التأمل الخامس
( البعثيون والناصريون والحكم )
نخبة بوست – بقلم : د. بسام علي العموش
حكم البعثيون بلدين عربيين هما سوريا والعراق ، وحكم الناصريون مصر فبم حكم هؤلاء ؟ الحقيقة التي ربما لا تعرفها أجيال النت والكمبيوتر والبرجر وماك أن وصول البعثيين والناصريين كان حلقة من حلقات التآمر على الأمة حيث كان العالم يعيش حربا” باردة بين الغرب الرأسمالي الاستعماري والاتحاد السوفييتي الشيوعي ، وكان الصراع على مناطق النفوذ وخلق الأتباع وتمكينهم بكل الوسائل وأهمها الانقلابات .
لقد كانت بريطانيا ” الاستعمار الأخبث عبر التاريخ” تسمى Great Britain لكن الدول تشيخ كما الإنسان فخاف الغرب من تسلل السوفييت إلى مناطق النفط وحجز قواعد فيها فكان لا بد من تغيير الرؤوس البريطانية التي شاخت عبر رموز يتم الترويج لها وصناعتها بإعلام ينحت في قلوب الجماهير عظمة الزعيم وأنه لم يجد الزمان بمثله وأنه هو الحل والمنقذ فتم تسليم الراية للأمريكان ليقودوا المنطقة فجيئ بالضابط عبدالناصر والضابط قذافي والضابط عبدالكريم قاسم وحسني الزعيم في اعلان مزوق أن هؤلاء الثوار هم منقذو الأمة ، وهم كأفراد يحملون الطموح الفردي وجنون العظمة وكان رأيهم Way Not ?
وصارت موضة تغيير الأنظمة المرتبطة ببريطانيا فتم التخلص من الملك فاروق في مصر والملك السنوسي في ليبيا والملك فيصل في سوريا والملك فيصل في العراق وجرت محاولات في مناطق أخرى لم تنجح ، وبالفعل تم منع تسلل السوفييت إلى المياه الدافئة أو النفط المغري المؤثر على الاقتصاد العالمي .
والترويج للمرحلة الجديدة كان لا بد من بعض المكياج للتغطية على الأفعال المشينة الدموية التي ارتكبت هنا وهناك فهب الإعلام لتمجيد الثوار الجدد وأنهم أعداء للإمبريالية والرأسمالية والعمالة الغربية وحتى الغناء كان له دور ” يا حبيب الأمة العربية ” وعبر إنجاز مظهري ” احنا بنينا واحنا حنبني السد العالي ” وعبر بعض الإجراءات للتمثيل مثل اغلاق مضايق ثيران . قد يستغرب بعض الناس هذا ولكن عمق التخطيط يقتضي اصطياد من يمكن اصطياده لصالح الجالسين الجدد على الكراسي وبالتالي فإن أية معارضة لهم إنما هي معارضة تحركها الإمبريالية !! وصار من لا يأتي على هوى الوضع الجديد يقال عنه رجعي وعميل وأنه يستحق الاستئصال .
وبالفعل تم ذلك وتم بهذا الترويج اختطاف عقول بعض الراغبين في الديمقراطية والحرية والوطنية الداعين لحكم الجماهير كما يقول اعلام الثوار الجدد . وصار ذنب هؤلاء الثوار مغفورا” إن قتلوا أو سجنوا أو عذبوا أو تحققت على أيديهم الهزائم المنكرة كما قال إعلام إحدى الدول التي ادعت الثورية : كان هدف العدو إسقاط الثورة وزعيمها ولما لم يتحقق ذلك فإن العدو هو المهزوم بالرغم من خسارة بعض المساحات الجغرافية .
لقد أكلت سجون الثوار المصنوعين لحوم المعارضين أو من لهجت ألسنتهم ببنت شفة حتى أن أحد المسيحيين ” روكس معكرون” قال في كتابه ” أقسمت أن أروي ” : قالوا لي أنت إخوان مسلمون !! فقلت : أنا لا إخوان ولا مسلمين .
ضاعت الأرض وازدهرت السجون وكثرت الإعدامات وأعواد المشانق بينما الإعلام والفن يردد : احنا مع الريس ، كلنا فداء الريس ، والى الأبد يا …. لم يحترموا حقوق الإنسان، ولم يقيموا ديمقراطية، وقصوا ألسنة الناس وأرعبوهم، وشردوا وطاردوا حتى خارج الحدود ، وثبت وجود المقابر الجماعية واختفى أناس عن الوجود لم يعلم عنهم أحد إلا الخالق سبحانه . وحتى المجال الذي ادعوا أنهم سيبدعون فيه وهو الاقتصاد الاشتراكي رأينا الدمار والفقر والبطالة والجوع وهي أدوات لازمة لإذلال الشعوب وفق عبارة : جوع كلبك يتبعك ، وصار أكبر حزب من حيث العدد هو ” حزب الرغيف” على رأي الراحل يوسف العظم رحمه الله .
ذهب المكياج وزالت الأقنعة وتبين وجه العجوز الشمطاء ومع ذلك لا يزال أناس إلى اليوم مخدوعين بفترة حكم هؤلاء ويبدو أن جرعة المخدرات لديهم كبيرة لكن التاريخ قد تمت كتابته ولا يمكن محوه لأنه مكتوب بالدم .