* الانتخابات الأخيرة كانت بكل المقاييس نزيهة من حيث مدخلات ومخرجات الصناديق، وعكست إرادة 30٪؜ من الأردنيين الذين صوتوا

* الإخوان المسلمون حصدوا عددًا كبيرًا من أصوات المصوّتين، خصوصًا في القائمة العامة؛ لكن لنتذكر أنهم حصلوا على 33 مقعدًا من أصل 32٪؜ تقريبًا من الذين صوتوا. فلو صوت 75٪؜ لكانت النسبة أقل بكثير

* بغض النظر، هذه نتائج انتخابات ويجب علينا احترامها، وتشخيص أسباب فشل الآخرين؛ وهنا، الفشل ليس لليسار فقط؛ ما لم يتم الإشارة إليه هو فشل أحزاب الوسط المحافظة في الحصول على ما كان متوقعًا

* الحل ليس بالضرورة في الربط بين المحلي والوطني، بل في أن يؤمن المرشح المحلي بحزبه ويتأكد من ذهاب الصوت الثاني لحزبه

* علينا أن نعي أيضًا، وبما يخص “اليسار”، أن رواية الهزيمة بسبب عدم التوحد في قائمة واحدة ليست دقيقة سياسيًا لعدة أسباب

نخبة بوست – كتب: المحامي والسياسي قيس زيادين

الانتخابات الأخيرة كانت بكل المقاييس نزيهة من حيث مدخلات ومخرجات الصناديق، وعكست إرادة 30٪؜ من الأردنيين الذين صوتوا.

الإخوان المسلمون حصدوا عددًا كبيرًا من أصوات المصوّتين، خصوصًا في القائمة العامة. يعود ذلك لعدة أسباب، سنخوض فيها في مقالات أخرى. لكن لنتذكر أنهم حصلوا على 33 مقعدًا من أصل 32٪؜ تقريبًا من الذين صوتوا. فلو صوت 75٪؜ لكانت النسبة أقل بكثير.

المحامي والسياسي قيس زيادين

بالطبع، وبغض النظر، هذه نتائج انتخابات ويجب علينا احترامها، وتشخيص أسباب فشل الآخرين. وهنا، الفشل ليس لليسار فقط؛ ما لم يتم الإشارة إليه هو فشل أحزاب الوسط المحافظة في الحصول على ما كان متوقعًا. فإذا كان متوقعًا لوسط اليسار ثلاث مقاعد، كان متوقعًا لبعض الأحزاب الحصول على 8-9 مقاعد وطنية لكل منها، لكنها حصلت على 3 فقط.

إذا كان متوقعًا لوسط اليسار ثلاث مقاعد، كان متوقعًا لبعض الأحزاب الحصول على 8-9 مقاعد وطنية لكل منها، لكنها حصلت على 3 فقط

الحل ليس بالضرورة في الربط بين المحلي والوطني، بل في أن يؤمن المرشح المحلي بحزبه ويتأكد من ذهاب الصوت الثاني لحزبه. الضعف كان في أن بعض المرشحين المحليين المنتمين للأحزاب لم يعملوا لصالح القائمة الوطنية، أي أن المفهوم الحزبي ما زال يتلمس طريقه. فهمهم كان النجاة بأنفسهم، وهذا أمر طبيعي في البدايات.

الضعف كان في أن بعض المرشحين المحليين المنتمين للأحزاب لم يعملوا لصالح القائمة الوطنية، أي أن المفهوم الحزبي ما زال يتلمس طريقه. فهمهم كان النجاة بأنفسهم، وهذا أمر طبيعي في البدايات

هذه أمور نتعلم منها، ولكن حتى تشكيلة الحكومة، التي برأيي جيدة ومتجانسة، كان يجب أن تخلو من قيادات حزبية بارزة لأحزاب ضخمة، ليس لأنهم غير مناسبين، على العكس، بل لحماية مفهوم التحديث السياسي، بل لحماية الأحزاب نفسها التي ستشارك في انتخابات 2028 وقد تتحمل وزر مشاركتها في الحكومة.
نظريًا، الوزير الحزبي يجب أن يطبق برنامج حزبه وتكون مرجعيته حزبه، خصوصًا إذا كان من قيادات حزبه.

لنبني بطريقة مقنعة وصحيحة. وحتى لا أكون عبثيًا، فهناك حل يكمن في استقالة الوزراء الحزبيين من أحزابهم، فهكذا يفصلون بين حزبيتهم وتنظيمهم وبين عملهم الحكومي. وبهذا نحافظ على المفهوم النظري للحزب.

أيضًا، علينا الانتباه لحالات فردية حصلت وأضرت أمام الناس بالعملية الإصلاحية. فعندما يقوم شخص “س” وهو شخصية سياسية بتقلد منصب متقدم في حزب “ص” ويكون أحد أبرز وجوهه، وفي نفس الوقت يكون قريبه من الدرجة الأولى مسؤولًا في حزب آخر ومرشحًا متقدمًا في حزب ثالث، هنا نضعف مفهوم الإصلاح، خصوصًا وأن الاختيار ليس أيديولوجيًا بل انتهازيًا. فيقوم “س” بالعمل علنًا لحزب “ب” وضد حزبه. الخطأ هنا أننا أعطينا فرصة للمشككين بالعملية لإثبات وجهة نظرهم

بالمختصر، أي عملية تحديث لن تكون سهلة، لكن علينا حمايتها.

علينا أن نعي أيضًا، وبما يخص “اليسار”، أن رواية الهزيمة بسبب عدم التوحد في قائمة واحدة ليست دقيقة سياسيًا للأسباب التالية:

أولًا: مفهوم اليسار واسع جدًا أيديولوجيًا واقتصاديًا، ويمتد من الشيوعيين وحتى الديمقراطيين الاجتماعيين اقتصاديًا والليبراليين اجتماعيًا، مرورًا بالقوميين والبعثيين وغيرهم.

ثانيًا: المنتمون لهذه التيارات عمومًا مؤدلجون، فمن الصعب حشرهم في باص واحد وهم لا يتفقون اقتصاديًا أو تختلف أولوياتهم. فهذه التيارات تختلف أكثر بكثير من الثلاثين حزبًا وسطيًا فيما بينهم. لذلك، من الظلم المطالبة بوحدتهم رغم الخلافات الأيديولوجية التي بينهم، وليست فقط خلافات شخصية كما يُروج أحيانًا.

وفيما يخص وسط اليسار بالتحديد، فهي أيضًا أحزاب ناشئة، لا تنتمي للثلاثي التاريخي (الإسلام السياسي، المحافظين، أقصى اليسار). وبعض قياداتها أتوا من أقصى اليسار وآخرون من مرجعيات مختلفة؛ المطلوب هو عدم فقدان الأمل بهذا التيار أو تحميله أكثر من وزره، أو الشماتة به أو إقصائه في السنوات الأربع القادمة عن المشهد بحجة فشله في الانتخابات.

فيما يخص وسط اليسار بالتحديد، فهي أيضًا أحزاب ناشئة، لا تنتمي للثلاثي التاريخي (الإسلام السياسي، المحافظين، أقصى اليسار). وبعض قياداتها أتوا من أقصى اليسار وآخرون من مرجعيات مختلفة

بالمختصر، هناك من لم يؤمن بعملية التحديث السياسي، وهناك من لم يعمل لأجلها، بل راهن على فشلها، وهناك من رأى فيها فرصة للعودة دون الإيمان بها، وفي المقابل، هناك من آمن وعمل وحاول، خصوصًا من الشباب.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version