* المسألة المهمة التي تواجهنا؛ كيف ننتقل من بيئة القرن العشرين ذات الأسئلة الكثيرة والإجابات القليلة إلى البيئة الجديدة ذات الأسئلة القليلة والإجابات الكثيرة؟
* نحن على أعتاب عصر يحتمل أن يتيح لنا أن نعبر عن أنفسنا بشكل جماعي، ويمكن لأي أحد أن يدرك إمكانياته الفردية الحقيقية، ويطرح أسئلة كبرى، ويقدم لها حلولا مبدعة مثيرة
* تزودنا شبكات التواصل بفرصة كبيرة للمبالغة في تقديم أنفسنا وصنع هوياتنا على الشبكة؛ لكن الفرق الكبير بين المشهد المثالي في الشبكة والذات الفعلية يؤدي إلى الانفصال والعزلة
* أظهرت الدراسات المسحية زيادة معدلات النرجسية بين الطلاب بنسبة كبيرة عما كان عليه الحال قبل عشرين سنة
* يوجد فارق هائل وغير مسبوق في الكيفية التي تشارك بها أدمغة المواطنين الرقميين في الحياة مقارنة بأدمغة الذين ينتمون إلى الأجيال السابقة أو غير الرقميين
* بسبب تدني احترام الذات يسلك مدونون إلى أن يلاحظ الآخرون وجودهم، ويتفاعلوا معهم، وهذا بدوره يشجع على اكتساب هوية مبالغ فيها أو مختلفة، أي الذات المأمولة أو المحتملة
“المواطن الرقمي”؛ الشخص الذي تتحدد هويته بفعل قدراته وما هو متوقع منه بناء على البراعة والألفة التلقائية في التعامل مع التقنيات الرقمية
* لم تعد غرفة المعيشة أو المطبخ مكاناً تجتمع فيه العائلة وتمضي فيه وقتها المنزلي، ففي سهولة وخصوصية وفردنة الشاشات صار لكل فرد فضاؤه الخاص به بعيدا عن الأفراد الآخرين في الأسرة
* تزايدت معدلات تشخيص التوحد بسرعة في العقدين الأخيرين، ولا يمكن أن تعزى تلك الزيادة الى الأسباب الوراثية وحدها
نخبة بوست – كتب: إبراهيم غرايبة
هل تساعدنا الانتخابات العامة في حدس وتوقع الاتجاهات الجديدة في الفكر والسلوك بعدما ترسخت “الشبكية” في حياة الأمم؟
تؤسس هذه المقالة لفكرة المعنى الجديد للسلطة السياسية أو كيف تحقق شرعيتها؟ ومن أين تستمد هذه الشرعية؟ لقد دأبت الحكومات في عصر الدولة الحديثة على اللجوء إلى الانتخابات العامة والخطاب الديني والفكري العام لتنشئ شرعية لوجودها وسلطتها وتخفف من صعوبات التأثير والقبول لسياسات لا يحبها الناس، مثل الضرائب والقبول بسياسات واتجاهات السلطة في جمع وتوزيع الفرص والموارد، أو تبريرها.
لكني سوف أركز في هذه المساحة على محاولة ملاحظة وعرض ما أحدثته “الشبكية” بما هي تقنيات الحوسبة والاتصال والذكاء الاصطناعي في اتجاهات أفكار وسلوك الناس؛ مؤملا بذلك أن أخمن الاتجاهات والمبادئ الجديدة أو الممكنة لتحقيق الرضا في العلاقة بين السلطة والمواطنين. وهو موضوع في غاية الأهمية وإن كان لا يحظى في مجالنا الأردني والعربي العمومي بالاهتمام والبحث الكافيين، لكن ما يمكن ملاحظته عن الكيفية الجديدة التي يعيش بها الناس اليوم تدعو إلى التخمين والتفكير في مواردنا السياسية والاجتماعية الناشئة حول الأعمال والتكنولوجيات الجديدة، والسؤال الأكثر ألما وصعوبة: هل بقي لنا مكان بين الأمم؟ إن المكان القادم هو مستقبل نحن نصنعه.
