نخبة بوست – كتب : د.بسام علي العموش

التأمل الرابع :

“الإسلاميون والحكم “

منذ أن قام أتاتورك بإلغاء الخلافة الاسلامية عام ١٩٢٤م والإسلاميون يحلمون بعودة الخلافة لأنها تمثل عزهم وقوتهم وهيبتهم بين الأمم كما أنها تنسجم مع ” واعتصموا” و ” ..كمثل الجسد الواحد” وهي الرد الحقيقي على ما قام به الإنجليز والفرنسيون يوم قسموا بلاد العرب إلى اثنتين وعشرين دولة لكنها ولا واحدة منها دولة متقدمة ولا دولة قادرة اقتصاديا” ولا سياسيا” أمام الغرب المتوحش .

نعم حلم الإسلاميون بالخلافة فجاء المفكرون والدعاة من الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وحسن البنا والمودودي وسيد قطب والنبهاني وغيرهم يفكرون ويعملون فنشأت مدارس لهذا الغرض :

مدرسة التربويات التي دعت إلى العناية بالفرد لانه أساس الإصلاح ، وتفاوتت في الغرق التربوي بين صوفية مغرقة معتزلة للحياة تم توظيف بعضها من قبل الجهات الحاكمة وبين صوفية حركية دعوية .

كما ظهرت مدرسة الثائرين الانقلابيين من تحريريين وتكفيريين وجماعات حمل السلاح فقادت الناس من يأس إلى آخر ولوثت سمعة الإسلام أعني هنا داعش المصنوعة والقاعدة حاملة لواء جعل الجهاد على مستوى العالم !! .

ومن حيث الممارسة وصل إلى الحكم من الجماعات الإسلامية فئات عدة :

١/ وصل إسلاميو تركيا أربكان وتلاميذه إلى السلطة رغم المعاناة من قيود العلمانية الكمالية ولم يتغير الكثير الظاهري بل إن كل زائر لتركيا يدرك أن الأمر أصعب مما يتصوره الإسلاميون اذا كان الأمر يتعلق بالمظاهر فلم تتوحد تركيا مع غيرها من بلدان المسلمين بل لم تستطع ايجاد حل لمشكلة الأكراد رغم المحاولة ، ولم تتوحد مع إيران

” الإسلامية ” !! لعدم وجود الثقة وللبعد المذهبي . كما لم يتغير الكثير منا يريد الإسلاميون رؤيته داخل تركيا من زوال الخمور ومظاهر السفور وما يصاحب ذلك من تجارة خسيسة بالرقيق الأبيض ، كما لم يستطع إسلاميو تركيا منع العمل الربوي في المحال الاقتصادي ، ولم يطردوا سفير الكيان الصهيوني رغم المجازر الفظيعة ، ولم يحركوا جيشهم لإنقاذ غزة المذبوحة صباح مساء . وها هو أردوغان على وشك مغادرة القصر الرئاسي والمظاهر السابقة لا تزال قائمة .وهذا بالطبع لا يعني عدم تحقيق الإسلاميين اي شيء ولكنه ربما غير منظور لكثير من الناس . المهم انهم رسخوا فكرة تداول السلطة وأنهم لم يجرهم أحد إلى المواجهة وفقه السجون.

٢/ وعلى منوالهم راح إسلاميو المغرب واستلموا رئاسة الحكومة مرتين ” فترة عبدالإله بنكيران وفترة سعد الدين العثماني ” ولا أقول ” الحكم” لأن النظام المغربي نظام ملكي تقع فيه السلطات الأساسية ضمن صلاحيات أمير المؤمنين . حاولوا ضمن المتاح لكنهم لم يتركوا فيما أعلم أثرا” يمكن رؤيته سوى ترسيخ مبدأ تداول السلطة .

٣/ ولو ذهبنا إلى مصر يوم تولاها الراحل محمد مرسي لوجدنا الحال نفسه إن لم يكن أقل حيث لم يستمر الحكم سوى عام ثم أودع الإخوان في السجون ومثلوا أمام المحاكم ومات كثير منهم في السجون وعلى رأسهم الرئيس المنتخب محمد مرسي. والمهم من التجربة تثبيت غياب الرؤية والإستراتيجية والمكر والدهاء .

٤/ولم تنجح من الجماعات الإسلامية سوى الحركة الوهابية التي كان همها

” تطبيق الشريعة” وفق فهمها بالتحالف مع ال سعود وهو تحالف كانت القيادة السياسية لآل سعود والقيادة الدينية لآل الشيخ رغم أن هذا التحالف قد انتهى واليوم نرى سعودية أخرى غير التي إرادتها الوهابية .

ولن أطيل في الحديث عن حزب التحرير لأن عمله محصور في الغزل بالخلافة عبر بيانات لم تغير من الواقع ولم تقنع الاسلامي قبل غيره . كما لن أتناول حركة خميني لأنني أعتقد أن ما سمي بثورة ١٩٧٩م إنما كان عملا” مصنوعا” بيد الغرب ومن ثمارهم نعرفهم ، ولن أتناول طالبان التي راحت تبحث في تعليم المرأة وأشرطة الغناء والموسيقى .

ما أقصده من هذا الاستعراض أن أؤكد أن الإسلاميين بمختلف أسمائهم لم ينجحوا للوصول إلى دولة إسلامية عصرية فضلا” عن الحديث عن “خلافة ” تزاحم الدول الكبرى في قيادة العالم . ولعل السبب ليس واحدا” كما اعتدنا أن نفسر الأمر بعامل التآمر الخارجي الذي لا ننكره ، لكن العامل الأهم هو غياب الوعي والرؤية والإستراتيجية وفهم السياسة الدولية والعلاقات بين الشعوب حتى أنني أجزم أن هناك عقبات بين الشعوب نفسها تجاه فكرة الوحدة ناهيك عن مصالح الحكام والحاكمين .

شاركها.

نسعى في "نخبة بوست" إلى خدمة النخب السياسية والإقتصادية والإجتماعية من خلال صحافة الدراسات والتحليل والاستقصاء والقصص الصحفية وأخذ آراء الخبراء والمختصين، ونسعى إلى تقديم منبر لأصحاب الرأي من الخبراء والدارسين والباحثين بمهنية وموضوعية وعمق يناسب النخب الوطنية ويخدم الإعلام الوطني الذي نريد.

Exit mobile version