نخبة بوست – محرر الشؤون السياسية
يتسم الوضع في جنوب لبنان بتصعيد خطير حيث دخلت إسرائيل في مواجهة عسكرية مباشرة مع حزب الله، مما أدى إلى موجة من العنف والدمار؛ وبدأت العمليات بعمليات اغتيال وتدمير للبنى التحتية في الجنوب اللبناني، مما دفع العديد من المدنيين إلى النزوح.
ويأتي هذا التصعيد في سياق أوسع يشمل صراعات إقليمية معقدة، ترتبط بتصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران؛ مما يزيد من خطورة الوضع.
وضمن هذا السياق؛ استعرض الخبيران د. إبراهيم عيسى العبادي ونضال أبو زيد وجهات نظر متباينة حول هذه الأحداث، حيث قدّم كل منهما تحليلاته للأوضاع الراهنة، وذلك ضمن حلقة “نبض البلد” الليلة.
العبادي: قراءة شاملة للأحداث في جنوب لبنان
وفي هذا الصدد أوضح الخبير في الشؤون الاستراتيجية، د. إبراهيم عيسى العبادي، أن التطورات في جنوب لبنان تمضي بوتيرة متسارعة، مشيرًا إلى أوجه الشبه بينها وبين ما حدث مؤخرًا في غزة.
واعتبر العبادي أن ما يقوم به حزب الله هو إعادة ترتيب لقوى الردع، لافتًا إلى ارتباط هذه المناورات برد فعل إسرائيلي على إيران.
وأضاف أن إسرائيل لا تولي اهتمامًا للقرارات الدولية، حيث تجاوزت مرحلة الاعتماد على تقديرات صائبة وبدأت توسع عملياتها، بما في ذلك إعادة السيطرة على شمال قطاع غزة، والتحرك نحو اجتياح الضاحية الجنوبية، قائلاً: الجيش الإسرائيلي قد انتقل من مرحلة التوغل البري المحدود إلى مرحلة الاجتياح الشامل لجنوب لبنان.
وذكر العبادي أن خطاب حزب الله يحمل طابع الوهم، حيث يسعى فقط إلى رفع المعنويات، مشيرًا إلى أن التصريحات التي تتحدث عن صواريخ دقيقة تصل إلى الداخل الإسرائيلي تؤكد وجود رد قادم عنيف.
كما لفت العبادي إلى أن المرحلة الأولى من التصعيد بدأت قبل عشرة أشهر، عندما دمرت إسرائيل قرى بأكملها على مسافة سبعة كيلومترات من الحدود.
وأضاف أن المرحلة الثانية، التي شهدت ضربات إسرائيلية في العمق اللبناني، تعتبر سابقة منذ حرب 2006، وتابع بأن إسرائيل دمرت منطقة الهرمل بالكامل، والتي كان حزب الله يستخدمها لإطلاق الصواريخ، قبل أن تبدأ بحرب هجينة تضمنت اغتيال 29 قائدًا من قيادات الحزب.
وأكد العبادي أن إسرائيل تستخدم الآن استراتيجية التدمير الممنهج، كما فعلت في غزة، بهدف تحويل المنطقة إلى مكان غير صالح للعيش.
وأشار إلى أن المرحلة الحالية تشهد استنزافًا مستمرًا، حيث تمضي إسرائيل في تنفيذ مشروع إقليمي أكبر من مجرد القضاء على حزب الله، يشمل مشاريع وتحالفات جديدة، ما يعكس خطورة الوضع في لبنان، وقد يمتد إلى سوريا.
وختم العبادي بالقول إن إسرائيل تواجه صعوبة في الخروج من هذا الصراع بأهداف محققة، مشيرًا إلى أن هناك مشروعًا إقليميًا أكبر يتعدى مجرد تدمير حزب الله، حيث تعمل بعض القوى الإقليمية على ترميم الحزب وضمان استمراريته، ما يعكس تعقيد المشهد الذي يربط الصراع اللبناني بالأوضاع في غزة والتحالفات الإقليمية الجديدة.
أبو زيد: القدرة الصاروخية لحزب الله وتورط إسرائيل في الاستنزاف
من جهة أخرى، قدم الخبير العسكري والاستراتيجي ، نضال أبو زيد ، وجهة نظره حول الأحداث، مؤكدًا أن إسرائيل لم تتمكن حتى الآن من تحقيق تقدم حقيقي رغم عملياتها الواسعة.
وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يعتمد على استراتيجية “التوغل”، لا “التقدم”، مشيرًا إلى أن القوات الإسرائيلية لم تتمكن من التوغل في المناطق بشكل فعال.
كما أكد أبو زيد أن ما نشهده الآن هو عملية استنزاف متبادلة، حيث اضطرت إسرائيل لإرسال فرق إضافية مثل الفرقة 201، والفرقة 164، والفرقة 48، لمساندة قواتها في جنوب لبنان.
وأشار إلى أن الحديث عن تدمير كامل لقدرات حزب الله عسكريًا قد يكون غير واقعي، حيث أن الحزب لا يزال قادرًا على استهداف مواقع عسكرية حساسة داخل إسرائيل، وأنه يمتلك بنية تحتية قوية تشمل الأنفاق التي يعتمد عليها في عمليات المقاومة.
وأوضح أبو زيد أن المقاومة لا تزال تتمتع بقدرات صاروخية تتيح لها قصف مواقع إسرائيلية، ما يجعل من الصعب على إسرائيل فرض سيطرتها الكاملة.
كما لفت إلى أن الوضع على الأرض يؤكد أن الحزب لا يزال نشطًا، وأن المعلومات التي تتحدث عن تسليم خرائط الأنفاق للجانب الإسرائيلي تشير إلى وجود اختراقات، لكن هذا لا يعني انهيارًا شاملًا للحزب.
استنزاف طويل الأمد ومستقبل الصراع.. بين الحلول الدبلوماسية والتدخلات الإقليمية
مع استمرار النزاع في جنوب لبنان، يبدو أن المنطقة تتجه نحو استنزاف طويل الأمد، حيث تواصل إسرائيل حملتها العسكرية بهدف تدمير قدرات حزب الله.
وفي ظل هذا التصعيد، تظهر علامات على تدخلات قوى إقليمية ودولية تهدف إلى دعم حزب الله وإعادة توازنه، مما يزيد من تعقيد المشهد؛ ليبقى السؤال حول مدى قدرة الأطراف المعنية على إيجاد مخرج للأزمة، خاصة مع احتمالية تمدد الصراع ليشمل مناطق أخرى مثل سوريا، مما يجعل الحل الدبلوماسي أكثر صعوبة.