تنسب سوزان غرينفيلد (كتاب تغير العقل) إلى مارك برينسكي وهو خبير تقني أمريكي مصطلح “المواطن الرقمي” لوصف الشخص الذي تتحدد هويته بفعل قدراته وما هو متوقع منه بناء على البراعة والألفة التلقائية في التعامل مع التقنيات الرقمية. ويقابل ذلك “المهاجرون الرقميون” وهم أولئك الذين يتعلمون لغة أخرى في مرحلة متأخرة من الحياة يحتفظون بلكنة لأنهم مازالوا يحتفظون بإحدى قدميهم في الماضي. المواطنون الرقميون لا يعرفون أي سبيل آخر للحياة غير ثقافة الانترنت والحاسوب المحمول والهاتف النقال وبوسعهم أن يتحرروا من قيود الأعراف المحلية والسلطة الهرمية. وهم يقضون نصف يومهم (حرفيا) في استخدام حواسيهم وموبايلاتهم ووسائل الإعلام والعاب الفيديو.
قبل ثلاثين سنة كان مصطلح “التغير المناخي” يعني القليل لمعظم الناس لكن اليوم يدركه الجميع. ذلك أن الدماغ البشري يتكيف مع أي بيئة يوضع فيها، وتقدم الانترنت بيئة جديدة، ومن الممكن أن يتغير الدماغ على نحو موازي وبطرق جديدة متوافقة مع الانترنت.
يمتلك البشر قدرة على التكيف أكثر من الكائنات الأخرى. السيارات مثلا أدخلت تغييرات كبرى وعميقة في حياة الناس. والمطبعة غيرت العالم باتجاه مضاعفة المعرفة والديمقراطية، وكذا بالنسبة للكهرباء والراديو والتلفزيون، ويمكن التقدير أن التكنولوجيا الرقمية تغير كثيرا وبعمق. على سبيل المثال لم تعد غرفة المعيشة أو المطبخ مكانا تجتمع فيه العائلة وتمضي فيه وقتها المنزلي، ففي سهولة وخصوصية وفردنة الشاشات صار لكل فرد فضاؤه الخاص به الذي يمضي فيه جميع وقته بعيدا عن الأفراد الآخرين في الأسرة.
يخلص عالم الأعصاب مايكل ميرزينك إلى أنه يوجد فارق هائل وغير مسبوق في الكيفية التي تشارك بها أدمغة المواطنين الرقميين في الحياة مقارنة بأدمغة الذين ينتمون إلى الأجيال السابقة أو غير الرقميين. ويلاحظ المعلمون أن الأجيال أكثر تشتتا في انتباههم وانخفضت سعة انتباههم.
وفي المقابل يلاحظ نصف خبراء الانترنت أن الجيل الرقمي (مواليد الألفية) يبرعون في البحث عن إجابات أكثر عمقا، ويستطيعون البحث بفعالية. وأما النصف الآخر فيرون أنهم لا يحتفظون بالمعلومات، ويفتقرون إلى المهارات الاجتماعية والتفكير العميق، ويعتمدون بطرق غير صحية على الانترنت وأجهزة الموبايل من أجل أداء مهامهم.
يقول الناس أو يعلقون في شبكات التواصل ما لا يجرؤون على قوله وجها لوجه. في منصة فيسبوك يعبر 26 في المائة من المستخدمين عن إعجابهم وأقل منهم يعلقون. وينشغل 15 في المائة بتحديث صفحاتهم، في حين ينشغل الباقون بمتابعة صفحات الآخرين.
ما المميز في شبكات التواصل الاجتماعي؟ تبدو فوائد الشبكة موضع اجماع للعمل والتسلية والتواصل وتطوير المهارات، لكن إذا استخدمت بإفراط فإنها سوف تغير في النظرة إلى الذات والآخرين. فإذا صرت متعلقا بالحاضر على نحو متزايد، وبالتالي تكرس كل وقتك لمتطلبات الخارج فقد يكون صعبا الحفاظ على شعور قوي بالهوية الداخلية. ففي حياة تثبت فيها وجودك في مطعم ما، وتصور الوجبة التي تتناولها، وتتوق إلى الإعجاب والتعليقات، تصبح هذه الإثارة أمتع من وجبة الطعام نفسها. ويزيد الميل إلى الهوية الجمعية (الانسياق) يصير ميل إلى نشر القصص الشخصية والأحداث اليومية لأجل المشاركة والحصول على القبول، تتشكل الهوية في الخارج، وليس الخبرة الداخلية الذاتية التي كانت عليها.
