتشكل قوة دافعة لارتكابها، بالإضافة إلى هدم بنية الشباب وضياعهم. بل إن تفسير السلوك الجرمي يتطلب فهم تأثير المخدرات القوي على المتعاطي، حيث يتفوق هذا العامل على النظريات التقليدية لفهم أسباب الجريمة، كما أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين المخدرات والتأثير السلبي على التقدم الاقتصادي، حيث تشكل تهديدًا ملموسًا للاستثمار، وهذا ما لمسناه في العديد من القضايا التي ارتكبها متعاطو المخدرات.
في الختام، تشكّل رؤية جلالة الملك واهتمامه بهذا التوجيه دليلا واضحا على إدراكه لمدى خطورة هذا الملف المهم وارتباطه بتأثيره على مستوى الأمن الوطني؛ وهذا يستدعي من الحكومة تقديم دعمها لكل من له دور في مكافحة هذه الآفة، ضمن إطار مؤسسي وطني متكامل يشمل الأجهزة المعنية والمؤسسات التعليمية والشبابية والثقافية والاجتماعية والدينية.