نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية

بعد عام من الحرب المستمرة على عدة جبهات بين إسرائيل ومحاور المقاومة في غزة ولبنان واليمن ودول أخرى، تظهر مؤشرات خطيرة على تراجع الاقتصاد الإسرائيلي؛ فالتحولات الجيوسياسية والحرب التي اندلعت منذ عام أثرت على مختلف القطاعات الاقتصادية في إسرائيل، مما أدى إلى تصدع واضح في البنية الاقتصادية العامة للدولة.

قدم المحلل السياسي والاقتصادي منير دية ، في تصريح خاص لـ”نخبة بوست”، قراءة تفصيلية للأوضاع الاقتصادية التي تعيشها إسرائيل حاليًا، موضحًا الأعباء التي خلفتها الحرب والتحديات التي ستواجهها البلاد في المستقبل.

تراجع غير مسبوق في النمو الاقتصادي؛ هل يتحمل الاقتصاد الإسرائيلي المزيد؟

وقال دية أنه و بعد مرور عام من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتوسع رقعة الصراع لتشمل غزة ولبنان والعراق وسوريا وإيران واليمن، ودخول إسرائيل في صراعات مع كل تلك المحاور، يبدو أن الاقتصاد الإسرائيلي بدأ يتصدع.

بدأت الآثار السلبية للحرب واضحة المعالم على الاقتصاد الإسرائيلي من خلال المؤشرات الرئيسية، حيث وصل معدل النمو الاقتصادي تقريبًا إلى 0% في حين كان النمو الاقتصادي قبل الحرب بحدود 5.5%

المحلل السياسي والاقتصادي منير دية

وأضاف أنه قد وصل العجز في الموازنة إلى حوالي 9%، وارتفع الدين العام إلى حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي؛ وبالتالي الأرقام والمؤشرات الرئيسية تشير إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يمر بأسوأ ظروفه على الإطلاق.

الديون تتفاقم؛ كلفة الحرب تدفع الموازنة نحو العجز

وأشار دية إلى أن كلفة الحرب حتى الآن زادت عن 70 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع بشكل كبير وملحوظ مع اتساع رقعة الحرب ودخول جبهة لبنان واحتمالية أن تتوسع الحرب البرية في لبنان.

وأوضح أنه وبالتالي ستزداد الكلفة بشكل كبير، نتيجة حاجة الجيش الإسرائيلي إلى تجنيد المزيد من جنود الاحتياط، وشراء معدات عسكرية، وتزويدهم بالأسلحة؛ بالإضافة إلى تعطيل الاقتصاد، الذي قد يستمر حتى العام 2025، وهذا سيضيف أعباء إضافية على الاقتصاد الإسرائيلي ويزيد العجز في موازنة العام القادم.

تهديدات الحوثيين تضرب الموانئ الإسرائيلية؛ ارتفاع حاد في تكاليف الشحن والتأمين

وأفاد دية في تصريحاته بأن التهديدات اليمنية والحوثية في البحر الأحمر أدت إلى تعطل الموانئ الإسرائيلية بسبب تهديدات الحوثيين للسفن والبواخر والحركة الملاحية الداخلة إلى موانئ الاحتلال، مما زاد من كلف الشحن والتأمين البحري وزاد من مدة الإبحار إلى الموانئ الإسرائيلية، واستخدام طريق رأس الرجاء الصالح. هذا كله أدى إلى إفلاس ميناء إيلات وتعطله الكامل، وبالتالي زادت الكلف على الاقتصاد الإسرائيلي، ورفعت أسعار السلع، وزادت من معدلات التضخم بسبب تلك الارتفاعات.

هذه التطورات دفعت وكالات التصنيف الائتماني إلى تخفيض تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي؛ إذ أقدمت وكالة موديز على تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى BAA، ووكالة ستاندرد آند بورز خفضت التصنيف أيضًا من A+ إلى A، مع نظرات مستقبلية سلبية للاقتصاد الإسرائيلي

المحلل السياسي والاقتصادي منير دية

وشرح أن هذا الأمر زاد من مخاوف المستثمرين بالقدوم إلى إسرائيل للاستثمار أو البقاء داخل السوق الإسرائيلي، كما أنه سيزيد من كلفة الاقتراض ومخاطر الحصول على قروض لتمويل نفقات الحرب، ما يؤدي إلى مديونية مرهقة للاقتصاد الإسرائيلي.

تراجع القطاعات الحيوية .. خسائر كبيرة تهدد الإقتصاد

وتابع دية أن القطاعات الرئيسية في إسرائيل لا زالت تعاني بشكل كبير وواضح؛ إّذسعر صرف الشيكل يشهد تذبذبًا واضحًا، خاصة بعد الضربات الإيرانية، وتعمق الحرب في لبنان، واستمرار جبهات القتال في غزة واليمن والعراق وسوريا.

أسهم الشركات الكبرى في إسرائيل تشهد تراجعًا حادًا في سوق البورصة الإسرائيلية، وذلك بسبب خروج الاستثمارات وعدم وجود استقرار سياسي واقتصادي وتخوفات من الضربات الصاروخية الإيرانية

المحلل السياسي والاقتصادي منير دية

وأشار دية إلى أن القطاع السياحي في إسرائيل يعاني من توقف شبه كامل بسبب الحرب والصراع والتخوفات مما يجري في المنطقة؛ إذ هناك تراجع حاد في أعداد السياح وعوائد السياحة، وتأثير كبير على حجوزات الفنادق والمطاعم والنقل السياحي والنقل الجوي، خاصة بعد إلغاء العديد من شركات الطيران رحلاتها إلى المطارات الإسرائيلية، مما يعكس حجم الضربة التي تعرض لها القطاع السياحي.

وفيما يتعلق بقطاع تكنولوجيا المعلومات، أوضح دية أن القطاع تأثر بشكل كبير بسبب نقص العمالة نتيجة استدعاء أكثر من 300 ألف جندي احتياط. كما أن خروج المستثمرين بسبب التخوفات والصراعات أدى إلى تراجع هذا القطاع الحيوي.

وأما القطاع الزراعي، فقد أضاف دية أن مناطق غلاف غزة التي تشكل أكثر من 60% من سلة الغذاء في إسرائيل لا تزال تعاني من صعوبة في العودة إلى الإنتاج الزراعي، مما رفع أسعار المواد الغذائية والخضروات بشكل كبير، وشكل عبئًا إضافيًا على المواطن الإسرائيلي.

الانهيار الاقتصادي يلوح في الأفق؛ هل تصمد إسرائيل أمام التحديات المتزايدة؟

وفي ختام تصريحه، طرح دية تساؤلات هامة حول مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي في ظل استمرار الحرب قائلاً: “في ظل كل هذه المعطيات، هل سيصمد الاقتصاد الإسرائيلي مطولًا إذا ما استمرت الحرب على كافة الجبهات خلال العام 2025؟ هل سيستطيع الاقتصاد الإسرائيلي تحمل المزيد من الأعباء والعجز وكلفة الحرب الإضافية؟”.

ختاماً.. إن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه تحديات كبيرة نتيجة الحرب المستمرة والتوسع في جبهات القتال، وهو ما أثر بشكل كبير على معظم القطاعات الاقتصادية. مع استمرار التهديدات وتزايد الأعباء المالية، تتزايد المخاوف من قدرة إسرائيل على الحفاظ على استقرارها الاقتصادي. ورغم الجهود المستمرة لتقليل التأثيرات السلبية، يبدو أن المستقبل الاقتصادي لإسرائيل سيكون أكثر تعقيدًا إذا استمرت الحرب لفترة أطول.

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version