السلوك الثاني في الحياة الرقمية هو الألعاب التي صارت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية. تشير الاستطلاعات والدراسات المسحية أن المراهقين يقضون ست ساعات يوميا في ألعاب الفيديو، ما يعني قراءة أقل ومشاركة وجاهية أقل، وقد ينغمس بعض الناس في اللعب إلى درجة الانفصال عن الواقع. ويلاحظ أن مستخدمي الألعاب يتعرضون لتغير في الدماغ يؤدي إلى السلوك القهري والإدمان والتهور.
تعد محركات البحث جزءا من حياتنا، وهي المحطة الأولى والفورية للتعرف على حقيقة ما أو لمعرفة مزيد حول موضوع بعينه. من المؤكد أن واحدة من أهم القضايا التي ينبغي استكشافها هي ما إذا كان أفراد الجيل المقبل قد يتعلمون بطريقة مختلفة. القراءة من الشاشة تتطلب استراتيجيات مختلفة عن القراءة من الكتب الورقية. فالشاشة ليست كتابا بديلا لكنه منظومة تتيح القراءة التشعبية، وربما تغير الطريقة التي نفكر بها.
يعمل الدماغ وفق مبدأ “استخدم قدراتك وإلا فسوف تفقدها” ويخضع لتغير مستمر، ويعيد صنع نفسه طوال الحياة. وذلك استجابة للبيئة والمؤثرات والتجارب الخارجية.
وجود بيئة ثرية يؤدي إلى تغيرات فيزيائية في الدماغ، وجميعها إيجابية، زيادة حجم أجسام العصبونات، وزيادة الوزن الكلي للدماغ، وزيادة سمك القشرة المخية. كل الكائنات الحية؛ من الذباب إلى الفلاسفة يتحسن إدراكها وتفكيرها وسلوكها بتحسين البيئة المحيطة، والعكس صحيح أيضا. كيف يمكن لتجربة خارجية أن تترك حرفيا علامة داخلية على الدماغ؟
لكن الدماغ يبقى كتلة مادية داخل الجمجمة يشبه تماما دماغ الكائنات الثديّة، وأما العقل بما هو الأفكار والسلوك فإنه منظومة أكثر تعقيدا وغموضا وإن كان لا ينفصل عن الدماغ وتجربته.
تقدم غرينفيلد (كتاب تغير العقل) في جدول يمكن تلخيصه على النحو التالي: العاقل يعمل بالإدراك المعرفي. غير العاقل بالإحساس. العاقل يحركه التفكير. غير العاقل تحركه المشاعر القوية. العاقل يتفاعل مع الماضي والحاضر والمستقبل، غير العاقل يتفاعل مع الآن وهنا. العاقل موجه بالمدركات الداخلية، غير العاقل موجه بالمدركات الخارجية. العاقل يمتلك معنى شخصي، غير العاقل لديه معنى ضئيل. العاقل لديه شعور قوي بالذات، وغير العاقل لا يوجد لديه وعي ذاتي. لدى العاقل حلقات واضحة ترتبط على نحو متسلسل، وغير العاقل لا يوجد لديه إطار مرجعي زمني أو مكاني.
العاقل حياة عادية، غير العاقل يعيش حالات من الطفولة والإدمان والفصام. يملك العاقل عالما ذا مغزى. والعالم لدى غير العاقل بلا مغزى. يرتبط الوعي لدى العاقل بتجمع أكبر. ولدى غير العاقل يرتبط الوعي بالتجمع الصغير.
