* الوصاية الهاشمية هي صمام الأمان الذي لا يجب أن يُضعف، وإضعافه سيخلق فراغًا خطيرًا لن يتمكن أحد من ملئه

* استهداف الوصاية الهاشمية أو تهميشها، يشكل تهديدًا خطيرًا ليس فقط على الحرم القدسي الشريف والمقدسات، بل على الوضع العام في القدس

* الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ضمانة رئيسية للحفاظ على الوضع القائم ومنع تهويد المدينة المقدسة

* الأردن هو الوحيد الذي يتمتع بالشرعية التاريخية والدينية للحفاظ على الوضع القائم، وأي محاولة لتقويض هذا الدور ستكون بمثابة مخاطرة قد تؤدي إلى نتائج كارثية

نخبة بوست – كتب: حسام الحياري ( الباحث والمحلل)

تشهد القدس الشريف، وخاصة المسجد الأقصى المبارك، محاولات إسرائيلية مستمرة لفرض واقع جديد يمس هوية المدينة وطابعها الديني. في هذا السياق المتأزم، تبرز الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس كضمانة رئيسية للحفاظ على الوضع القائم ومنع تهويد المدينة المقدسة. لكن هناك تطورات مقلقة تشير إلى تصاعد المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تقويض هذه الوصاية الهاشمية، ما يثير تساؤلات حول تداعيات هذا الوضع على مستقبل المدينة المقدسة والمنطقة بأسرها.

منذ الإعمار الهاشمي الأول للحرم القدسي الشريف على يد الشريف الحسين بن علي، لعبت الوصاية الهاشمية دورًا محوريًا في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس

هذه الوصاية ليست مجرد ترتيب سياسي، بل هي علاقة اجتماعية ودينية عميقة تربط الأردن بالقدس، وتجمع بين المسلمين والمسيحيين في الدفاع عن حرمة المقدسات. هذه العلاقة ذات الجذور التاريخية ضمنت الرعاية والحماية للمقدسات، وكانت وماتزال الضامن الوحيد للحفاظ على هوية القدس الشريف.

غير أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي، مدفوعًا بمخططات تهويدية خطيرة، يُصعد من انتهاكاته بحق المسجد الأقصى، ومدينة القدس عموماً، بصورة غير مسبوقة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وذلك بهدف الرد على صفعة طوفان الأقصى، ومحاولة تغيير الوضع القائم فيه، وفرض وقائع تهويدية جديدة عليه.

فتصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الأخيرة بشأن بناء كنيس يهودي في المسجد الأقصى، وما نشرته منظمة “نشطاء جبل الهيكل” اليمينية المتطرفة قبل عدة أيام، مقطع فيديو قصير يُحاكي حريقًا كبيرًا في المسجد الأقصى المبارك، هو مثال خطير على هدف الاحتلال لتغيير الوضع القائم والأماكن المقدسة في القدس الشريف. هذه الانتهاكات تشكل تحديًا خطيرًا للوصاية الهاشمية، وتهدد بإحداث تغيير جذري في هوية المسجد الأقصى.

ما يزيد المخاوف هو اقتراب موسم الأعياد التوراتية، في الفترة من 3 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث يستعد المتطرفون الصهاينة لتكثيف انتهاكاتهم. في ظل هذا التصعيد تصبح الوصاية الهاشمية هدفًا مباشرًا، إذ يُنظر إليها كعقبة أمام هذه المخططات.

كما أن ما يشجع الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ مخططاته ضد الأقصى والمقدسات في القدس الشريف، هو التواطؤ الدولي العلني والضمني غير المسبوق؛ بالإضافة إلى أن بعض الأطراف العربية والإسلامية غير مهتمة بالتدخل في ملف القدس، خوفًا من تكلفته السياسية، وهو ما يجعل الأردن وحيداً في وجه هذه المخططات.

استهداف الوصاية الهاشمية أو تهميشها، يشكل تهديدًا خطيرًا ليس فقط على الحرم القدسي الشريف والمقدسات، بل على الوضع العام في القدس؛ فالفراغ الناتج سيتيح المجال للاحتلال لمزيد من الانتهاكات وبشكل أكثر شراسة، وسيفتح الباب أمام أطراف أخرى – محلية أو إقليمية – لمحاولة ملء هذا الفراغ خاصة إيران وتركيا.

هذه الأطراف لن تتمتع بالشرعية التاريخية ولا بالعلاقات الوثيقة التي تربط الأردن بالمدينة المقدسة، مما يعني أن أي خلل في هذه الوصاية قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وتصعيد غير مسبوق للصراع.

إضعاف الوصاية الهاشمية أو استبدالها بأي شكل آخر، يعني فتح الباب أمام مزيد من الصراع في المنطقة. فغياب هذا الدور سيترك المدينة المقدسة بلا حماية، ويزيد من فرص المتطرفين لفرض سيطرتهم

فالأردن هو الوحيد الذي يتمتع بالشرعية التاريخية والدينية للحفاظ على الوضع القائم، وأي محاولة لتقويض هذا الدور ستكون بمثابة مخاطرة قد تؤدي إلى نتائج كارثية.

في ظل هذا الواقع، يجب على المجتمع الدولي والعالم الإسلامي أن يدركوا أهمية الوصاية الهاشمية ليس فقط في حماية المقدسات، بل في حفظ السلام والاستقرار في القدس، الوصاية الهاشمية هي صمام الأمان الذي لا يجب أن يُضعف، وإضعافه سيخلق فراغًا خطيرًا لن يتمكن أحد من ملئه دون دفع ثمن باهظ.


اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

اكتشاف المزيد من نخبة بوست

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

Exit mobile version