هكذا تتشكل الهوية من تفاعل الدماغ مع البيئة المحيطة؛ فهي نتاج الحوار بين البيئة والذات. يسمح هذا الحوار بالتأمل الذاتي والتطور البطيء، وسرد داخلي قوي.
لقد اتسم البشر دائما بالغرور والأنانية، والقابلية للتفاخر، وقد وفرت الشبكات الاجتماعية الفرصة للانغماس في هذا السلك من دون انقطاع وعلى مدار الساعة. هذه الارتباطية الفائقة حيث يبقى الناس متصلين بالانترنت على مدار الساعة وما يصحبها من انتشار شبكات الإعلام الاجتماعي وتداول المعلومات الشخصية تؤثر في الهويات.
كان الدخول بأسماء مستعارة يسمح للمشاركين في التواصل اكتشاف هوياتهم المكبوتة؛ لكن صارت شبكات التواصل تؤكد على الأسماء والهويات الحقيقية. وتوفر الانترنت فرصة التعبير عن الذات الحقيقية، بما في ذلك الجوانب التي لا يعبر عنها في حالة وجها لوجه.
أدى التواصل الاجتماعي الشبكي إلى ثلاثة احتمالات للذات: الذات الحقيقية، التي يعبر عنها في البيئات المجهولة الهوية من دون قيود تفرضها الضغوط الاجتماعية. والذات الفعلية، أي المتوافقة مع القواعد والأعراف الاجتماعية في بيئة وجها لوجه، والذات المحتملة التي تظهر لأول مرة، والمأمولة التي تعرض على الشبكة.
تزودنا شبكات التواصل بفرصة كبيرة للمبالغة في تقديم أنفسنا وصنع هوياتنا على الشبكة. لكن الفرق الكبير بين المشهد المثالي في الشبكة والذات الفعلية يؤدي إلى الانفصال والعزلة.
لقد أظهرت الدراسات المسحية زيادة معدلات النرجسية بين الطلاب بنسبة كبيرة عما كان عليه الحال قبل عشرين سنة. كلما ازداد تشويه هويتك بسبب استخدام شبكات التواصل ازداد شعورك بالنقص، وتزايدت جاذبية وسط لا تحتاج فيه إلى التواصل مع الناس وجها لوجه.
بسبب تدني احترام الذات يسلك مدونون بتوق إلى أن يلاحظ الآخرون وجودهم، ويتفاعلوا معهم، وهذا بدوره يشجع على اكتساب هوية مبالغ فيها أو مختلفة، أي الذات المأمولة أو المحتملة.
تنخفض المكالمات الهاتفية عبر الموبايل وبنسبة أكبر عبر التلفونات الثابتة. وتتراجع أكثر اتجاهات التواصل الوجاهي، ويبدي الجيل الرقمي صعوبات في التواصل الوجاهي. في المقابل تبدي دراسات وتجارب أن فيسبوك يزيد من الترابط، ويقلل من الشعور بالوحدة.
يتميز البشر بقدرة على الاهتمام بالآخرين أكثر من الكائنات الحية الأخرى. لكن تزايدت معدلات تشخيص التوحد بسرعة في العقدين الأخيرين، ولا يمكن أن تعزى تلك الزيادة الى الأسباب الوراثية وحدها.
تتعرض نسبة كبيرة من الناس إلى التنمر والتحرش عبر شبكات التواصل الاجتماعي. بالطبع فإن التنمر موجود ومتعمق من قبل، لكن الانترنت أزالت كثيرا من القيود على هذه الممارسة. ومن المحتمل أنها تؤدي إلى سلوكيات ومواقف لم تكن متاحة من قبل. وهناك ممارسة لا يمكن أن تحدث إلا عبر الانترنت وهي التصيّد.
في المقابل هناك أدوار إيجابية للشبكة مثل تنظيم وتفعيل العمل الاجتماعي والسياسي بتكاليف أقل وبكفاءة عالية. إن شبكات التواصل تقدم وعدا أن تكون على الدوام متصلا، مرغوبا ومحبوبا ومثيرا للإعجاب. لقد جلبت إلى المجتمعات تفسيرا للهوية والعلاقات تتحدى القيم والأخلاق الحالية بطريقة لم تكن متخيلة حتى قبل عقد من الزمان. وتوفر ألعاب الفيديو هروبا إلى عالم أكثر إثارة وحسّية، وحيث توجد نتائج محددة قابلة للتنبؤ، والتي يمكن للاعب المشاركة فيها باعتباره ذاتا أفضل.
تبين أن من يقضون ساعتين يوميا فأكثر في ألعاب الفيديو أكثر عرضة للإصابة بتشتت الانتباه، وفي المقابل فإن لاعبي الفيديو يملكون قدرات أفضل لتشغيل الطائرات بدون طيار، ويتفوقون على الطيارين في مهمات معينة. ويمتلكون قدرة أفضل على التنسيق بين العين واليد، وكذلك مهارات بصرية حركية أفضل. وتبين أن جراحي المناظير الذين يمارسون ألعاب الفيديو يتفوقون على أقرانهم من غير اللاعبين في الموثوقية وسرعة التنفيذ.
في المقابل تشير أبحاث إلى أن الألعاب يمكن أن تساعد في التغلب على التوتر والعدوان. ويظهر النشاط الدماغي المسجل في أثناء اللعبة ارتباطات عصبونية مؤكدة مع سلوك الحياة الحقيقية. إن الدماغ البشري يتكيف دائما مع بيئته، ونتشكل بفعل تجاربنا الفردية.
تعرض شبكة الانترنت تيارا لانهائيا من الحقائق، لكن الأسئلة العميقة المثيرة للاهتمام ما تزال أقل وضوحا. إن سهولة البحث في الانترنت لا تعمل فقط على تغيير استراتيجيات الذاكرة بل و أيضا عمليات التفكير ذاتها.
أظهرت المقارنات بين الأجيال أو بين الأقل تصفحا والأكثر تصفحا للإنترنت أو الذين يركزون على البحث عن الإجابة والذين يتتبعون التصفح التشعبي (تشتت) أن الذين يتصفحون تشعبيا ولا يتعمقون أو يركزون في الأسئلة وإجاباتها أكثر ميلا للاندفاع، والاعتماد على الإجابات السريعة، وعلى أولى النتائج التي تظهر في غوغل، مع تزايد عدم الرغبة في تناول الفروق الدقيقة أو الشكوك، أو عدم القدرة على تقييم المعلومات، والتضحية بالعمق مقابل الاتساع.
نتعرض لمخاطر الاندفاع وراء الحقائق المعزولة إذا لم يكن لدينا إطار مفاهيمي يمكننا من صياغة الأسئلة ذات النهاية المفتوحة، ويرشد استخدام الإنترنت. فالتفكير النقدي كما يقول جون نيوتن يتطلب فهما راسخا للحقائق وسياقا معينا لتجنب الضلال.
المسألة المهمة التي تواجهنا كيف ننتقل من بيئة القرن العشرين ذات الأسئلة الكثيرة والإجابات القليلة إلى البيئة الجديدة ذات الأسئلة القليلة والإجابات الكثيرة؟
كيف نضمن ألا تثبط التقنيات التفكير العميق والإبداع والإنجاز الحقيقي، بل تعززها على نحو فعال؟ ماذا يحدث بسبب التواصل الدائم أو الاندماج مع العالم الخارجي؟ تنخفض مهارات التعامل والعلاقات وجها لوجه. تنحسر الأسرة وينخفض عدد المواليد، ولا تعود الولادة مرتبطة بالتزاوج، وحالات السمنة تتزايد على نحو متضاعف، وارتقعت متوسطات الأعمار، وتزايدت حالات الزهايمر والخرف، وصارت تتضاعف كل عشرين سنة.
نحن على أعتاب عصر يحتمل أن يتيح لنا لنعبر عن أنفسنا بشكل جماعي، ويمكن لأي أحد أن يدرك إمكانياته الفردية الحقيقية، ويطرح أسئلة كبرى، ويقدم لها حلولا مبدعة مثيرة. يقول هنري لويس: لكل مشكلة معقدة إجابة بسيطة وواضحة، وخاطئة.